التعريب في ذكراه 66

هو قرار شجاع حكيم, من ملك حباه الله بالصدق والصبر وبعد النظر, قرار سيادي أعطى للاستقلال معناه ومبتغاه, وجاء في ظل ظروف غاية في الدقة والخطورة, ولكنه كان ضرورياً في وقت اشتدت فيه الحاجة للخلاص من كل الإملاءات والتدخلات الأجنبية في القرار السيادي للدولة الأردنية, أنه قرار الحسين رحمه الله بتعريب قيادة الجيش والخلاص من كل أشكال التبعية والوجود البريطاني المتمثل بوجود الجنرال جون باجت كلوب كرئيس لهيئة أركان الجيش العربي ومعه عدد من القيادات الإدارية والميدانية, وتحديداً في إدارات العمليات والاستخبارات وغيرها الكثير, وتسليم هذه المناصب للضباط الأردنيين الذين حرموا منها منذ بدايات تشكيل نواة الجيش العربي عند تأسيس الإمارة حتى حان الوقت الذي قرر فيه الحسين القائد الملهم, أن يتخذ بعض الإجراءات الضرورية في مناصب الجيش ونفذها متوكلاً على الله العلي القدير, متوخياً مصلحة الوطن العليا فجاء قرار القائد الواثق بنفسه وشعبه وجيشه ليطوي صفحة غير مرغوب بوجودها في تاريخ هذا الحمى العربي الهاشمي الأصيل, فمنذ ذلك التاريخ الذي أحتفل به الأردنيون وأحرار العرب, اكتملت بهجة الاستقلال وتنادى ضباط الجيش العربي من أبنائه الذين صبروا وصابروا ورابطوا وهم يخوضون لضى المعارك دفاعاً عن شرف الأمة وكرامتها وعزتها بالنهوض بالوطن, وبناء قدراته ومؤسساته فكانوا حاضرين مع أخوانهم من مختلف الرتب في شتى ميادين التنمية الوطنية الشاملة, وأشاعوا روح البذل والعطاء والتفاني في حمل أمانة المسؤولية, وكانوا وما زالوا على العهد والوعد, يفدون الوطن بالمهج والأرواح ويقفون بكل شموخ الجندية وكبريائها سداً منيعاً في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن .

 

لقد جاء قرار الحسين رحمه الله بتعريب قيادة الجيش ليفتح الطريق أمام أبناء الجيش العربي في الإبداع والتميز والاحتراف والتوق نحو بناء قدراتهم في شتى الميادين العملياتية واللوجستية والتدريبية, وبناء علاقات مميزة مع جيوش العالم, واستثمار كل فرصة تتاح للأعمار والبناء والتزود من المعرفة وتبادل المعارف والخبرات, حتى أصبح هذا الجيش الذي رعته قيادته الهاشمية المباركة المثل والقدوة في الإيثار ونكران الذات, وهو يواصل مسيرة التشكيل والبناء والتسليح والتدريب والمساهمة في حفظ السلام وإشاعة كل أخلاق الجندية ونواميسها في شتى بقاع العالم, وكان كما هو العهد برجاله عاملين ومتقاعدين وأولئك الشهداء الذين كرمهم الله وأختصهم بهذه المنزلة عنده, الأوفياء المخلصين لدينهم وأمتهم وقيادتهم ووطنهم, فهم هيبة هذا الوطن وعنوان أمنه واستقراره, رفاق درب قائدهم الأعلى الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه, وهو الذي يرعى شؤونهم ويتابع مسيرتهم المباركة فهو رفيقهم في ميادين الشرف والكبرياء والرجولة هذا هو الجيش العربي سيف البلاد وصوتها وقرة عين مليكها, وسيبقى الشوكة التي تدمي حلوق وقلوب كل المغرضين والحاقدين والمتربصين بأمنه واستقراره .