عوض ضيف الله الملاحمه
في لقاء السبت الإسبوعي الدوري المعتاد ، ناقش الزملاء الذوات الاعضاء والضيوف ، في الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة ، مشروع القانون المُعدِّل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية ، الذي ارسلته الحكومة الى مجلس النواب ، حيث أقر مجلس النواب التعديلات على مشروع القانون المعدّل كما جائتهم من الحكومة ، وتم إرساله الى مجلس الاعيان لإقراره .
وللتحديد ، أجد انه من الضروري ان أورد الفقرة الخلافية نصاً كما وافق عليها مجلس النواب ، وهي كما يلي :— [[ إعتبار كل من تعاطى ، او أدخل ، او جلب ، او هرّب ، او استورد ، او صدّر ، او أخرج ، او حاز ، او أحرز ، او اشترى ، او تسلّم ، او نقل ، او أنتج ، او صنّع ، او خزّن ، او زرع أياً من المواد المخدرة للمرة الأولى لا تُعد سابقة جُرمية ، او قيداً أمنياً بحق مرتكبه للمرة الأولى بقصد تعاطيها ]] .
بداية لابد من الإشارة ، والإشادة بكل وسائل التواصل الإجتماعي على المساهمة الإيجابية في نقل وجهات نظر المهتمين من المواطنين ، الذين اشغلوا ، وأشعلوا مواقع التواصل الاجتماعي بكل انواعها وصنوفها رفضاً لهذا التعديل الخطير على قانون المخدرات والمؤثرات العقلية .
يا ناس ، يا بشر ، يا اردنيين ، حكومتكم تُدمر وطنكم ، وأهلكم ، وأبنائكم ، وبناتكم ، وقيمكم ، واخلاقكم ، بتعديل الضوابط القانونية التي تحد من انتشار وتعاطي المخدرات . الحكومة شرعنت وسمحت بتعاطي المخدرات ، وتصنيعها ، واستيرادها ، والاتجار بها ، وتصنيعها . بعد استكمال إقرار القانون والبدء بتنفيذه ، من تعاطى او إتجر او صنّع ، لن يُحاكم ، ولن يُعتبر انه ارتكب جُرماً ، ولن يُعاقب اذا ارتكب إحدى الجرائم أعلاه ، للمرةِ الأولى !؟ هل هناك حكومة يمكن ان تتساهل في ارتكاب جرائم كهذه !؟
لنفند الآن ما يتعلق بالتعاطي وكيفية ضبطه . قد يقول قائل ان التعاطي يمكن ضبطه ، فاذا ارتكب احد الاشخاص هذا الجُرم للمرة الاولى سيكون له قيد ، لمعاقبته اذا كرر نفس الجُرم ، ونقول نعم يمكن ضبط ذلك . لكن : ما دام تم السماح بالتعاطي ولو لمرة واحدة دون عقوبة ، فان ذلك سيشجع فئة الشباب على تجريب التعاطي ، ثم الا تعلم الحكومة ومجلس النواب ان هناك انواعاً من المخدرات يُدمن عليها المتعاطي من المرة الأولى !؟ وأيضاً ، كم مرة يمكن ان يتعاطى الشاب دون ان يتم الإمساك به !؟
ونأتي الآن الى تفنيد ما يتعلق بالتصنيع ، والاستيراد ، والتصدير ، والزراعة ، والاتجار تحديداً : الا تخشى الحكومة ومجلس النواب انه اذا قُبض على احد تجار ، او مُصنعي ، او مصدري ، او مستوردي المخدرات ، وليتجنب العقوبة ، ما الذي يمنعه من ان يكلّف في كل مرةٍ يتجر بها فرداً من افراد اسرته !؟ فاذا كان عدد افراد الأسرة ( ١٢ ) فرداً مثلاً ، فان هذا يعني ان العائلة نفذت ( ١٢ ) صفقة مخدرات ناجحة ودون اية عقوبة ، ودون تدوين اي سجلٍ جُرمي ضد العائلة برمتها ، ثم ما الذي يمنع من ان يتم التنسيق مع اخوته ، وعائلاتهم ، واقاربه ، واصدقائه المقربين !؟ الا يعني هذا انه يمكن تنفيذ ( ٢٠ - ٥٠ ) صفقة بيع مخدرات او أقل ، او أكثر ، دون وجود اي قيد جُرمي . فتتحول العائلة الى عائلة ثرية ، ثراءاً قانونياً ، حسب هذا التعديل ، وتعتبر عائلة شريفة ، عفيفة ، كَدَّت ، وتعبت ، وجمعت ثروتها بشكل قانوني حسب التعديل الذي تم إقراره من مجلس النواب أخيراً !؟ ثم ألا يمكن ان يُقدِم أحد المواطنين على استئجار ( ٢,٠٠٠ ) دونم او أقل او أكثر ويزرعها بالمخدرات ، ثم يتوب ، ويحرص على الصلاة في الصف الأول بالمسجد ، كما يفعل الكثير من الفاسدين !؟
اللوم كل اللوم بداية على هذه الحكومة . وهنا أطرح الأسئلة التالية :— من الذي خطط لشرعنة التعاطي ، والتصنيع ، والاتجار بالمخدرات !؟ من الذي سعى واقنع الحكومة للاقدام على هكذا تعديل خطير !؟ ما الذي تهدف اليه الحكومة !؟ ما الدافع !؟ ما الغاية !؟ وما الضرورة !؟ ماذا سيستفيد الوطن !؟ ماذا سيستفيد المواطن !؟ ما الذي تنشده الحكومة !؟ ما الحِكمة من ذلك !؟
ثم اللوم كل اللوم على مجلس النواب ، الذي يفترض ان من مهامه الرقابة والتشريع ، وهو الذي يمثل صوت المواطن لحمايته ، وحماية الوطن من جهالة وتسلط ، وتخبط ، وسوء ادارة الحكومات ، ومراقبة ادائها ، وَرَدّْ التشريعات التي تضر بالوطن والمواطن . أين دوركم !؟ كيف اقنعتكم الحكومة بهكذا تعديلات !؟ هل وافقتم على إجازته بالترهيب ام الترغيب !؟ اذا كانت هناك اسباباً موجبة لتمرير هكذا تعديل ، لماذا لم تطلعوا الشعب عليها !؟
أمل الشعب الاردني الآن معلقاً ، ومعقوداً على موقف مجلس الاعيان ، علّه يستأسد ، ( ويشرب حليب سباع ) ، ويرد التعديل ، ويُجهضه ، لان فيه كل الويل على الوطن والمواطن .
كَثُرت مهازل مسؤولينك يا وطني الحبيب . هل تقصد الحكومة تخدير الشعب ، ودفعه للإدمان ، وحلّ مشكلة البطالة والفقر !؟ ونصبح شعب المسطولين بدل شعب النشامى !؟ الا تعلم الحكومة ، ويعلم مجلس النواب ان هذا التعديل يفكك البُنية المجتمعية ، وينشر الجريمة والرذيلة !؟ ويرخِّص انتشار المخدرات تعاطياً وإتجاراً !؟
هبّ الشعب الاردني بقضه وقضيضه مُعلناً رفضه المطلق للتعديل . حيث غطى الحديث عن التعديل على كل المواضيع واصبح حديث الناس في الشوارع ، واللقاءات ، والندوات ، والمناسبات الخاصة ، والدواوين ، واشتعلت ، واشتغلت ، وانشغلت وسائل التواصل الاجتماعى رفضاً ومعارضة للتعديل لخطورته على الوطن والمواطن .
بإسم كل مواطن أردني حرّ ، حريص على وطنه ، نناشد مجلس الأعيان ان ينتصر للوطن والمواطن ، بِرَدّ هذا التعديل الكارثي ، المدمر للوطن وأبنائه وقيمه ، واخلاقه . آملين ان لا يُخيِّب مجلس الأعيان - مجلس الحكماء - مجلس الملك - آمال الوطن ومواطنيه . آملين ان لا نكون قد تأملنا فيمن لا أمل فيهم .