نادر رونغ هوان يكتب: كيف تساهم الصين في وقف انتشار فيروس كورونا المستجد عالمياً؟


يشكل فيروس كورونا المستجد تحدياً خطيراً لأمن الصحة العامة وصدمة شاملة لأداء الاقتصاد العالمي، ويؤثر تأثيراً عميقاً على الحياة الاجتماعية لكل إنسان على وجه الأرض، في ظل تجاوُز عدد الإصابات المؤكدة 1.2 مليون حالة في أكثر من 200 دولة ومنطقة، وإعلان بعض البلدان "حالة الطوارئ" لمواجهة الوباء.
لقد نجحت الصين في السيطرة على المرض من حيث الأساس داخلياً، بعد أن بذلت جهوداً جبارة، ودفعت حكومةً وشعباً ثمناً باهظاً في هذه المعركة، حيث أحرزت الحكومة نتائج ممتازة في هذا الاختبار أمام شعبها، كما تضامن أبناء الشعب واتحدوا مع الحكومة، فكسبت الصين وقتاً ثميناً للعالم في مكافحة انتشار الوباء، وقدمت له خبرات لا مثيل لها في مواجهة الفيروس.
وأولى الرئيس شي جين بينغ اهتماماً بالغاً للتعاون الدولي في مواجهة الوباء منذ اندلاعه، وظل يتابع تطورات الأوضاع داخل الصين وخارجها، وأصدر توجيهات مهمة بهذا الشأن، وأجرى مكالمات هاتفية كثيرة مع زعماء الدول، لدفع التعاون العالمي لمكافحة الفيروس انطلاقاً من رؤية بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. 
وفي ال20 من يناير، وفي أخطر لحظة من تفشي الوباء داخل الصين، أصدر الرئيس شي جين بينغ توجيهاً مهماً أكّد فيه ضرورة إعلان المعلومات والبيانات المتعلقة بالوباء في وقت مناسب بكل شفافية، داعياً إلى تعميق التعاون الدولي. 
وأكّد المدير التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية مايك راين، أنّ الصين بادرت إلى التعاون مع المنظمة، ودعت الخبراء الدوليين إلى زيارات ميدانية في الداخل، وتشاطرت معلومات التسلسل الجيني للفيروس في أوائل يناير مع المجتمع الدولي، وأغلقت مدينة ووهان بالكامل في يناير لمحاصرة الوباء ومنع انتشاره إلى الخارج. 
وعندما شهد الوضع في الصين تحسناً مستمراً تسارع استئناف العمل والإنتاج، وضغطت الدولة على زر إعادة تشغيل الاقتصاد، لضمان عدم توقف سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، من أجل دعم جهود مكافحة الوباء.
إن الصين، فور تفشي الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد، أعلمت منظمة الصحة العالمية والدول الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، بالمعلومات المتوافرة عن الفيروس، ملتزمة بمباديء الانفتاح والشفافية والمسؤولية، التي شملت الإبلاغ أولاً بأول عن بيانات التسلسل الجيني للفيروس، وتقاسم التجارب مع جميع الأطراف حول السيطرة والعلاج، وتقديم الدعم والمساعدات للدول المحتاجة. 
وحتى يوم 26 مارس، قدمت الصين أربع دفعات من المساعدات إلى 89 بلداً و4 منظمات دولية، كما تبرعت ب20 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية من أجل مكافحة الوباء.
وتنقسم المساعدات الصينية إلى نوعين هما: المواد الطبية وتشمل كواشف الفيروس والكمامات وملابس الوقاية ومقاييس الحرارة وأجهزة التنفس الصناعي، والتقنيات الطبية وتضمنت إرسال البعثات الطبية إلى الخارج مثل إيران والعراق وإيطاليا وصربيا وكمبوديا وعقد اجتماعات الفيديو عن بعد لتبادل الخبرات بين الأطباء والخبراء الصينيين ونظرائهم من أكثر من 100 دولة ومنطقة والعديد من المنظمات العالمية. 
وقد ساهمت في هذه المساعدات الخارجية الحكومة والشركات والمؤسسات الصينية غير الحكومية، وحتى المواطنون العاديون شاركوا بنصيب كبير فيها، حيث تعد هذه المعونات الإنسانية العاجلة الأوسع نطاقاً منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
كذلك بذل العلماء والباحثون الصينيون أقصى جهودهم لتطوير أدوية فعالة لعلاج المرضى ولقاحات آمنة ضد الفيروس، وتمت الموافقة على بدء التجارب السريرية لأول لقاح ضد كورونا الجديد، في منتصف شهر مارس الماضي، وخرجت أول دفعة من المتطوعين من الحجر الصحي بأمان.
وفي قمة العشرين الاستثنائية الافتراضية الخاصة بالوباء، التي عقدت مؤخراً، دعا الرئيس الصيني إلى تعزيز شامل للتعاون الدولي، وطرح أربع مبادرات تتمثل في الكفاح بحزم ضد الوباء والسيطرة عليه، والتنفيذ الفعال لتدابير الوقاية والسيطرة العالمية المشتركة، ودعم المنظمات الدولية بنشاط لأداء دورها، وتعزيز التنسيق الدولي لسياسات الاقتصاد الكلي، ما يضخ ثقة قوية وزخماً كبيراً في التعاون العالمي لمكافحة الوباء في المستقبل.
إن ثمة اعتقاداً راسخاً لدى أوساط الصحة العامة العالمية باستحالة تجنب ظهور الفيروسات والأوبئة، لكن يمكن الحد من انتشارها..
وهذا المبدأ يتعين أن يصبح قوة دافعة لتعزيز التعاون في مواجهة الفيروس، ويجب على المجتمع الدولي التسلح بالتضافر والتضامن في هذه المعركة، وبلورة قوة مشتركة لتحقيق الفوز في هذا الكفاح الإنساني ضد الوباء.