عوض ضيف الله الملاحمه
تقوم الدنيا ، ولا تقعد ، على مقال ، او حتى تعليق ينشر ، ويتعلق في القضية الفلسطينية ، لدرجة ان اي نكِرة ، او جاهل او صاحب ثروة ، يبحث عن شهرة ، ما عليه الا ان يتنطح ، ويتصدر باي منشور ، ولو سطحي المحتوى ، او خبيث المقصد أُملي عليه من أسيادة او الجهة التي يعمل عميلاً لها ، حتى يتلقفه الجميع ، ويدلون بدلائهم ، حتى من خذلوا القضية ، ويتصدرون ، ويصدّعون رؤوسنا ، ويُنهكون عيوننا ونحن نتابع ما ينشر من غث وسمين ، ومن عارف وجاهل ، ومن منتمٍ وخائن . كيف لك ان تُصدِّق مدافعاً عن أعدل قضية في التاريخ الانساني ، وهو فاسد ، ساقط ، عديم الخُلق !؟ عندها اتذكر ممثلة شاركت في احدى مسرحيات غوار الطوشه ، كان دورها تقديم برنامج عن العائلة السعيدة وهي مُطلّقة أربع مرات .
سأسرد لكم المحطات الرئيسية لإنحدار قضيتنا التي كانت مركزية ، واولية ، وقومية ، ورئيسية ، لتستغربوا انتم من استغرابكم . ولتتأكدوا بانها كانت تسير الى الانحدار والضياع وليس التحرير .
أستغرب كثيراً ممن يستغربون ضياع القضية الفلسطينية . كل المؤشرات والأحداث والاتفاقيات كانت تدل على ما آلت اليه القضية الآن . باستثناء بطولات ، وصبر فلسطينيي الداخل الابطال الاشاوس الذين يوجعون العدو بنضالهم ، والنيل من عسكرهم ، وعدم نفاذ صبر الأحرار ، وجَلَد الاسرى الصابرين في زنازينهم ، ومقاومة أهل غزة ، عندما يُمطرون العدو بالاف الصواريخ ، ويُرعبون جنود الاحتلال قبل المستوطنين ، مما بشّر بإحداث تغيير في قناعات الشعوب الغربية بعدالة القضية الفلسطينية .
لا أهاب ، ولا أحسب حساباً لأحد عندما اكتب في أي موضوع كان ، فكيف أهاب وانا اتناول القضية الفلسطينية ، القضية الأعدل ، والأقدس ، والأولى !؟ أُدافع عنها بقوة ، تصل حدّ الشراسة احيانا ، لإعتبارات : شخصية ، ووطنية ، وقومية ، ودينية ، وانسانية .
سأسرد لكم المراحل التي أودت بأهم وأعدل قضية . وسأسرد لكم ما يؤكد استغرابي ممن يستغربون بنقاط موجزة ومحددة لانكم تعرفون التفاصيل ربما أكثر مني :-
١ )) اليس الهدف من إنشاء منظمة التحرير تصفية القضية !؟ وهي التي تأسست استناداً لطلب ، لا بل إلحاح امريكي ، وإدعت تحرير فلسطين السليبة عام ١٩٤٨ .
٢ )) ألم تتاجر منظمة التحرير بمشاركتهم المحدودة في معركة الكرامة للبدء بفلسطنة القضية الفلسطينية !؟ واخراجها من طابعها الانساني ، والاسلامي ، والعربي .
٣ )) ألم تكن المطالبة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني ، في مؤتمر الرباط عام ١٩٧٤ بداية سلخ القضية عن مرتكزات دعمها !؟
٤ )) أليس تعدد المنظمات الفلسطينية التي إدعت التحرير ، وتعدد ولاءاتها ، وانتماءاتها ، ومموليها ، وموجهيها ، ومالكي قرار مسيراتها ، وتناحرها بين بعضها دليل على تفتيت التركيز والاهتمام بأعدل وأقدس قضية !؟
٥ )) أليس إحتكاك المنظمات الفدائية ومحاولات إضعاف كيانات بعض الاقطار ، كما الاردن ولبنان ، دليل على انحراف نهج المنظمات عمن ادعوه !؟
٦ )) ألا يصُب إغتيال منظمة التحرير لعدد كبير من القادة الفلسطينيين الرافضين لإضاعة القضية دليل على تمهيد الطريق لضياعها !؟
٧ )) أليس مباشرة المنظمة لحوارات مبكرة منذ بداية السبعينات مع ما سُمي باليسار الاسرائيلي دليل بدء ارهاصات ضياع القضية !؟
٨ )) ألم يكن الإعتراف بالكيان ، واعلان حكومة فلسطينية في المنفى خطوة لبدء تنفيذ مسيرة الضياع للقضية !؟
٩ )) ألم يكن انسلاخ الوفد الفلسطيني عن الوفد الاردني في مؤتمر مدريد بداية للتفرد الفلسطيني في القرارات المؤدية لإضاعة القضية !؟
١٠ )) ألم يكن تفرد منظمة التحرير الفلسطينية في قضية اكبر منها دليل على بدء ضياع القضية !؟
١١ )) ألم تكن مطالبتنا للعدو بالانسحاب حتى خطوط الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ ، بداية لضياع القضية وان من يتنازل عن الجزء يسهل عليه التنازل عن الكل !؟
١٢ )) ألم تؤشر إتفاقيات كامب ديفيد ، وأوسلو ، ووادي عربة ، والتطبيع مع المحتل ، على ضياع القضية !؟
١٣ )) ألم تؤشر اتفاقيات الغاز والمياة دليل على التفريط في القضية !؟
١٤ )) ألم تؤشر العلاقات الشخصية والعائلية الحميمة بين قيادات السلطة وكبار مسؤولي العدو تؤشر على ضياع القضية !؟ خاصة لقاءاتهم العائلية في منتجع نتانيا .
