هل يسرق الدغمي الأضواء من رئيس الحكومة؟

نجح النائب عبدالكريم الدغمي - كما هو متوقع - بالفوز بمنصب رئيس مجلس النواب، فأغلب الترجيحات كانت تشير إلى فوزه، ورغم أن الفارق لم يكن كبيرا بينه وبين منافسه نصار القيسي الذي حاز على 58 صوتا مقابل 64 للدغمي، إلا أن فوزه يمثل نجاحا كبيرا في ظل الجدل المتولد عن التحديثات السياسية.

 

النتائج المتقاربة تؤكد أن فوز الدغمي جاء نتاجاً للكثير من المناورات والحسابات المعقدة للنواب والمرشحين الذين قدموا أجندة متنوعة تعكس أولوياتهم ومخاوفهم التي ارتبط الكثير منها بإمكانية حل مجلس النواب بمجرد إقرار الإصلاحات السياسية الجديدة على قانون الأحزاب والانتخاب، ما يعني أن الكثير من الملفات والقرارات والنقاشات استكملت واتخذت قبيل انعقاد جلسات مجلس النواب، تسويات ومناورات لا تقل أهمية عن ما سيجري تحت القبة بعد أيام.

أجندة النواب ومواقفهم صيغت على وقع المنافسة على منصب رئيس المجلس على الأرجح، وهنا يُطرح تساؤل مهم حول أجندة الدغمي كرئيس للمجلس، الأمر الذي كشف عنه مباشرة بعيد فوزه، إذ أعلن الدغمي عن إجراء تعديلات على صلاحيات النواب لإعادة الهيبة للنائب ودوره، كما أعلن أنه سيتعامل مع التحديثات السياسية بمهنية وحرفية وجدية عرفت عن المجلس ونوابه؛ ما يعني ان الدغمي سيقود النقاشات والحوارات النيابية مراعياً الجوانب القانونية والمهنية، فهي أهم المعارك التي سيواجهها تحت قبة البرلمان، والتي تمثل تحدياً لرئيس الوزراء قبل أن تكون تحدياً لرئيس المجلس النيابي.

فمنذ تسليم رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي نتاج أعمال اللجنة للملك عبدالله الثاني؛ لم تنقطع النقاشات والحوارات على مدى أسابيع حول مصير مجلس النواب، لا حول مضمون التحديثات التي طرأت على قانون الانتخاب والاحزاب؛ ما يعني ان المعركة الاساسية التي دارت خلال الايام والاسابيع الماضية في الكواليس وعلى موائد النواب (المعزبين) وتحت قبة البرلمان كانت على الأرجح تدور حول مستقبل المجلس وإمكانية ان يستكمل دورته التاسعة عشرة، دون إجراء انتخابات مبكرة، مساومات تكشفها بعض المصادر والمراقبين حسني الاطلاع.

من المؤكد أن التحديثات السياسية ومستقبل المجلس التاسع عشر كانت محور حملة الدغمي الانتخابية ومناوراته السياسية التي رافقت جهوده تحت القبة وخارجها، فالتحديثات السياسية أبرز التوجيهات الملكية الواردة  في خطاب العرش للملك عبدالله مساء اليوم الاثنين.

الدغمي نائب مخضرم عابر للمجالس النيابية والحكومات، أثار الكثير من الجدل، ولكنه بقي متصدرا للمشهد داخل المجلس؛ لم تعِقه القوانين الانتخابية عن الوصول إلى القبة في العبدلي، ولم تقف التحولات السياسية والاقتصادية دون احتفاظه بمكانة كسياسي يحظى بقاعدة دعم صلبة، ما جعل منه أكثر النواب قدرة على ادارة النقاشات والحوار والمناورات والمساومات المتعلقة بتحديث المنظومة السياسية، خصوصا وان الحكومة تعاني من ضعف واضح في ادارة المرحلة، حقيقة تؤهله لأن يسرق الاضواء من الحكومة ورئيسها، أو أن يكون حليفا قويا للرئيس وحكومته، أو أن يكون مساوما ووسيط بين رئيس الوزراء والنواب.

معادلة حساسة، وتحديات يديرها الدغمي وفقا لأجندته ووعوده الانتخابية المعلنة وغير المعلنة، محطة مهمة في تاريح مجلس النواب،  مثيرة للاهتمام وجديرة بالمراقبة، فهي استثنائية لكل الاطراف المؤثرة تحت القبة، وللدغمي بشكل خاص.