فاجأ جلالة الملك عبدالله الثاني، الصديق قبل العدو، بـ"جرأة "مقرونة بشجاعة معهودة عن شخص الملك، وإصراره على كلمة ( كلا ) للتنازل عن القدس والوصاية الهاشمية عليها وكلا للوطن البديل وكلا للتوطين، بعدما غرق العالم والاقليم والاردن منذ عام بالشائعات والتشكيك بالقدرة على الصمود امام الضغوط الكبرى، التي سيمارسها رئيس اقوى دولة في العالم وسط وضع اقتصادي نازف ومؤلم.
وكشف الملك في غير مرة، ان المملكة تتعرض للضغوط بشأن القدس مشددا على وقوف الشعب معه كان "حاسما"، حيث اكد"لن أغير موقفي".
ليس غريبا، حيث يحتفظ الاردنيون بذاكرة فردية وجماعية عن شفافية الملك (الشخصية) في كافة القضايا من صفقة القرن والملاحضات الصريحة حول "إجازاته" الخاصة ومناقشة احوال الشعب وبأدق التفاصيل حتى الشائعات التي تروج في الشارع والصالونات السياسية وغير السياسية.
واسست الشفافية الملكية إلى حالة خاصة واسست لبيئة اردنية مقصودة و فاعلة لمواجهة واقع جديد، لديه القدرة على مواجهة يوم مثل يوم امس.
اتذكرون، رسائل الملك "الشديدة" التي وجهها وهو يرتدي"الزي العسكري" في 27 اذار 2019، لكل الاطراف في الداخل والخارج الذين يشككون بموقفه وموقف الاردن من القضية الفلسطينية وقضية القدس والمقدسات المسيحية والاسلامية والوصاية الهاشمية.
والمح الملك؛ انذاك الى استعداده للتصدى لأي محاولة لإقامة وطن بديل او "توطين" او المساس بالوصاية الهاشمية في القدس، ومشددا انذاك انه كـ"هاشمي" لا يسمح له بالتنازل عن القدس قائلا ولأول مرة بان استمرار التشكيك بموقف بلاده من الامر لا يخدم إلا "العدو على الحدود"، الذي لم يحدده.
وبدأت خلية الأزمة الأردنية، مواجهة هجمات اليمين المتطرف الاسرائيلي، مبكرا وبسلسلة اجراءات عميقة بهدف إعادة صياغة المشهد تجاه مسألة القدس مع نخبة من كبار ضباط الجيش والأمن ، وانشاء جبهة صلبة وقوية دفاعا عن القدس والقضية الفلسطينية وعن الوصاية الهاشمية فيها.
وتقرر أردنياً خلف الكواليس وقف قنوات الاتصال مع دعاة صفقة القرن في الداخل والخارج وعدم التعامل مع رسائل "جس النبض" التي استخدمها هؤلاء بعدة وجوه واشكال، حيث ابلغ الملك قبل ساعات من مغادرته اوروبا عشية زيارته الاخيرة والتأكيد على ثوابت الاردن التي لها علاقة بتأكيد الموقف الاردني في ملف القدس والقضية الفلسطينية.
واستمر الملك بالتصدي للمشككين قائلا :"بان ذلك لا يخدم مصلحة البلد" ، مستغربا ان يتواصل التشكيك رغم كل التأكيدات.
في قياسات المؤسسة الاردنية الاستراتيجية وليس تكتيكية، ان الوصاية الأردنية في القدس ليست منّة من أي جهة بل حق تاريخي متوارث .
ما لا ينطوي عليه الموقف الاردني "الشجاع" وفقا للمراقبين، إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية في الاقليم وانما التأكيد على الثوابت الاردنية وواجبات الرعاية الأردنية للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، بصرف النظر عن "صفقة القرن" وملاحقها.
تعي المؤسسة الأردنية، سر الغضب الليكودي من القيادة الأردنية، لعلاقته المباشرة بالرفض العلني والصارم لضم الأغوار ولصلاة اليهود في باحة الأقصى وتحرير الباقورة والغمر.