فيصل تايه
من مجمل تفاصيل الحياة اليومية ، مشاهد ثنائية متقاطعة ومتضادة لا تلتقي اطلاقا ، كالحب والكراهية او التباعد والتقارب وحتى الامن والسلام والفوضى والحروب والاستبداد والديمقراطية وغيرها الكثير الكثير ..
فعندما يكون للأولى حضور ، يكون للثانية غياب ، بمعنى آخر عندما تطوق المحبة قلوب الأسرة والعائلة والعشيرة والمجتمع ، تنقرض الكراهية التي لن يكون لها وجود إلا في القلوب المقيته والنفوس المريضة ، والعكس هو الصواب ..
طبيعة النفس البشرية عجنت على المحبة ، وتشبعت بالطيبة والتسامح ، فالحب ، قوة دافعة ، وطاقة خلاقة للانطلاق في فضاءات رحبة ، وعوالم بيضاء ناصعة لا مكان فيها للنفور والبغضاء ، وكل ما فيها يتدفق بالسرور وإشراقات البهجة والفرح .
معظم المفكرين والفلاسفة وعلماء الاخلاق والنفس ، يتفقون أنه بدون حب لا يكون للحياة معنى ، حيث تُجدب الحياة وتتصحر المشاعر ، فالحب هو الذي يجعل الطيور تحلّق عالياً في السماء ، وتنتقل من غصن إلى آخر في زقزقة محببة ومرح عفوي بريء .
أما البغضاء والكراهية فهي مرفوضة ، لا ترغبها النفوس المحبة للحياة، والعاشقة لأوطانها ، اما ثقافة الكراهية المنتشرة وللاسف هذه الأيام ، مشاهدها جمه ، نتخاصم فيما بيننا ، ونزرع البغضاء في نفوس ابنائنا ، ونمارس التخوين ضد من يخالفنا في آرائنا وقناعاتنا ، ونخرج عن ولاءاتنا وندمر منجزاتنا ، ونسميم علاقاتنا ، ونأزم أوضاعنا ، ونغتال حياتنا ، ونحرق ورودنا وزهراتنا ، وننكأ أوجاعنا وجراحاتنا ، ونزيف آلامنا وآهاتنا ، وجمر انفعالاتنا وعداوتنا ، وسخونة مشاعرنا وعَبرَاتنا ، واجترار مصائبنا ونكباتنا ، هي تلكم أجندة الكراهية البغيضة ..
لم نتشبع بثقافة وأدب الإختلاف وتقبل الاخر والمناصحة الصادقة ، فالكراهية والتشبع بثقافتها العنصرية ، ونفّذ أجندتها بتحريض أو بحسن نية ، هو ابتلاء ومرض ، ومن كان ضحية لأعمال شيطانية بتأثير ثقافة الإلغاء والكراهية، نسأل الله ان يشرح صدره للحب ليتغنى به وكما قال الشاعر
قد ينعم الله بالبلوى، وإن عظُمت ... ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
والله المستعان