الأردن.. حين يتجسد الكبرياء وطن

باسم عارف الشوره 
الأردن ليس حدودًا ترسمها الخرائط، ولا مساحة تُقاس بالكيلومترات؛ إنما هو نبض في الصدور، ووهج في الأرواح، وملحمة تصوغها الأجيال جيلاً بعد جيل. هو الجبل الذي يعلو بكبريائه فوق الرياح، والوادي الذي يحضن السراب ليحوّله ماءً، والصحراء التي تُنبت الكرامة كما تُنبت الزهر من بين الحصى.

في زمنٍ تتلاطم فيه الأزمات، ويُغشى الوجوه غبار الحروب، يقف الأردن كقصيدة لا يغيّر لحنها ضجيج الطامعين. قوته ليست نفطًا ولا ذهبًا، بل عزيمة صلبة في قلب ملكٍ هاشميّ، وإصرار لا يعرف الانكسار في شعبٍ يعرف أن الفقر قد يطرق الأبواب، لكن الكرامة لا تُباع ولا تُشترى.

الأردن هو الحارس الأمين لبوابة القدس، وهو الحضن الذي آوى المستجير، وهو الكفّ التي لم تبخل بالعطاء رغم شحّ الموارد. فيه تتجسّد أبهى صور الإنسانية؛ وطنٌ صغير المساحة، واسع القلب، كبير الرسالة.

أن تكون أردنيًا، يعني أن تكون ابن الكبرياء، وأن تحمل على كتفيك إرث الأجداد الذين سقوا الأرض عرقًا ودمًا. يعني أن تمضي بخطاك ثابتة، ولو ارتجّت من حولك الأرض، وأن تصون عهد الانتماء لا بالكلمات المنمّقة، بل بالفعل الصادق، والعطاء الذي لا ينضب.

الأردن وطن يصنع الكبرياء كل صباح؛ حين ترتفع رايته في السماء، وحين ينهض شبابه بأحلامٍ لا تحدّها الظروف. هو الوطن الذي يعلّمنا أن الضيق يولّد الأمل، وأن الصبر يثمر عزة، وأن الكرامة هنا لا تُفرّط ولا تُساوم.

فلتشهد الأرض والسماء: هنا الأردن، هنا الكبرياء حين يلبس ثوب وطن، وهنا الرسالة التي لا يطويها الزمان.