الاقتصاد الأردني بين «ربعين»!

..وأعني بالربعين: الربع الرابع من 2023، والربع الأول من 2024، وهما مهمّان جدّا في الاقتصاد الاردني لأنهما يغيّران في مؤشرات الاقتصاد الكلي مع نهاية عام وبداية آخر..وستؤثر مؤشرات الاداء الاقتصادي لهذين الربعين تحديدا على: 

-معدل النمو، مع الاشارة الى أن معدل النمو في النصف الأول من العام الحالي 2023 =(2.7 %). 

-معدل البطالة، مع الاشارة الى أنها في الربع الأول من العام الحالي 2023 = ( 21.9 %). 

بطبيعة الحال ستتأثر جميع المؤشرات الاقتصادية، لكن أركّز على هذين المؤشرين كونهما على تماس مباشر مع ركيزتي «رؤية التحديث الاقتصادي» وهما: رفع معدلات النمو -وخلق مزيد من الوظائف. 

ما يؤثّر مباشرة على الاقتصاد الاردني في الربعين المشار اليهما بالتأكيد «حرب العدوان على غزة»، لأن معظم مؤشراتنا الاقتصادية في بدء العدوان على غزة في 7 اكتوبر/تشرين الاول 2023 كانت ممتازة بل بعضها اعتبرت مؤشرات تاريخية، خصوصا في القطاع السياحي، حيث سجل الدخل السياحي ارتفاعًا بنسبة 37.7 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023.

-العدوان على غزة له آثار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الاردني، خصوصا وأن هذا العدوان من الواضح أنه مستمر حتى نهاية العام الحالي، وبالتالي فالأثر مباشر على مؤشرات الربع الاخير من هذا العام، والتقارير تقول أن العدوان مستمر مع بداية العام المقبل ولذلك فان الآثار الاقتصادية ممتدة أيضا للربع الاول من 2024، وندعو الله أن يتوقف العدوان سريعا، ولا يمتد لأكثر من ذلك، ليس فقط لتأثيرات الحرب الاقتصادية ولكن من أجل وقف نزيف الدماء البريئة التي تسفك على ثرى غزّة وكل فلسطين. 

-الآثار الاقتصادية للعدوان على غزة عديدة من أبرزها: 

1 - تراجع القطاع السياحي: من فنادق ومطاعم ومقاهٍ وصالات أفراح..وإلغاء «جروبات سياحية»، وتراجع كبير في السياحة الداخلية، وغير ذلك. 

2 - تراجع قطاع النقل : الجوي، حيث تراجعت ايرادات «الخطوط الملكية الاردنية» وشركات الطيران المحلية الاخرى، وتعطلت رحلات الطيران منخفض الكلفة والاقتصادي.

3 - تراجع القطاع التجاري (نتيجة المقاطعة الاقتصادية) : وتحديدا في مبيعات المطاعم الكبرى والمحلات والمخازن الكبرى والشركات ذات الماركات العالمية التي تدعم شركاتها الأم العدوان على اسرائيل.

4 - فقدان الوظائف: وتحديدا العاملون في «الشركات والمحلات والمطاعم» التي شملتها المقاطعة الاقتصادية، حيث يتعرض عشرات الآلاف منهم اما للاستغناء عن خدماتهم، أو منحهم اجازات مفتوحة، أو تخفيض رواتب..الخ، اضافة لوظائف أخرى تأثّرت، ومنها :الشباب العاملون بالنقل السياحي وتوصيل طلبات المحلات والمطاعم، وحتى العاملين في تطبيقات «النقل الذكي».

5 - تراجع الحركة الشرائية نتيجة التحوّط وحالة عدم اليقين مما هو قادم مع تطور الحرب على غزة وفلسطين، وأية تطورات محتملة في الاقليم. 

6 - تراجع الحركة الشرائية انعكس على تراجع في الاستيراد ايضا. 

7 - تراجع السوق العقارية بيعا وشراء وحتى بناء.

8 - القائمة تطول..فتداعيات الحرب تنعكس على مجمل الوضع الاقتصادي..ولولا «متانة ومنعة» الاقتصاد الاردني، لكان الأثر السلبي أكبر، لكن الاقتصاد الاردني الذي أثبت منعته وقدرته على تجاوز التحديات والمحن بدءا من «جائحة كورونا «ومرورا «بالحرب الروسية الاوكرانية «، وصولا الى «العدوان على غزة»..الاقتصاد الاردني وبشهادات عالمية قادر ولله الحمد على مواجهة التحديات من خلال ما يتمتع به من: 

- سياستين مالية ونقدية حكيمتين وحصيفتين.

- يؤكد ذلك، الحفاظ على استقرار الدينار واحتياطي من العملات الاجنبية (17.5 مليار دولار) يكفي لأكثر من 7 اشهر ونسبة تضخم هي الاقل في الاقليم وربما في العالم (2.3 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023).

*ولكن المشكلة تكمن مع نهاية العام الحالي بالنقاط التالية: 

-ما تحقق من نجاحات في كثير من القطاعات الاقتصادية سوف يتراجع في الربع الاخير من 2023، ولكن ربما لن يكون التأثير كبيرا مع نهاية العام الآخذ بالعد التنازلي. 

-الخشية، كل الخشية، أن يؤدي طول أمد الحرب العام المقبل لتراجع كبير في الربع الاول -في أحسن الاحتمالات- فينعكس ذلك سلبا على كثير من فرضيات موازنة 2024، ويصعب تعويضها باقي العام المقبل، فيتأثر اقتصادنا سلبا بمعدلات النمو (المقدّرة بموازنة 2024 بنسبة 2.6 %) وترتفع معدلات البطالة. 

باختصار: فإن المطلوب لمواجهة تحديات المرحلة وتحقيق فرضيات الموازنة للعامين 2023 و 2024 مزيد من: (التحوّط -الشراكة بين القطاعين- دعم القطاعات الأكثر تضررا بمتغيرات الاقليم، ويكون ذلك من خلال: (حوافز ودعم مباشر للشركات المتضررة للحفاظ على العمالة +دعم الصناعة الوطنية وتنافسيتها وخلق أسواق تصديرية جديدة + دعم وتحفيز السياحة الداخلية +..العلاجية +ومزيد من الحوافز للاستثمارات والمستثمرين المحليين كما الخارجيين).