بين إضافة (الأردنيات) و(سيداو)

صوّت مجلس النواب بأغلبية أعضائه لصالح إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور، منهيا بذلك حالة من الجدل والاشتباك الإيجابي بين رجال القانون والسياسة والمهتمين بالشأن العام. فقد أدلى كل فريق بآرائه وأفكاره التي تدعم وجهة نظره، والتي وصل حدها لدى البعض إلى ربط هذا التعديل بضغوط خارجية وأجندات دولية متعلقة بتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تعرف باتفاقية "سيداو".

 

إن الرد على هذه المزاعم يكون من خلال بيان الحقائق التاريخية المرتبطة باتفاقية "سيداو"، التي جرى إقرارها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979، وانضم إليها الأردن في شهر تموز من عام 1992. وقد رافق انضمام الأردن إلى هذه الاتفاقية فرض ثلاثة تحفظات على نصوصها القانونية، يتعلق التحفظ الأول بما قررته المادة (16) من الاتفاقية التي تفرض على الدول الأطراف المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وتقرير الحقوق والمسؤوليات ذاتها للرجل والمرأة أثناء الزوج وفسخه، واعتبارهما أبوين للأطفال بصرف النظر عن طبيعة علاقتهما وحالتهما الزوجية.

أما التحفظ الثاني، فيتعلق بالمادة (15/2) من الاتفاقية التي تلزم الدول الأطراف بمنح المرأة الحقوق ذاتها المقررة للرجل فيما يخص حرية التنقل واختيار محل السكن والإقامة. وقد جرى سحب هذا التحفظ في عام 2009 بموجب قرار مجلس الوزراء وإرادة ملكية سامية.

أما التحفظ الثالث الذي قدمه الأردن عند التوقيع على اتفاقية "سيداو" فيتعلق بالمادة (9) منها التي تفرض على الدول الأطراف أن تقوم بمنح المرأة حقا مساويا لحق الرجل في منح الجنسية لأطفالها. وهذا التحفظ ما زال قائما حتى اليوم رغم مرور ثلاثين عاما على توقيع الأردن على الاتفاقية المذكورة.

إن أي رغبة رسمية في تقرير الحق للمرأة الأردنية بمنح الجنسية لأولادها أسوة بالرجل سيسبقه بالضرورة رفع التحفظ الوطني عن المادة المعنية في اتفاقية "سيداو"، وأن هذا القرار ليس بحاجة لانتظار إضافة كلمة "الأردنيات" إلى الدستور. فالدولة الأردنية قد سحبت تحفظها على المساواة في الحق في التنقل واختيار مكان السكن بالاستناد إلى النصوص الدستورية الحالية. فلو كان القرار الوطني بتقرير المساواة في الحق في الجنسية لأقدمت الدولة الأردنية على سحب تحفظها على المادة (15) من اتفاقية "سيداو" منذ أكثر من ثلاثة عقود، ولكان قرارها مستندا على النصوص الدستورية الحالية، ولما كانت مضطرة إلى الانتظار لحين إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور. فالجنسية الأردنية قد قررتها المادة (5) من الدستور بأنها تنظم بموجب قانون خاص، وأن هذا القانون قد صدر في عام 1954 ولم يتم تعديله منذ الانضمام لاتفاقية "سيداو". بالتالي، لن يكون لإضافة كلمة "الأردنيات" أي تأثير على هذا التشريع الوطني.

في المقابل، فإنه ليس بالأمر الخفي أن اتفاقية "سيداو" أوصت في العديد من التقارير التي صدرت عنها أن يقوم الأردن بتقرير مبدأ المساواة بشكل واضح وصريح في كافة المجالات، وليس فقط فيما يخص الحق في منح الجنسية، حيث اقترحت لهذه الغاية إضافة كلمة "الجنس" إلى المادة (6/1) من الدستور ذات الصلة بالحق في المساواة. وهذا المقترح جرى تقديمه في السابق إلى اللجنة الملكية لمراجعة الدستور الأردني في عام 2011 دون جدوى، وأعيد إرساله إلى اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021 الذي رفضته رفضا مطلقا.

إن ما اقترحته اللجنة الملكية بخصوص إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور - والذي وافق عليه مجلس النواب - يدخل ضمن مفهوم تمكين المرأة، وتماشيا مع النص الجديد في المادة (6) من الدستور المتعلق بفرض الالتزام على الدولة بتمكين المرأة، ودعمها على أساس تكافؤ الفرص والعدل والإنصاف.

 

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com