شكلت القضية الفلسطينية محوراً رئيسياً في خطاب العرش لجلالة الملك عبد الله الثاني، حيث جدد جلالته التأكيد على مركزية هذه القضية بالنسبة للأردن، ودعا إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
وافتتح جلالته، الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين بشقيه (النواب والأعيان)، ملقياً الضوء على أهم الملفات الوطنية والإقليمية، ويمثل هذا الخطاب خريطة طريق واضحة المعالم لمؤسسات الدولة.
وحول ذلك، أكد عضو مجلس الأعيان السابق، الدكتور طلال الشرفات أنّ خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة، كان خطاباً شاملاً استعرض فيه كافة التحديات التي تمر بها المنطقة والوطن، وبين جلالته أن القلق الذي يساوره في حجم هذه التحديات يتلاشى أمام عزم الأردنيين الذين كان قدرهم الدائم أن يعيشوا الأزمات وأن يخرجوا منها أقوى من السابق.
وبين الشرفات بأن خطاب جلالة الملك، يلبي طموحات الشعب الأردني، وشمل قضايا متعلقة بالتحديث السياسي والاقتصادي وضرورة الاستمرار الى حين الوصول إلى الحكومات الحزبية ذات الأغلبية البرلمانية، كل هذا الحديث يؤكد أن جلالته يعتني بالشأن الوطني.
وواصل الشرفات بالقول : « أن الخطاب سلط الضوء ايضاً على مواقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية في حرب الإبادة التي تمارس ضد شعبنا الفلسطيني الشقيق في غزة، ومحاولات ضم الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات التي يعارضها الأردن بكل ما أوتي من قوة باعتبارها من المسائل التي تهدد الأمن القومي الأردني.
واضاف ان خطاب العرش كان شاملاً وفاعلاً، وأشر على كل المسائل التي يتوجب على الأردنيين أن يهتموا بها، وان يعبروا عن مواقفهم الأساسية في مسألة خدمة الأردن في كافة المستويات، خدمة الوطن واجب مقدس علينا جميعا، والانتهاكات التي تمارس ضد اهلنا في الضفة الغربية، لن نقبل بها، وسنبقى كما قال جلالته، إلى جانب أهلنا في غزة واننا لا نملك رفاهية الوقت في مسألة معالجة قضايانا الداخلية، وبات واجباً على البرلمان والحكومة أن يمارسوا أدوراهم الدستورية بما يحقق مضامين خطاب العرش السامي خدمة للأردن».
القضية الفلسطينية أولوية
من جانبها قالت عضو مجلس النواب الأسبق، أسماء الرواحنة أنّ القضية الفلسطينية تحتل أولوية قصوى لدى الأردن، وجلالة الملك عبد الله الثاني سواء في الخطابات الداخلية، أو عبر المنصات العالمية، فإنه يؤكد على دور الأردن تجاه القضية الفلسطينية بما يتضمن تسليط الضوء على غزة وما يدور بها من إبادة جماعية، وفي أحاديث متكررة يظهر جلالته دوماً مدى الحب والاحترام لأهل القطاع.
وبينت الرواحنة أنّ الأردن قدم الكثير من المساعدات لغزة، وقدم جهدا دبلوماسيا حيثثا تمكن من تغيير الرأي العام العالمي، وهذا ديدن الهاشميين، ونحن نعتبر الرئة التي تتنفس من خلالها غزة و الضفة الغربية،.
وأشارت الرواحنة الى أن الدور الأردني هو دور تاريخي وهو ليس وليد اللحظة، وهذا يدل على وفاء الهاشميين والأردنيين للقضية الفلسطينية التي لها مكانة كبيرة لدينا.
ثبات الموقف الأردني
وقالت استاذة العلوم السياسية، الدكتورة رشا مبيضين أنّ الخطاب ركز على قضايا متعددة من بينها القضيه الفلسطينية، ومن حيث المعنى والدلالات فالخطاب أكد ثبات الموقف الأردني تجاه فلسطين، وهو يعكس استمراراً لنهج المملكة الثابت في دعم القضية الفلسطينية، ليس فقط على الصعيد الرمزي بل أيضاً على الصعيد العملي من خلال تقديم الدعم والمساعدات، ومن خلال التأكيد على أن لا سلام ولا استقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية. مثلاً، في مناسبات سابقة أشار الملك إلى أن «الحل العسكري أو الأمني للقضية الفلسطينية لن ينجح، والمطلُوب هو حل سياسي على أساس حل الدولتين». وبينت مبيضين : أن جلالة الملك يرسل رسالة إلى الداخل والخارج مفادها أن القضية الفلسطينية هي بُعد أساسي في أمن الأردن واستقراره، وليس مجرد تعاطف أخوي.، فضلاً عن الترابط بين المصالح الأردنية والقضية الفلسطينية، فعندما يقول الملك إن الأردن «لن يقبلْ استمرارَ الانتهاكات في الضفة»، فهذا يتجاوز مجرد تأييد فلسطين ويصل إلى موقف يتعلق بالأمن القومي الأردني. الأردن يرى في استمرار الانتهاكات السياسية والإنسانية في الضفة تهديداً ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضاً للدولة الأردنية من حيث الاستقرار، والتوازنات الداخلية، والواقع الإقليمي. وبينت مبيضين، ان الخطاب أكد على الوصاية الهاشمية على المقدسات، وأحد مفاتيح الخطاب هو التذكير بالدور التاريخي للمملكة – تحت القيادة الهاشمية – في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو ما يعطي للموقف الأردني بعداً قانونياً ودولياً. هذا المكون مهم لأنه يعكس أن الأردن لا ينظر إلى القضية الفلسطينية كقضية خارجية فقط، بل كجزء من التركيبة التاريخية والدينية والجغرافية للدولة الأردنية.
وختمت مبيضين بالقول أن هذا الخطاب في افتتاح البرلمان هو إشارة داخلية أيضاً: أن العمل الحكومي والتشريعي في الأردن لن يغفل الجانب الإقليمي والقومي، وأن العلاقة بين الداخل والخارج أصبحت أكثر تشابكاً. كما أنه يُذكر المجتمع الأردني بأن المشاركة في بناء الدولة تترافق مع الالتزام القومي، بمعنى أن الإصلاح الداخلي لا يُعزل عن الأوضاع المحيطة.
بالخلاصة فإن خطاب الملك عبدالله الثاني اليوم يعكس موقفاً راسخاً وواضحاً للأردن تجاه القضية الفلسطينية، مع تأكيد أن هذا الموقف ليس منّة بل من ثوابت السياسة الأردنية، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها: الأردن يحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الفلسطينيين، وإلى الداخل مفادها: القضية الفلسطينية هي جزء لا يتجزأ من هوية الأردن.