في ذكرى استشهاد الملك المؤسس

جراب أُدخل فيه سبعة رؤوس.. هكذا وصف الملك المؤسس الشهيد عبدالله الاول جامعة الدول العربية

قد بدأت بهذه العبارة لجلالته في وصفه لجامعة الدول العربية معبرا عن دورها السلبي، وأن لا أثر لها، وهذا الوصف ينطبق عليها الان أيضا منذ أزمة الخليج الاولى والثانية الى الأحداث الجارية الان.

تميز الملك عبدالله الاول بالحكمة ورؤية القادم والتحذير من المستقبل المظلم في غياب الادراك العربي وتجاوز المصالح الشخصية.
أولى التحديات التي واجهها الملك عبدالله الاول هي في مرحلة تأسيس الدولة في الفترة من عام 1921 الى عام 1928، وكانت هذه مرحلة دقيقة، والملفت للنظر أن العديد يتحدث بفخر في أن اول رئيس وزراء اردني هو سوري، وكذلك كان الثاني والثالث والرابع، وجميعهم من حزب الاستقلال السوري، وسيطر هؤلاء الوزراء الاستقلاليين على مقدرات الدولة الاردنية وكانوا يعملون من أجل سوريا ومقاومة المستعمر الفرنسي، واعتبار الاردن هو قاعدة لانطلاق التحرير لسوريا، وكان هناك اهمال كلي للتنمية المحلية، وأيضا كانت هناك الخلافات بكل اتجاه، وحتى أن اسم الحكومة كانت لا تحمل اسم الاردن مطلقا بل اسم حكومة الشرق العربي،

وتمكن الملك "الامير" بتوقيع معاهدة مع بريطانيا في 20 شباط 1928، وقوي مركز الامير السياسي والعسكري، وأنهى وجود حزب الاستقلال نهائيا، ومن ثم صدر القانون الاساسي لامارة شرق الاردن، وغادر كل الوزراء السوريون الاربعة الاردن، وبدأت مرحلة الدولة الاردنية.

الامير عبدالله واجه في البدء قضايا وتحديات تمكن من تجاوزها بحكمة ودراية، مثل مسائل الحدود والغزوات العشائرية وبداية تكوين الجيش والشرطة والعلائق العربية، والقضية الاهم التي واجهها الامير عبدالله في البدء هي وعد بلفور وتبعاته وكيف تمكن الاردن بجهود سموه من استثتاء الاردن من شر هذا الوعد.

وبعد الاستقلال عام 1946 كانت حرب فلسطين 1948، ولهذه قصص ومواقف، وكل الصور التي نشاهدها في ساحات الصراع الآن هي ذاتها التي كانت في ساحة حرب فلسطين عام 1948، وحتى مع تشابه الموقف الاردني الذي دائما يقف مع الحق ونصرة الاشقاء العرب، مع الحفاظ على نقاء الساحة الاردنية وصفاء الموقف الاردني المشرف، وشرح الملك عبدالله الاول معاناته في حرب فلسطين في كتاب المذكرات لجلالته، وكان تركيز جلالته على الحفاظ على القدس، ولكن كانت هناك قضايا شائكة مثل ام المرشرش واللد والرملة وبير السبع وغيرها وكيف فقدت في حرب فلسطين بظروف لا دور للاردن فيها.

تاريخ الملك عبدالله الاول هو التاريخ الحقيقي الذي يشرح ويُشرِح الحالة العربية الان، وهو تاريخ المواقف الاردنية التي ترفض الا أن تكون للعرب وللعروبة.

بدأتُ بعبارة عن جامعة الدول العربية قيلت في بداية التأسيس وبسبب مواقفها الغريبة من حرب فلسطين، وردت في فصل الامة العربية من كتاب الآثار الكاملة في الصفحة 238. وفي الكتاب مصطلحات جامعة تصيب كنه القضايا.

وبعد 74 عاما من الذكرى لا زلنا نراوح انفسنا بين اللاسلم واللاحرب بل نغوص في خسائر الموقف وضياع الانسان والارض، ولعل الشهيد عبدالله الاول يتكرر سياسيا ومواقف ورؤى في عبدالله الثاني، وللحديث بقايا كثيرة.