د. ليث كمال نصراوين
صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على تعديل الدستور الأردني لعام 2022، حيث جرى نشر هذه التعديلات في الجريدة الرسمية وذلك تمهيدا لدخولها حيز النفاذ. ويبقى التساؤل الأبرز حول التوقيت الزمني لبدء العمل بهذه التعديلات، وفيما إذا كانت تعتبر سارية المفعول من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية.
ومن خلال استعراض مضمون هذه التعديلات كما نشرت في الجريدة الرسمية نجد بأنها لم تتضمن نصا صريحا يحدد تاريخ بدء العمل بها، وذلك على خلاف التعديلات الدستورية لعام 2011 التي نصت في المادة (37) منها بالقول "يعمل بهذا التعديل اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية". وهو الحكم ذاته الذي ورد في المادة (3) من تعديل الدستور لعام 1984، والمادة (3) من تعديل الدستور لعام 1974، والمادة (2) من التعديلات الدستورية للأعوام 1960 و1965 و1973. كما تكرر هذا الحكم في المادة (13) من تعديل الدستور لعام 1958.
في المقابل، فإن تعديل الدستور لعام 2022 جاء مشابها للتعديلات الدستورية لعامي 2014 و2016 من حيث عدم إيراد نص واضح صريح يتعلق بتاريخ سريان تلك التعديلات ودخولها حيز النفاذ.
ولغايات تحديد تاريخ نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2022 يجب الرجوع إلى المادة (126/1) من الدستور التي تنص بالقول "تطبق الأصول المبينة في هذا الدستور بشأن مشاريع القوانين على أي مشروع لتعديل هذا الدستور". وفيما يتعلق بنفاذ مشاريع القوانين، نجد بأن المادة (93/2) من الدستور قد نصت صراحة بالقول "يسري مفعول القانون بإصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية إلا إذا ورد نص خاص في القانون على أن يسري مفعوله من تاريخ آخر".
إن الأصل أن يجري تحديد تاريخ معين لنفاذ الدستور أو أي تعديل لاحق عليه. وهذا ما أخذ به المشرع الدستوري عند إصداره الدستور الحالي في عام 1952، حيث نص في المادة (130) منه بالقول "يعمل بأحكام هذا الدستور من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية". كما نصت المادة (1) من دستور عام 1946 بأنه يعمل به بعد مرور شهر على نشره في الجريدة الرسمية.
وحيث إن التعديلات الدستورية لعام 2022 لم تحدد تاريخا معينا لبدء العمل بها، فيكون نفاذها وفق القواعد العامة لسريان القوانين، والمتمثلة بثلاثين يوما بعد نشرها في الجريدة الرسمية وذلك بدلالة المادتين (126/1) و(93/2) من الدستور.
إن الفائدة المرجوة من تأخير نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2022 لمدة شهر كامل تتمثل في تمكين الحكومة من بدء العمل الفوري على حصر القوانين النافذة التي أصبحت في حالة تعارض مع النصوص الدستورية المعدلة، وأهمها قانون الهيئة المستقلة للانتخاب فيما يتعلق بصلاحيتها الدستورية الجديدة في النظر بطلبات تأسيس الأحزاب السياسية وقانون المحكمة الدستورية.
كما تعتبر مدة الشهر لغايات نفاذ التعديلات الدستورية فرصة لمجلسي الأعيان والنواب لإجراء التعديلات القانونية المطلوبة على النظام الداخلي في كل مجلس بما يتوافق مع الأحكام الدستورية الجديدة، وذلك فيما يخص مذكرة طرح الثقة بالنسبة للسادة النواب ومدة رئيس المجلس، وتشكيل اللجنة المشتركة لبحث المواد المختلف عليها في مشروع أي قانون قبل انعقاد الجلسة المشتركة.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية