صبرا أيها الأردنيون فإن موعدكم الجنة

خطابات رنانة، تصدر ما بين الحين والآخر من مسؤولي الدولة، بحكومتها، أعيانها ونوابها، بأن الهم الأول لهم هو توفير حياة كريمة للمواطن الأردني وتقديم كافة السبل والخطط الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية وغيرها، للوصول إلى هذه الحياة الكريمة "الموعودة" من هذه الجهات، وان غالبية هذه اللقاءات تكون التصريحات بروتوكولية، شعبوية وعاطفية. عشرات الآلاف من الوعود والأوهام الحكومية الحالية والسابقة، يلاحقها المواطن الأردني للعيش بكرامة، تتناسب طرديا مع حماسة هؤلاء المسؤولين أمام الشاشات والتجمعات العامة وحتى في جاهات الخطبة والزفاف أصبح طالب العروس يتحدث سياسة واقتصادا ثم يعرج على طلبة العروس المكتوب كتابها أصلا قبل تلك الجاهة . دولة بكافة مقوماتها من حكومة، أعيان، نواب وغيرها، وضعت في سبيل ذلك العيش الكريم الموعود ولكن الحقيقة "مكانك سر"، فهي مجرد أحلام يقظة لا توجد على أرض الواقع، ولنعد قليلا في الزمنن إلى الوراء لنجد تلك الخطابات "النارية" التي أطلقها أعيان ونواب الأمة عند مناقشة مشروع الموازنة ورد الحكومة عليها "ذهبت مع الريح"، فلا مطالب تحققت ورخاء حصل وكل ما في الأمر زيادة أعباء الموطن وهمومه. فليتلطف هؤلاء السادة من عليه القوم من الحكومة، الأعيان، النواب وكافة أجهزة الدولة التي تتحدث أمام جلالة الملك دوما أنها تعمل على راحة المواطن وتوفير الحياة المثلى له، وليذهبوا جميعا إلى المحافظات خارج العاصمة التي جعلوها هي الأردن فقط، حتى يروا بأنفسهم حجم التردي الكبير في عيشة المواطن الأردني وانعدام الخدمات وانهدام البنى التحتية، وغياب العدل، المساواة، تكافؤ الفرص وغير ذلك، حتى باتت كثيرا من مناطقنا الأردنية في محافظاتنا عبارة عن "قرى صومالية". فحجم البطالة ليس كما تزينه إحصاءات الدولة وتعلن بأنه يقارب 23 % في وطن يعرف الكل بعضه، والفقر اليوم أصبح "ماركة مسجلة" باسم الأردنيين جميعا، يتعايشون معه كمرض السكري الذي لم يعد له حل إلا التعايش معه والرضى بالأمر الواقع، فهل تعلم الحكومة واعيان الدولة ونواب الشعب عن تلك العائلات التي باتت تستدين "ربطة" الخبز من أفران مناطقهم؟، هل يعلمون عن أولئك الأطفال الذين يمشون في الطرقات بلا أحذية وفي أوقات بلا ملابس؟، هل يعلمون أن عديد العائلات الأردنية باتت لا تستطيع كسوة أبنائها؟ هل لديهم إحصائيات عن عدد الطلبة في المدارس الذين يذهبون لمدارسهم دون مصروف شخصي؟، هل يعلمون عن فواتير الكهرباء والمياه المتراكمة عليهم وعدم قدرتهم على تسديدها لعدم وجود دخل؟، هل يعلمون عن آلاف الشباب الذين يفترشون طرقات القرى والبوادي والمخيمات بلا عمل؟، هل يعلمون عن عدد العائلات التي عادت للسكن في بيوت الشعر والخيم لعدم مقدرتهم على دفع إيجارات السكن؟، هل تعلمون ما معنى أن يقوم الأردني في كثير من الأحيان بعدم الذهاب للعمل لعدم مقدرته على توفير أجور تنقلاته من مكان سكنه إلى العمل؟ هل تعلمون عن عدد الأسر التي تفككت وانهارت بسبب الأوضاع الاقتصادية؟ هل تعلمون ماذا يعني ارتفاع سلعة على المواطن الأردني الذي لا دخل له؟ هل تعلمون عن عدد أبناء الوطن الراغبين بالهجرة عن وطنهم غير "قتيبة"؟. لقد سمعنا من الدولة وحكومتها وأعيانها ونوابها تصريحات وحلولا ووعودا جعلتنا كأردنيين "كالمبشرين بالجنة"، لكن الواقع أن الأردني يرزح تحت نير الفقر والبطالة وتآكل الدخل وسيطرة عجلة التضخم وارتفاع الاسعاروتردي الخدمات وتراجع مستوى المعيشة وانحسار التنمية الشاملة بعمان وكأن باقي المحافظات ومناطقها زوائد غير مرغوب بها في جسم الوطن ولا ضير من استئصالها. اليوم المواطن ترك وحيد في مواجهة أعباء الحياة، وعليه أن يتألم دون صوت أو أنين وان لا يشتكي وإلا كتب عند الدولة من "المعارضين" المغضوب عليهم، اليوم كل الخطط الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية وغيرها من خطط الدولة وحكوماتها باتت حبرا على وورق كما وعود "عرقوب"، والحال يضيق يوما بعد يوم، في وطن أصبحت الحكومات فيه صانعة "للكروب" التي يعيشها الوطن والمواطن، فكلما ضاقت على الحكومة ذهبت إلى جيب المواطن ولسان حال الأردنيين اليوم "صبرا أيها الأردنيون فإن موعدكم الجنة". ملاحظة: التخمة الوحيدة التي يعاني منها الوطن هي المسؤولين الذين بلا فائدة.