وضع عشرات الخبراء والمختصين كافة القضايا المائية على طاولة البحث والدراسة والمراجعة الدقيقة، خلال ورشة العمل القطاعية الأولى ضمن سلسلة ورشات العمل القطاعية التي انطلقت أمس في الديوان الملكي الهاشمي، وتهدف إلى تقييم سير العمل في رؤية التحديث الاقتصادي، بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاقها بتوجيهات ملكية. بالأمس، وبحرص ومتابعة من جلالة الملك عبدالله الثاني، بدأ الديوان الملكي الهاشمي باستضافة أولى ورش العمل ضمن سلسلة من ورشات العمل القطاعية التي تهدف إلى تقييم سير العمل في رؤية التحديث الاقتصادي، بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاقها بتوجيهات ملكية، لتنطلق بذلك المرحلة الثانية بحضور كثيف من الخبراء والمختصين والإعلاميين والصحفيين، لتقييم هذا المسار الهام ومراجعة ما تم تنفيذه، وستستمر حتى 29 من تموز الحالي. وتهدف ورشات العمل القطاعية المتخصصة التي انطلقت مرحلتها الثانية أمس في الديوان الملكي الهاشمي، لتسريع التنفيذ وتجويد المبادرات لضمان تحقيق أثر ملموس في حياة المواطنين. وناقش المختصون والخبراء تحديات المياه، ومشاكل القطاع، وسبل تجاوزها، وموضوع الناقل الوطني، وفاقد المياه، وأين نقف اليوم، والمطلوب خلال المرحلة المقبلة، والاستفادة مما تحقق ومعالجة أي تشوهات أو تحديات، مؤكدين أن مثل هذه الورشات تشكّل نقطة انطلاقة جديدة أكثر وضوحا وعمقا وتشاركية بين القطاعين العام والخاص، وكذلك مع كافة القطاعات ذات العلاقة كالزراعة والطاقة والبيئة على سبيل المثال. جريدة «الدستور» في متابعة خاصة لأحد الملفات التي نوقشت أمس، وهو ملف قطاع المياه، حضرت جزءا من نقاشات المشاركين، الذين أكدوا أن اختيار قطاع المياه كأول ملف يتم بحثه ومعرفة حجم الإنجاز به مسألة هامة، مستعرضين تحديات القطاع وسبل تجاوزها، إضافة لطرحهم لوسائل يمكن من خلالها تجاوز جزء من تحديات قطاع المياه ومشاكله. والتقت «الدستور» بعدد من المشاركين في ورشة العمل الخاصة بقطاع المياه، الذين أكدوا أهمية ورشات العمل القطاعية، التي ستحدد أين نقف وما هي الخطوة القادمة التي يجب السير بها، مشيرين إلى أن الوضع المائي يواجه تحديات كبيرة، لكن بالوقت ذاته أكدوا على الإنجازات الكبيرة التي تحققت في القطاع المائي. وتناول متحدثو «الدستور» أبرز تحديات المياه في المملكة وعلى رأسها الهجرة القسرية، في ظل وجود أكثر من مليون لاجئ سوري، وكذلك موضوع الفاقد، والتغير المناخي، والاستهلاك الكبير للمياه في الزراعة دون عائد، كاشفين أن الزراعة تستخدم ما يزيد عن 55% من مياه الأردن فيما تقدّم عائدا لا يتجاوز 4.5 في المئة. وردا على سؤال «الدستور» حول المباحثات الأردنية السورية مؤخرا بشأن الوضع المائي بين البلدين، أكد المتحدثون أنهم متفائلون بحذر، إذ على الجانب السوري أن يعالج الكثير من التشوهات بهذا الجانب تحديدا في موضوع السدود التي بنيت وتحرم الأردن من حصته من مياه حوض اليرموك، وأن تسعى سوريا لمنح الأردن حصته المتفق عليها وفق تفاهمات مشتركة سابقة، معتبرين المباحثات إيجابية وتعد بقادم أفضل للواقع المائي. دريد محاسنة الخبير الدولي في قطاع المياه الدكتور دريد محاسنة قال: وضعنا المائي يواجه تحديا كبيرا، وهناك مؤشرات إيجابية، وكذلك مؤشرات سلبية بهذا الواقع، مبينا أن المؤشرات السلبية أبرزها تغير المناخ أثر سلبا، والهجرة القسرية، إذ يوجد في المملكة ما يزيد عن مليون لاجئ سوري يضاف لهم ازدياد عدد السكان، ولكن في ظل وجود مباحثات مع الجانب السوري نأمل أن تصل إلى نتائج