بات معروفًا لدى الجميع أن ما يزيد عن نصف طلبة الصفوف الأولى لا يفهمون ما يقرؤون!! وأن فقر التعلّم يعني عدم الفهم!
فمن طلبتنا من لا يقرأ، ومنهم يقرأ بصعوبة، وأكثرهم لا يفهم ما يقرأ! ومع ذلك نقول: طلبتنا فقراء في تعلّمهم! بل تفاخَرَ مسؤولون بذلك، ولم يفعلوا شيئًا! بل حمّلوا الطلبة وأسُرَهم مسؤولية الفقر، وكأنهم يتحدثون عن الفقر الاقتصادي! قالوا لهم: ادرسوا ! احفظوا! تمامًا كما قالوا للفقراء: اذهبوا واشتغلوا، ودعْكُم من ثقافة العيب!
تذرّع المسؤولون عن الاقتصاد، والعمل بثقافة العيب، فلماذا يتذرع مسؤولوالتعليم؟ تبادلت الجامعات والمدارس التُّهَم، قالت الجامعات: ما ترسلونه إلينا من خريجي التوجيهي لا يعرفون شيئًا يعني"فقراء"، وقالت المدارس: إن خريجي الجامعات هم"الفقراء"! تبادلنا التُّهَم، وزاد الفقر! ولولا بعض مشروعات اليونسيف وغيرها لما فعل أحدٌ شيئًا! وحتى هذه المشروعات لا تنفذ إلّا وفقَ وعي مسؤولين لا يعُون! ولا يهتمّون!
هذا كله معروف! لكن ما ليس معروفًا هو أنّ فقر التعلّم ناتج عن محفل واسع من الفقراء يضم:
فقراء الإدارة التربوية، وهم الأشدُّ فقرًا، يليهم فقراء المناهج، وهم يلامسون خطّ الفقر، ثم فقراء من الخبراء من مسؤولين سابقين ولاحقين"؛ لأننا مستمرون بالمنهج نفسه"، وفقراء التدريس حيث ينحدرون عن خط الفقر، ثم فقراء البيئة المدرسية!
إذن: يتنوع الفقراء على الرغم من وحدة المصدر! مصدر الفقراء سيداتي سادتي، هو غياب إرادة التغيير،! يشكلون لجانًا لا علاقة لها بالتغيير، ولن أسميها خوفًا من المسؤولية، لكن بإمكانكم استنتاج ذلك من الأسئلة الآتية:
• هل أوقفنا المحاولات لإجبار السَّمكة على الصّعود إلى قمّة الشجرة؟
• هل تحسّن أداء طلبتنا في الاختبارات الدوليّة حيث التفكير؟
• هل بدأ طلبتنا يشكّون وينقدون؟
• هل قدّمنا كتبًا رشيقة؟
• هل ساهمت الكسور المئويّة في حل مشكلات القبول الجامعي؟
• وهل سيحل تغيير السّلّم التعليمي قضايا التفكير والإبداع؟
• هل تغيرت ثقافة المعلم؟
طبعًا يحق السؤال: هل استمتع الطلبة بما يتعلمون؟ أم هل شاهدنا مسؤولًا يدير عمله بكفاية! وهكذا، لدينا فقر سياسيّ وفقر إداريّ، وفقر فنيّ، وفقر تدريسيّ، وفقر أخلاقيّ"بمعنى الإهمال وانعدام الحس بالمسؤولية!
وفي المقابل: لدينا غنًى في النفاق! وغنًى في التدوير! وغنًى في التمادي في عدم الاستماع! وغنًى فاحشٌ في سوء اختيار التربويين! ومع ذلك لا نفقد الأمل! لعل معجزة تحدث!!