بعد انسحاب حزب حتوراه الديني "الحريديم" من الكنيست الاسرائيلي،انخفضت اغلبية حكومة نتنياهو الى 61 عضوا،واذا انسحب حزب شاس سوف تسقط حكومة نتنياهو،الذي يقف الان بين ثلاثة مسارات صعبة،الاول ان يرفض كل الجهود والمقترحات لوقف الحرب في غزة،والثاني ان يذهب الى انتخابات مبكرة تكتيكيا،والثالت ان تسقط الحكومة ويضطر للانتخابات المبكرة اجباريا.
لكن نتنباهو امام الضغوط الدولية والداخلية والامريكية للتوصل الى اتفاق ،يسعى ان ينجو بحكومته من السقوط ،ويعمل حاليا على الدفع نحو تأجيل الاتفاق الى ما بعد عطلة الكتيست التي تبدأ في السابع والعشرين من الشهر الحالي وتنتهي نهاية اكتوبر القادم،هذا يعني اننا امام اسبوعين من المناورات والمراغات والتسويف ،من قبل نتنياهو الذي حصل على موافقة ترمب على هذا التأجيل.
واذا تم التوصل للاتفاق خلال عطلة الكنيست،فان استقالة بن غفير وسموتريتش معا او احدهما لن تسقط حكومة نتنياهو.
وسوف يستغل نتنياهو الاسبوعين القادمين ،للضغط العسكري في قطاع غزة، من اجل تحقيق اية انجازات سياسية وامنية على الارض،عجز عن تحقيقها عسكريا حتى الان.
ومن اجل ذلك يطرح نتنياهو افكارا تعجيزية،والصحيح انها مطالب وشروط واملاءات ،لا يمكن ان تأخذ صفة وطابع المفاوضات ،مثل الاحتفاظ بأوسع مساحة ممكنة من قطاع غزة تحت سيطرة جيش الاحتلال،وتجميع غالبية سكان القطاع في منطقة محددة ضيقة اشبه ما تكون بسجن صغير في رفح ،لا تتسع لهم وقوفا ،والسيطرة على توجيه المساعدات والاشراف عليها وادخالها والتحكم بتوزيعها،والتحكم بعملية اعادة الاعمار ،حتى وصل الامر بحكومة الاحتلال ان تعتقل "الحمير" في قطاع غزة،وتنقلها الى دول اوروبية ،كونها وسيلة النقل والتنقل الرئيسية في القطاع،وتعلن حكومة الاحتلال انها لن تبقي على حمار واحد في القطاع ،لمنع نقل اية مواد لاعادة بناء وترميم المنازل التي دمرها العدوان الاسرائيلي.
كل ذلك حتى تمسك اسرائيل بأوراق ضغط مهمة خلال فترة الستين يوما ،فترة المفاوضات الحاسمة لوقف الحرب بشكل دائم.
نتنياهو يقف فوق عدة الغام،فاذا لم يتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين ،سيذهب الى القضاء والسجن بكل تأكيد،والنهاية التراجيدية بانتظاره، وإذا توصل الى الاتفاق فهو اعلان صريح بالفشل والهزيمة ،لانه لم يحق اي انجاز او هدف للعدوان،فلا اسراه تحرروا ،ولا حماس غادرت الدنيا والقطاع ،ولا سكان القطاع انتقلوا الى سيناء ولا الى اية دول اخرى ،اي ان مشروع التهجير الطوعي والقسري فشل ايضا، ووجه غزة بقي كما هو دون تغيير.
بعد غزة امام نتنياهو ثلاث جبهات ،ايران بحجة البرنامج النووي،ولبنان بحجة سلاح حزب الله، وسوريا بحجة حماية الدروز.
لا خيار ولا مفر امام نتنياهو الا وقف الحرب على غزة،لان المؤسستين السياسية والعسكرية في الكيان ضد استمرار الحرب، اضافة الى المعارضة الشعبية العالمية، والجماهيرية الداخلية لاستمرارها، والمطالبة بوقفها ،واستعادة الاسرى الاحياء والاموات الاسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية،والضغوط العربية والدولية والامريكية .
الاسبوعان القادمان ،سوف يكونان الاكثر صعوبة ومرارة وضيقا وعنفا في قطاع غزة،لانهما قد يمثلان ربع الساعة الاخير لهذه الحرب الاكثر وحشية في تاريخ البشرية.