التعليق: حقوق إنسان مزيفة، عدوان حقيقي - حقوق الإنسان حسب وجهة نظر الولايات المتحدة وراء عشر سنوات من الفوضى


بقلم مشيرة جيوي

 

أجرت الدورة الـ46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي اختتمت أعمالها مؤخرا مراجعة دورية لوضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة. حيث قدم ممثلو 116 دولة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية 347 مقترحات لتحسين وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة. تحدث المندوب السوري منتقدا: ما هي المؤهلات التي تمتلكها الولايات المتحدة لتسمي نفسها دولة تحت حكم القانون وهي تتهرب من التزاماتها بموجب القانون الدولي وتبحث عن أعذار لعدوانها العسكري وتهديدها لوحدة أراضي الدول الأخرى وسلامتها؟ يجب على الولايات المتحدة تعديل قوانينها المحلية لوقف العدوان العسكري، واحتلال أراضي الدول الأخرى، ونهب مواردها الطبيعية، وتمويل الإرهاب والانفصاليين، بحجة حماية الأمن القومي الأمريكي.


بمناسبة الذكرى العاشرة للحرب الأهلية الليبية والأزمة السورية، نتساءل ما هي "حقوق الإنسان" الأمريكية التي كانت تستغلها واشنطن كذريعة للتدخل وتأجيج الاضطرابات؟


كشف كتاب "الجانب الخفي من الثورة العربية" الصادر في فرنسا أن الولايات المتحدة استثمرت الكثير من القوى البشرية والموارد المادية على أساس المشاكل الداخلية في الدول العربية لانجاح "الربيع العربي" الذي اجتاح العالم العربي من خلال تدريب اعضاء ركيزة لسنوات عديدة وباسلوب الانترنت وغيره، فان الحرب الأهلية في ليبيا التي اندلعت في فبراير 2011 والحرب الأهلية في سوريا التي اندلعت في مارس 2011 هي نتاج هذه العاصفة السياسية، وسرعان ما تطورت هاتان الحربان الأهليتان إلى اضطراب استمر لمدة 10 سنوات. 


واليوم يشعر الشعب العربي بخيبة أمل من الصورة الجميلة التي رسمتها الولايات المتحدة والغرب في ذلك الوقت، ولم تفشل ليبيا فقط في تحقيق الديمقراطية السياسية والازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، بل أصبحت دولة تتخبط في دوامة الحرب والتخلف الإقتصادي والإجتماعي. وحتى عام 2020، لا يزال 392 ألف شخص نازح داخل أراضيها، وأكثر من مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة؛ اما سوريا  فوصلت إلى ذروة الشقاء، ولقي 500 ألف شخص مصرعهم في الحرب. ومع استمرار صوت المدفعية وازدياد الوفيات والنازحين، أين حقوق الإنسان يا ترى؟



كما فرضت الولايات المتحدة، التي تسمي نفسها "حامية حقوق الإنسان" و"منارة الديمقراطية"، عقوبات أحادية الجانب باسم "حماية المدنيين" و"حماية حقوق الإنسان"، والتي أصبحت قوة دافعة لمزيد من تدهور حالة حقوق الإنسان في هذه البلدان، مما زاد الطين بلة. أصدر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني قبل ايام تقريرا عن وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة خلال عام 2020،   استمد مادته من التقارير التي تمت مراجعتها والموافقة عليها من قبل الأمم المتحدة والتقارير الأمريكية العلنية. يُظهر التقرير أن العقوبات الأمريكية على سوريا قد أثرت بشدة على عملية إعادة الإعمار فيها، وفي سياق تفشي وباء كورونا الجديد، قالت المقررة الأممية الخاصة المعنيّة بحقوق الإنسان ألينا دوهان، "لقد تدهورت الظروف الإنسانية القاسية في سوريا بسبب العقوبات التي تهدد الحق في الحياة والصحة والتنمية لجميع الناس". لقد خلقت الولايات المتحدة أزمات إنسانية حقيقية في هذه المناطق، وان حقوق الإنسان بمفهومه الأمريكي هي السبب الجذري للكوارث الإنسانية في هذه المناطق.


في الواقع، ما يسمى بـ"حقوق الإنسان" هو غطاء تستخدمه واشنطن لتبرير تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتحقيق مكاسب شخصية. وكان السبب الرئيسي وراء التدخل الأمريكي في الحربين الأهليتين في سوريا وليبيا هو الفوائد الجيوسياسية والاقتصادية. نهب حقوق الإنسان للآخرين لإشباع غريزة التملك- هذا هو جوهر "النظرة الأمريكية إلى حقوق الإنسان".