مجيد عصفور
ابتداءً من منتصف الليلة الفائتة، تكون الحكومة ومن خلال لجنة تسعير المحروقات قد رفعت أسعار المشتقات البترولية بالنظر الى الارتفاع الذي طرأ على سعر برميل النفط خلال الشهر الماضي.
لا أريد الدخول في مناقشة طريقة احتساب أسعار مشتقات البترول في بلدي، فذلك نقاش طال دون طائل، وتلك أحجية يعجز عن فك طلاسمها المنجمون وعلماء الرياضيات والاقتصاد معاً.
في مواجهة البلاء، أيّاً كان نوعه أو مصدره، تتجه الجهود إما لتفاديه بالكامل، أو للتخفيف من ضرره ومحاصرته باتخاذ إجراءات تحمي المواطن الذي فقد كل أنواع الحماية وصار مكشوفاً وضعيفاً هشاً لا يقوى على تحمُّل أي زيادة في كلفة معيشته مهما كانت بسيطة.
بالتأكيد الحكومة قرأت شكاوى وتعليقات الناس على توقعات رفع أسعار المحروقات، والتي كانت الموضوع الأهم طوال الثلاثين يوماً الماضية، وهي شكاوى سببها عدم المقدرة على تحمُّل المزيد من الأعباء وعدم الثقة في مسألة التسعير، فالمواطن غير مقتنع بأن التسعير مرتبط بأسعار هذه المادة الحيوية في دول الانتاج، بعد أن أصبح بفضل وسائل الاتصال التي اتاحتها التكنولوجيا يطلع على المعلومات عن أي شيء مثله مثل الحكومة، وبالتالي لا مجال للكذب عليه أو اختلاق أسباب غير موجودة لتمرير أي قرار سواء في قضية أسعار المشتقات النفطية، أو غيرها من القضايا التي تؤثر على حياته ومستوى معيشته.
الخلاف بين المواطن والحكومة بعد معرفة سعر الشراء وبقية الكلف من نقل وفاقد (تبخر) وسعر أساس وتخزين وغيرها، هو حجم الضريبة التي تفرضها الحكومة على المشتقات والتي تتسبب في رفع الأسعار بشكل مُبالغ فيه، وثانياً عدم قناعة المواطن بأن الأموال المُتحصِّلة كأرباح تجنيها الحكومة جراء هذه الضريبة تحدث أي أثر إيجابي على مستوى الخدمات التي يتلقاها كحق من حقوقه مقابل الواجب الذي يؤديه مما يخل بشكل فاضح بمعادلة الحقوق والواجبات التي تحكم العلاقة بين الشعوب والحكومات في كل دول العالم.
إن الحكومة الآن أمام اختبار يقرر النجاح فيه أو الفشل منسوب الثقة بقدرتها على إدارة الشأن العام في البلاد، فإما أن تنصاع لرغبة المحاسبين الذين لا يعرفون سوى الأرقام الصمَّاء، أو أن تستمع لمشورة الحكماء الذين يقدرون الأمور بنتائجها الأهم من اصفار المحاسبين.
الجدل الذي دار خلال الثلاثين يوماً الماضية يجب ان يكون أكثر من كاف ليعطي الحكومة مؤشراً ارشادياً، لردَّات الفعل المتوقعة في مسألة الأسعار التي ستُطبق ابتداءً من صباح اليوم وإلى نهاية الشهر الجاري.
عندما نستقيظ اليوم سنعرف إن كان في الحكومة رجل رشيد، وان كانت رشيدة فعلاً!؟