إيجابية ونأخذ حقوقنا المائية، فأمن الموارد قضية مهمة. ومن السلبيات، وفق محاسنة، استخدامنا الكبير للمياه في الزراعة دون مردود، موضحا «نحن نستخدم ما يزيد عن 55% من مياهنا في الزراعة، والمردود الاقتصادي منها لا يزيد عن 4.5 % ، إضافة إلى الفقدان بالشبكة سواء بالاعتداء أو من الشبكات القديمة». وردا على سؤال «الدستور» حول المباحثات الأردنية السورية بشأن المياه قال محاسنة: «أنا متفائل بحذر، ذلك أنه في سوريا من الرمثا لدمشق المنطقة مزروعة بالقمح وهذه المزروعات تعتمد على مياه الأمطار، وهذا استهلاك أكبر، وبفترة تجميد العلاقات مع سوريا استباحوا الاتفاقية المائية وبدل بناء 27 سدا وفق الاتفاق، قاموا ببناء أكثر من 40 سدا في حوض اليرموك، وهذه كميات هائلة من المياه، كما أن سد الوحدة الذي يتسع الى 300 مليون متر مكعب لم يكن يصله أكثر من 25 مليون متر مكعب من المياه، ما يجعلنا نتساءل هل بإمكان الجانب السوري اليوم معالجة كل هذه التشوهات ومنع الحفر، ووقف الآبار والسدود؟ فالتفاؤل يتبع قدرتهم على ذلك». وعن المشاركة في ورشات التقييم قال محاسنة: «أنا فخور أن يكون لي مساهمة بها، وكذلك بأني شاركت بإعداد الدراسات ذات العلاقة بالقطاع المائي، فحتما هذه الورشات هامة جدا، ولها عدة عوامل إيجابية أبرزها ربط القطاعين العام والخاص في توفير مشاريع مائية، وكذلك ربط الطاقة مع المياه والزراعة والبيئة، وفي ذلك خطوة هامة، إضافة لكونها فرصة مراجعة كل المنجزات ومحاسبة المسؤولين إذا أنجزوا أو قصروا، إضافة لمعرفة أين نقف وأين نتجه». منجد الشريف من جانبه، قال أستاذ الموارد الطبيعية في الجامعة الألمانية الدكتور منجد الشريف إن الورشة مهمة جدا وتم إنجاز الكثير من المبادرات، والإنجازات، واليوم تتشكل مسافة معينة منذ إطلاق الرؤية لتكون فرصة هامة للتقييم، فكانت جلسات الورشة حاجة مطلوبة حتى نقف لتقييم الأداء والإنجاز، وقد ناقشنا التحديات والخطط والأهداف التي يجب أن نصلها، وشعرت برضا أنه فعليا في قطاع المياه بذلت جهود واضحة، ولاحظت أن قطاع المياه ليس وحيدا فقد شكلت الورشة تشابكا هاما مع الزراعة والبيئة والطاقة فهي كلها متداخلة ببعضها من أجل تحقيق إنجاز مائي، وبالنسبة لنا فإن ترابط هذه القطاعات مسألة هامة ويعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح». وبين الشريف أن هناك مبادرات مهمة وإنجازات في قطاع المياه، «نحن حتما نطمع بالمزيد ولكن إذا نظرنا للفترة الزمنية نجد أن حجم الإنجاز جيد وعدد المشاريع في وضع ممتاز». وأضاف: «لا شك أننا نعاني من تحديات التغير المناخي، فكمية الأمطار هذا العام لا تقاس بالكميات التي نحتاجها، إضافة إلى الهجرات وضيوف المملكة، فكلها تحديات، إضافة للفاقد، ونأمل أن تشهد المرحلة القادمة نتيجة لهذه اللقاءات تحقيق إنجازات أسرع وأن نستفيد من الدروس السابقة». ورداً على سؤال «الدستور» حول أثر المباحثات الأردنية السورية الأخيرة على واقعنا المائي قال الشريف «في الحديث عن سوريا يجب أن نرجع للتاريخ، ففي الفترة السابقة كان هناك ضغط من الجانب السوري، فيما يتعلق بالالتزام في تطبيق التفاهمات المائية المشتركة، إذ كان المفروض أن يبني الجانب السوري 27 سدا و120 مليون متر مكعب تحجز بهذه السدود، لكن ما حدث في الفترة السابقة، قام السوريون ببناء 46 سدا وكانوا يحجزون حوالي 250 مليون متر مكعب، بمعنى أننا كنا نأخذ نصف حصتنا المائية، وعليه فنحن الآن متفائلون في الاجتماعات الأخيرة، وحتما مع استجابة سوريا في تطبيق تفاهماتنا المائية المشتركة سيكون الوضع أفضل».