في الذكرى الـ(1500) لميلاد المصطفى

ونحن نحتفل غدًا بذكرى مرور 1500 عام على مولد سيد الخلق أجمعين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ما أحوجنا في هذه الظروف التي تمر بها الأمتان العربية والإسلامية، إلى مراجعة شاملة لحالنا منذ وُلد المصطفى فصرنا خير أمة أُخرجت للناس، وإلى أين وصل حالنا بعد نحو 15 قرنًا من الزمان؟!.. مراجعة بهدف تصويب المسارات والعودة إلى الصراط المستقيم، مراجعة بهدف استذكار الدروس والعبر والاقتداء بكل ما أمرنا به سيد البشرية جمعاء.

بهذه الذكرى العطرة نتوقف عند عدد من الدروس والعبر، لنقيس من خلالها أين وكيف كنّا؟.. وإلى أين وكيف صرنا:

1 - مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إعلانًا عن ميلاد أمة، أراد الله لها أن تكون خير أمة أُخرجت للناس.. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.. دينها دين السلام والرحمة والوئام.. دين فيه الكبير يرحم الصغير.. والصغير يوقّر الكبير.. دين كرامة المرأة فيه مصانة: «ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم».. أما واقع اليوم، فهو يسير عكس كل ذلك تمامًا.. حيث تسود شريعة الغاب ويكثر «الهرج والمرج» وتُقتل النساء والأطفال، ولا كرامة لشيخ، ولا قداسة لدور العبادة من مساجد أو كنائس.. وماكينة القتل لا تستثني طبيبًا ولا مدرسًا ولا طالبًا ولا صحفيًا.. واقع يسوده الدمار، فلا استثناء لبشر ولا حجر.. واقع اقترفت فيه إسرائيل أبشع الجرائم على مرّ الزمان.. وضربت بالحائط كل القيم والدين والأخلاق والقوانين.. فلم يعد يردعها أحد.

2 - في ذكرى المولد النبوي الشريف، نسأل ونتساءل عن الأخلاق، وقد بعث الله نبي البشرية «ليتمم مكارم الأخلاق»، وما افتخر النبي بشيء مثل الأخلاق فقال صلى الله عليه وسلم: «أدّبني ربي فأحسن تأديبي»، ومدحه الله جل وعلا فقال في محكم تنزيله: «وإنك لعلى خلق عظيم».

3 - في ذكرى مولد المصطفى، نستذكر العدالة والنزاهة وحقوق الإنسان التي جعلها الإسلام حقيقة ملموسة، فصارت في زماننا مجرد شعارات انتقائية أطاحت بها آلة الدمار الإسرائيلية لتلقي بها تحت الأنقاض في غزة وجنوب لبنان وسوريا واليمن وغيرها.. وتناضل محكمة العدل الدولية من أجل إثبات «حقّ أبلج» لا تغطيه كل سرديات الكذب و«الباطل اللجلج»، والتدليس واستغفال الرأي العام الدولي، الذي بات أكثر وعيًا وإدراكًا لكل المؤامرات ومخططات التهجير.. وتدنيس المقدسات عن طريق شذاذ الآفاق، من المتطرفين والمستوطنين المغتصبين لحقوق شعب يدافع عن تراب أرضه، وعن وجوده، وعن كرامة الأمة.. شعب يُحاصر ويُجوَّع ويُعطَّش ويُحرَم من كل مقومات الحياة، ويبقى متشبثًا بثرى أرضه الطاهرة.

4 - في ذكرى المولد النبوي الشريف، نستذكر مصدر قوة الأمة - كما حددها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة - فقال عزّ من قائل: «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا».

5 - في ذكرى المولد العطرة، نشير إلى أن قوة الأمة في تكاملها، وفي وحدة مواقفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. في اعتمادها على قدراتها ومقدراتها.. في تنمية ثرواتها الطبيعية التي حباها الله بها - وما أكثرها - تكامل اقتصادي يجعلها قوية في مواجهة التحديات والتكتلات الإقليمية والدولية.

6 - في ذكرى المولد الشريف، نؤكد أن قوتنا بتمسكنا بتعاليم ديننا.. في قرآننا.. وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. وهو القائل: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي» أو «كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

7 - باختصار: في ذكرى ميلاد سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، الدروس والعبر لا تنتهي.. لكن لا بد من التأكيد على أن نجاة الأمة ونصرها لا يكونان إلا بالعودة إلى دينها وسنة رسولها الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، النبي العربي الهاشمي الأمين.

في الذكرى العطرة، نرفع أكف الراحة ضارعين للمولى جلّت قدرته أن ينصر هذه الأمة، ويفرّج كرب أهلنا في غزة وعموم فلسطين، وأن يبقى الأردن أمنًا أمانًا، وأن يحفظ الله ملك البلاد سليل الدوحة الهاشمية وولي العهد الأمين.. وكل عام والأردن ملكًا وولي عهد وجيشًا وشعبًا بألف خير.