التوجيهي وما أدراك ما التوجيهي إنه الرعب المتواصل في بيوت الأردنيين إنه الأمل والرجاء لقلوب الأهالي بنهاية مرحلة مهمة في حياة أبنائهم وبداية مرحلة أهم لا بل هو جواز سفر لبدء حياة جديدة سواء أكانت دراسية أم عملية .
أردنيون كُثر يواكبون وصول أبنائهم إلى مرحلة الثانوية العامة بقلق بسبب عوامل عدة أبرزها الخوف من الفشل، والإعتقاد بأن النجاح في "التوجيهي" يشكل مفتاح النجاح في الحياة، ما يضع التلاميذ وأهلهم أمام عبء نفسي كبير.
فمجتمعنا الأردني يعيش بكل فئاته في كلّ فصل دراسي، حالة تضامنية لا إرادية مع طلبة الثانوية العامة، من بداية الإستعداد للدراسة مروراً بفترة تقديم الإمتحانات، وإنتهاءً بظهور النتائج، وهذا الحال منذ عشرات السنين، رغم محاولات وزارة التربية في تغيير سياساتها إزاء هذه المرحلة بالذات، إلاّ أنّها لم تنجح في علاج (فوبيا) التوجيهي المزروعة في قلوب ذوي الطلبة قبل الطلبة أنفسهم، حتى صارت تسميتها "مرحلة تقرير المصير"، وهي كذلك.
أذكر أني في أولِ يومٍ في امتحانات التوجيهي استيقظت فزعاً من نومي على صوتِ المنبه، كان الفجر يبزغ وصوت الأذان يقول : االله أكبر قلبي كان يدق بشكل كبير يومها لدرجة أجزم فيها أنني كنت أسمع صوت تلك الضربات كنت مستلقيا في فراشي أطالع السقف وأنا أفكر ماذا لو لم ؟؟؟ ماذا لو لم أنجح ؟ ماذا لو لم أستطع أن أصل ؟ هل ستتوقف حياتي ؟ هل هي نهاية الحياة هل سأبقى أتنفس ياترى ؟ مجموعة كبيرة من التساؤلات والتصورات والتخيلات كانت تنتابني.
أذكر أنني قرأت في تلك الليلة وأنا مستلقي في تلك الغرفة التي أصبحت داري وحالي وحياتي قرأت وأنا أخذ راحتي من ذلك الكتاب المرعب أن الثانوية العامة قضية لا تعنيك وحدك، والمعركة ليست معركتك أنت فقط، فهي قضية أمك التي تراها في عينيها كلما رأيتها. إنها معركة أبيك الذي عاش عمره كله من أجل لحظةٍ تاريخية هي لحظة نجاحك ليقول للعالم أجمع بكل فخر: "هذا هو ابني فأين أبناؤكم" نعم إنها قضية عائلة بأكملها، قضية إخوانك وأخواتك اللاتي ينتظرن لحظة نجاحك ليروينها لصديقاتهن بكل فخر.
قرأتها وأحسست ببرودة في أطرافي برودة لم أعهدها من قبل وأتت اللحظة الحاسمة في تقديم الامتحانات مرت الأيام والأسابيع لا أقول إنها كانت سهلة لا أبدا لكنني أجزم انه وبعمري هذا إذا ماقررت أن أعيد تلك المرحلة وذلك الإمتحان سأشعر تماما بتلك البرودة وذلك الخوف.
وبعد معاناةٍ كبيرة وتعبٍ شديد شارفت الرحلة الشاقة القاسية على الإنتهاء، إستيقضت من نومي لكن هذه المرة ليس فجرا بل على صوت أبي وهو يبشرني بالنجاح وعلى دموع أمي وزغاريدها وسعادة لم أرها من قبل على اصوات اخواني وخواتي وهم يصيحون بأنني نجحت نعم نجحت .
في تلك اللحظة إستذكرت ماقرأته في إحدى تلك الليالي المرعبة من أيام الإمتحانات .
لم أفرح لنفسي فقط بل لأن للنجاح شركاء هم سببه يستحقون أن تفرح لأجلهم لا لنفسك. كل شيءٍ ذهب الجهد، التعب، السهر، الحرمان، الألم، وحدها فقط حلاوة النجاح هي التي تبقى شاهدةً على جهدٍ كبيرٍ بذل ولم يذهب هباءً فحلاوة النجاح تنسيك كلَّ ألمٍ كنت قد تجرعته.
كونوا مؤمنين بأنفسكم بقدرتكم إن لم تفلحوا مرة هذا لا يعني نهاية العالم أبدا الإصرار على المواصلة له لذة لا توصف . أمنياتنا بالتوفيق للجميع