قانونية تبرع فاعل خير

طالعتنا وسائل الصحافة والاعلام بخبر تبرع "فاعل خير" بما يقارب مبلغ 180 الف دينار عن زهاء 300 طالب في جامعة اليرموك.
وبعيدا عن المنطلقات السياسية أو الفكرية لهذا التبرع، إن وجدت، فما يهمنا في هذا الإطار المحددات القانونية لهذا التبرع، ومدى الالتزام بالأطر القانونية المنظمة لمثل هذه الحالة في جميع مؤسسات التعليم العالي الأردنية.
ولهذه الغاية لا بد من استعراض النصوص القانونية المنظمة لهذه الحالة في القوانين الاردنية وفي مقدمتها "قانون الجامعات الاردنية" و "قانون التعليم العالي".
-    فقد حددت المادة العاشرة من "قانون الجامعات الاردنية" مهام مجلس الأمناء للجامعة، ونصت في أحد بنودها على أحد هذه المهام وهو "قبول المساعدات والتبرعات والهبات والمنح والوصايا والوقف شريطة موافقة مجلس الوزراء عليها اذا كانت من مصدر غير اردني".
-    كما حددت المادة 24 من ذات القانون مكونات الموارد المالية للجامعة، وجاء في أحد بنودها بأنها "المساعدات والهبات والمنح والوصايا والتبرعات والوقف شريطة مواقة مجلس الوزراء اذا كانت من مصدر غير اردني".
-    وعلى سبيل الدلالة  في مثل هذه الحالة ، فقد حددت المادة العاشرة من "قانون التعليم العالي" الموارد المالية لصندوق دعم البحث العلمي ونصت في أحد بنودها على "أي هبات أو تبرعات أو مساعدات ترد اليه، شريطة موافقة مجلس التعليم العالي اذا كانت من مصدر اردني وموافقة مجلس الوزراء اذا كانت من مصدر غير أردني".
-    واستثنى "نظام صندوق التبرعات في جامعة اليرموك" -من تطبيق احكام نظامه- التبرع بمبلغ يقل عن الـف دينار ويعتبر تبرعا للجامعة يدخل في حساب صندوق التبرعات في الجامعة.
وبإستقراء النصوص التي وضعت ، نلاحظ التوجه الذي كان عليه المشرع الأردني عند اعداد هذه التشريعات، فقد حرص توجه المشرع الأردني على التفريق بين مصادر التبرع "اردني وغير أردني" وربط أي تبرع من مصدر "غير أردني" بموافقة مجلس الوزراء صاحب الولاية العامة.
وبقياس النصوص القانونية على حالة التبرع لجامعة اليرموك، نلاحظ أن الجامعة لم تعلن مصدر التبرع (أردني، غير أردني) وأعلنت أنه "فاعل خير"، ولاحقا أعلن أنه أحد رجال الأعمال الأردنيين في الامارات الشقيقة، كما لم تعلن الجامعة إن كان التبرع لها تم بصفته مواطن اردني/شركة أردنية أو غير ذلك وفي مثل هذا الوضع فانه يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء مثلما أن التبرع من قبل مواطن اردني يحتاج الى  موافقة مجلس الأمناء  في الجامعة. وهنا يحق للجميع التساؤل عن مصدر التبرع وهل كان هناك موافقة من قبل مجلس الوزراء على هذا التبرع إن كان من مواطن غير اردني/ او شركة غير اردنية.
أخيرا، المسؤولية الان تقع على عاتق الجهات الرقابية وفي مقدمتها مجلس النواب وديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد للتأكد من قانونية هذا التبرع وانتظامه القانوني السليم في اجراءات إقراره، وذلك كله في اطار الحوكمة القانونية لإجراءات الجامعات الاردنية ، وأما الحوكمة السياسية أو الفكرية للتبرع فهو ميدان اخر، ندعه جانبا الان.