فلسطين .. على هذه الأرض ما يستحق النضال نيفين عبد الهادي

في الأردن نحن مختلفون بعلاقتنا مع فلسطين، لا يمكن مقارنتنا بأي دولة أو أي شعب على هذه المعمورة، فعندما نقول هي توأمنا، لا نبالغ ولا نجافي حقيقة هذه العلاقة التي تغيب عن تفاصيلها العلاقات أي شكل نمطي وتقليدي يربط شعب بآخر، فهي علاقة مختلفة مميّزة تحمل في مضامينها روح العائلة الواحدة والنفس الواحد، بقيادة جلالة الملك الذي لم تغب يوما عن أولوياته فلسطين.

وهذا الاختلاف يطالنا نحن الصحفيين عندما تتجه أقلامنا للكتابة عن فلسطين، فلا يمكن الكتابة عن هذه القضية وهذا الشعب بتجرّد عن استثنائية علاقتنا بها وبترابها وبعدالة قضيتها، لتصبح دوما كتاباتنا من معلومات لمشاعر، تغيب فيها عن أفكارنا أشكال وأدوات السياسية، فنحن لا نرى في فلسطين إلاّ أنها توأمنا الذي اغتصب حقه ووقع عليه كل أشكال الظلم التي أدركتها البشرية والتي لم تدركها..

اليوم، ونحن نتابع حربا لم تبق ولم تذر من مفاهيم الإنسانية، ونعيش ذكرى النكبة الـ(73)، تختلط مشاعرنا وكلماتنا، ونحن نرى انتصارات فلسطينية يحققها أطفالها قبل شبابها وجندها، وانتصارات أعادت لنا مشاعر افتقدناها وربما لم يعرفها جيل كامل، انتصارات تؤكد لنا رغم مرور هذه السنين العجاف على فلسطين، إلاّ أنها ماضية نحو التحرير إن لم يكن اليوم فهذا الشعب قادر على نيل حريته ولو بعد حين، نعم انتصارات أشبعت حاجتنا بآمال أن على أرض فلسطين حقا ما يستحق النضال، وأن التحرير إن لم يكن اليوم فهو آت.

هذا التراب الذي تصرّ أن تسقيه اسرائيل بدماء أطفال وشباب ونساء فلسطين المحتلة، سينبت يوما وهو ليس بالبعيد براكين غضب تحرر فلسطين، وتعيد لها مجدها الفلسطيني العربي، لتبقى فلسطين سنديانة سقيت بدماء شهداءها وظلم عدوّ لم يعرف أي درب للعدالة وصون حياة وحقوق الفلسطينيين، فما نراه اليوم ما هي إلاّ مقدمة لقادم يحمل نصرا كبيرا لقضية شاخ عمرها في بحثها عن حلول تتجاهلها اسرائيل.

مشهد تتسارع به الأحداث، وتختلط به المشاعر، وتغيب عن عيوننا راحة النوم، فجفونها لا تغلق متابعة للأحداث في فلسطين المحتلة، يبرز الدور الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ومن خلفه الشعب الأردني، الذي يتجه نحو فلسطين بقلبه وروحه وجسده متضامنا ومساندا بكل الامكانيات المتاحة، ليبقي جلالة الملك هذه القضية حاضرة عربيا ودوليا، ويسعى الأردنيون لمساندة صمود الشعب الفلسطيني بكل ما أوتي من حبّ لتراب توأمهم فلسطين.

ما يحدث اليوم تاريخ جديد يسجّله الفلسطينيون يمسك بيدهم الأردنيون عملا لا قولا، ومن لا يعلن اليوم موقفه المساند لفلسطين سيسقطه التاريخ في غيابة النسيان والتجاهل، فشدة الظلام يتبعها نور فجر جديد، نحيا به نشوة الانتصارات، ومجد نضال لن ينسى، وتتضح صوة من وقف مع فلسطين ومن خذلها، فدماء شهداء فلسطين ترسم اليوم حدود وطنهم وتكتب تاريخا جديدا مختلفا لن يُسقط فلسطين من تفاصيله.

الكوفية الحمراء اليوم تلتف مع السوداء لترسمان حالة وطنية لم تشهدها البشرية، بقيادة تساند صمود شعب سيجعل من القادم فلسطينا بحرفيّة المعنى، حالة وطنية يخطها النشامى مع شعب يحتاج من يدعم صموده، لتتسابق ردات الفعل الفلسطينية شكرا للأردنيين بوقفتهم الجادة معهم، ودعم صمودهم، ومساندتهم رسميا وشعبيا، ليكون الأردن حارس حقوقهم وتبقى العلاقة بين البلدين استثنائية.