في ظل تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ الباحثون يدرسون مدى تشابه الروابط العاطفية التي يُشكلها البشر مع هذه التقنيات بعلاقاتهم الإنسانية.
تفاعلات معقدة مع الآلة: نظرية التعلق في مواجهة الذكاء الاصطناعي
في دراسة حديثة أُجريت في اليابان ونُشرت في مجلة "Current Psychology" بتاريخ 9 مايو 2025، طوّر باحثون من جامعة واسيدا أداة جديدة لقياس طبيعة التعلق العاطفي بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. ووجدوا أن بعض الأشخاص يسعون للحصول على الدعم والطمأنينة من أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينما يُفضل آخرون تجنب أي ارتباط عاطفي.
يُشير الباحث المشارك فان يانغ إلى أن أبحاثهم ركزت دائمًا على كيفية تكوّن الروابط العاطفية بين البشر، لكن مع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، التي توفر شعورًا بالأمان لبعض المستخدمين، أصبح من الضروري دراسة طبيعة هذه العلاقة الجديدة.
"مقياس الخبرات في العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي" يكشف عن الأبعاد العاطفية
لإجراء الدراسة، ابتكر الفريق مقياسًا جديدًا أطلقوا عليه اسم "مقياس الخبرات في العلاقات بين الإنسان والذكاء الاصطناعي" (EHARS)، لقياس الميول النفسية والعاطفية التي يُظهرها الأفراد عند تعاملهم مع الذكاء الاصطناعي.
أظهرت النتائج أن نحو 75% من المشاركين استخدموا الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح وإرشادات، مما يُشير إلى أن الكثيرين لا ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي كمجرد أداة معلومات، بل كمصدر للدعم النفسي.
حددت الدراسة بُعدين رئيسيين لفهم العلاقة العاطفية بين البشر والذكاء الاصطناعي:
قلق التعلق: وهو يشير إلى الحاجة المستمرة للشعور بالطمأنينة والخوف من عدم تلقي استجابات كافية من الذكاء الاصطناعي.
تجنب التعلق: وهو يُعبر عن الميل إلى الابتعاد عن الروابط العاطفية مع هذه الأنظمة، وتفضيل التفاعل المحدود والوظيفي.
تطبيقات مستقبلية: تصميم ذكاء اصطناعي أكثر تعاطفًا
تُوضح هذه النتائج أن الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع الذكاء الاصطناعي تتأثر بأنماط التعلق العاطفي لديهم، تمامًا كما يحدث في العلاقات بين البشر. ورغم أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن البشر يُطورون مشاعر حقيقية تجاه الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تُؤكد أن الأطر النفسية المستخدمة لفهم العلاقات الإنسانية يُمكن تطبيقها أيضًا لفهم علاقات البشر بالتكنولوجيا.
بناءً على ذلك، يمكن استخدام هذه النتائج لتحسين تصميم الرفقاء الرقميين أو أدوات الدعم النفسي المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يمكن تعديل استجابات روبوتات المحادثة المستخدمة في علاجات العزلة أو تطبيقات الصحة النفسية لتناسب احتياجات المستخدمين العاطفية المختلفة، مثل تقديم استجابات أكثر تعاطفًا لمن يعانون قلق التعلق، والحفاظ على مسافة مع من يتجنبون التعلق.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمطورين أو علماء النفس استخدام مقياس EHARS لتقييم العلاقة العاطفية التي يُشكلها الأشخاص مع الذكاء الاصطناعي، وتعديل استراتيجيات التفاعل وفقًا لذلك.