شركة الكهرباء ما لها وما عليها

 لا شك أن شركة الكهرباء تتحمل جزءا من المسؤولية الفنية عما حصل خلال العاصفة الثلجية، وقد جاء اعتذارها بشكل رسمي متسقا مع الأخطاء التي تحدث دوما في منظومتنا العامة، فيما هناك من يدير ظهره لأي مشكلة مهما كانت كبيرة أو خطيرة ولا يعترف بها وكثيرون أفلتوا من العقاب ولم يهتموا حتى لمشاعر المواطنين، ولكن هل المسؤولية تقع على عاتق الشركة فقط أم أن المسؤولية تتوزع على أطراف متعددة وإليكموها..

في عمان العاصمة والمدينة الأكبر والتي تضم أكثر من أربعة ملايين ساكن، لا تزال بعض أجهزة أمانة عمان متراخية عن تقديم الخدمات في البنية التحتية، والكوادر التي كانت مسؤوليتها هي أن تجوب الشوارع منذ فصل الصيف وتقوم بتقليم الأشجار الضخمة والطويلة جدا والصغيرة منها التي باتت موانع سير عبر الأرصفة، ولكن الازدواجية البيروقراطية بين الإدارات الرسمية منعت أي عمل لإزالة المعيقات الشجرية التي تداخلت فيها شبكة الكهرباء مع شبكة الاتصالات الهاتفية، ولا يزال المشهد واضحا في كل شارع نمر به، فيما تقاذف مسؤولية الاختصاص ما بين الإمانة ووزارة الزراعة كان مانعا لأي تصرف خشية من الغرامات التي تتحقق على أي شخص يقطع شجرة بمبلغ لا يقل عن خمسمئة دينار.

وحتى لا نُحمل المسؤولية فقط لأجهزة الأمانة والبلديات الأخرى التي لم تقم بواجبها أو وزارة الزراعة التي تنتهج منهجا قانونيا في الحفاظ على الثروة الحرجية، فإن العشوائية عند عديد من المواطنين ونحن منهم في زراعة الأشجار دون اعتبار للمساحات والارتدادات، حتى نرى حدائق معلقة في قصور وفلل محاطة بالأسوار والأرصفة، وقليل منهم من يبادر الى تقليم الأشجار، حتى أن الأرصفة لم تعد للمشاة بل للمزروعات ومواقف للسيارات، وهذا يستوجب إجراء فورياً لتنظيم عمليات الزراعة، كما تم سابقا من اجتثاث لأشجار الزيتون في مراحل سابقة.

في مشاهدتي الشخصية على الأقل كانت فرق طوارئ الكهرباء تعمل ليل العاصفة، حتى أن كوادر الشركة باتت تتقي البرد والثلج في أحد المساجد حتى طلوع الفجر في تأهب للتدخل بإصلاح الأعطال المبلغ عنها، وكل أولئك الموظفين كانوا يخاطرون بحياتهم لإصلاح الأضرار، فيما الأشجار الباسقة تحطمت وسقطت لعدة أمتار على أسلاك الشبكتين، ولا تزال حتى اليوم جاثمة ولم ترفع، وهذا شكل خطرا على حياة المواطن وكادر الشركة، وفي النهاية هم بشر يصيبون ويخطئون.

أما فيما يتعلق بالانهيارات التي وقعت في عدة مناطق فقد شكلت خطورة أكبر، حيث الحفريات ظهرت ملاصقة لأعمدة الكهرباء ومنها ما كان متوقفاً العمل بها، ما ساعد على إنزياح لأرصفة الشارع وانهيار التربة نتيجة غزارة الأمطار والثلوج، وقد تابع الكثير من المشاهدين ثلاثة مواقع في العاصمة لوحدها في صويلح وطبربور وحي الدبايبة، وجميعها تتمركز على حواف انزلاقات متوقعة.

أما عن الأخطاء البشرية فلن نعددها، ولكن رغم تحذير الأمن العام ودائرة الأرصاد الجوية من الخروج إلا للضرورة، فقد باتت الشوارع ملعبا ومضمارا للمركبات التي زادت الطين بلة، فالحوادث الخطرة وجنوح المركبات بأنواعها وسط شوارع رئيسة وفرعية، لم تترك فرصة لسيارات الإسعاف والدفاع المدني وآليات الأمانة وشركة الكهرباء، وحتى اليوم لا تزال الثلوج متراكمة على شوارع فرعية وتعطل مداخل البنايات، فيما الأشجار المتساقطة تعيق الحركة، فلماذا نتناسى تلكؤ المؤسسات المعنية ونحمل المسؤولية لجهة واحدة.

بصراحة، جميعنا لا يحب فواتير شركة الكهرباء، ولكن على الأقل هناك من العاملين في الشركة بذلوا جهودا عظيمة في ظل عاصفة كشفت سوء البنية التحتية، رغم أننا مع حق المواطنين الذين تضرروا.