١٥ )) أليس مؤتمر أوسلو من دفن القضية ، الذي تم دون الاتفاق على شيء : لا حدود ، ولا صلاحيات ، ولا مياة ، ولا سيادة !؟
١٦ )) أليس استعداد الاردن لاقامة مشروع ناقل البحرين المشترك تهاوناً بالقضية !؟
١٧ )) أليس التنسيق الامني باسلوب واضح وصريح حدّ الوقاحة دليل على التآمر على القضية !؟
١٨ )) أليس العمل على تدجين فلسطينيي الداخل وانهاء التفكير بالمقاومة تآمر على القضية !؟
١٩ )) اليس تصويت نواب فلسطينيي الداخل على الغاء تدريس اللغة العربية تآمر على القضية !؟
٢٠ )) ألم يوحي لكم تجرؤ سفهاء وعملاء القوم بطرح مشاريع تسوية لأعدل قضية دليل على هوانها !؟
٢١ )) ماذا ترجون من اعضاء الوفود المفاوضة الفلسطينية عندما تنجح وزيرة خارجية العدو (( تسيفي ليفني )) باقامة علاقات جنسية مع عدد كبير منهم !؟
٢٢)) فكروا في الانقسام الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٦ حتى الان ، ماهي مبرراته ، وهل هو في مصلحة القضية ، أم هو حلقة اكيدة وخطيرة في ضياع القضية !؟
٢٣ )) هل البذخ ، والتبذير وحياة القصور والنضال من فنادق الخمسة نجوم ، وحياة الرفاه التي يعشيها من ادعو النضال لتحرير الارض يمكن ان يُفضي للتحرير !؟
٢٤ )) هل استباحة الارض الاردنية من القوات الامريكية يصب في صالح القضية !؟ وانا اعتبرها استباحة امريكية صهيونية .
٢٥ )) هل تهريب احد حراس سفارة العدو بعد ان سفك دماء الاردنيين مؤشر على استعدادنا للتحرير !؟
٢٦ )) هل تجرأت الدول العربية ، على الأقل ، على اتخاذ اجراءات للمقاطعة ( الناعمة ) لسلع الشركات الغربية الكبرى كوسيلة للضغط للتخفيف من مواقفها المنحازة للعدو !؟
٢٧ )) هل وجهنا اعلامنا لاقناع شعوب الغرب بعدالة قضيتنا لتضغط على دولها لتغير مواقفها !؟ من جهلنا نوجه اعلامنا لنا لنقنع انفسنا بعدالة قضيتنا .
٢٨ )) من دلّ العدو على اماكن المناضلين الفلسطينيين الذين تمكنوا بصبرهم وجسارتهم من اختراق تحصينات سجون العدو بحثاً عن الحرية !؟
أنتم لا تستغربون ، أنتم تستهبلون ، على الناس ، وانتم سائرون منذ عقود طويلة على طريق إضاعة القضية ، وتقديركم لخطورة ضياع هكذا قضية ، لعبتم على عامل الوقت لتدجيننا ، وتهيأتنا لهكذا نهاية ، وانتم واثقون مما ستؤول اليه القضية . لكن الأرض محتله ، والعدو جاثم عليها ، ومهما حصل ، لن ينال اي احتلال مبتغاه ، لان كل إحتلال مصيره الزوال ، مع إسقاط عامل الزمن ، ولنعلم ان القرون في عمر الشعوب ليست اكثر من لحظات في عمر البشر .