قبل ظهور الساعات الرقمية والهواتف الذكية، لم يكن من السهل معرفة الوقت. كان الأمر يتطلب أدوات وأفكارًا غريبة أحيانًا، وابتكارات مدهشة تكشف عن مدى براعة الإنسان في محاولاته لفهم الزمن وتنظيمه. من الشموع التي تسقط المسامير إلى الأبراج الضخمة التي تدور بفعل الماء، تعددت الأساليب وتنوعت الثقافات، لكن الهدف كان واحدًا وهو معرفة الوقت. نستعرض في هذا التقرير أغرب وأعقد الطرق التي استخدمها البشر قديمًا لقياس الوقت، قبل أن تهيمن الساعات الرقمية على حياتنا.
ساعة الشمعة في منتصف الظلام في العصور الوسطى في أوروبا وآسيا، كانت الشموع وسيلة لمعرفة الوقت، حيث تُقسَّم الشمعة إلى أجزاء تمثل الساعات. وعندما تحترق الشمعة وتسقط المسامير أو الكرات المعدنية منها على صينية معدنية، تصدر صوتًا يُنبّه الناس أن ساعة قد مرت. رغم بساطتها، كانت هذه الطريقة تعتمد على نوع الشمع وحجم الفتيل، وكانت تحتاج مراقبة مستمرة.
ساعة البخور الوقت يُقاس بالرائحة في الصين واليابان القديمة، حيث استخدم الناس ساعات تعتمد على حرق أنواع مختلفة من البخور، وكل نوع يحترق بمعدل زمني محدد ويُصدر رائحة مميزة، مما يتيح معرفة الوقت من خلال الشم. كانت هذه الساعات تُستخدم كثيرًا في الأديرة البوذية، وكانت تُصنع بشكل فني رائع، على شكل معابد أو طيور، وتجمع بين الوظيفة والجمال.
برج الساعة المائية عبقرية هندسية من القرن الحادي عشر، حيث ابتكر المهندس الصيني سو سونج برجًا يبلغ ارتفاعه نحو 12 مترًا في القرن الحادي عشر. كان هذا البرج يعمل بالطاقة المائية ويضم تروسًا معقدة، ودمى متحركة تُعلن الوقت، وخرائط فلكية تدور بدقة. كان تحفة علمية سابقة لعصرها، لكن لم يستمر طويلًا وتم تفكيكه بعد 35 عامًا فقط.
ساعة الظل استخدم الكهنة في مصر القديمة أدوات تُسمى "ساعات الظل"، وهي عبارة عن عصا ومقاييس محفورة، تتبع حركة الظلال. كان لا بد من إعادة معايرتها كل شهر بحسب موقع الشمس والنجوم. لم تكن هذه الأداة بسيطة كما تبدو، بل كانت تتطلب معرفة فلكية دقيقة.