الجامعات الخاصة والتوجيهي في زمن كورونا د. محمد طالب عبيدات

مع ظهور نتائج الثانوية العامة في زمن جائحة كورونا نبارك من القلب للطلبة الناجحين والمتميزين وذويهم على إنجازهم والذي من حقهم أن نغبطهم عليه؛ وأنّى كانت النتائج فهي تشكل بلورة لمخرجات الإمتحان العام الذي جاء موضوعياً هذا العام لظروف إستثنائية ونجحت وزارة التربية والتعليم في إخراجه لحيز الوجود؛ وكانت النتائج سجلت علامات مرتفعة نسبياً مقارنة مع الأعوام الماضية لكنها مبررة بسبب طبيعة الأسئلة وخلوها من الأسئلة المقالية والإنشائية؛ ومع ذلك تشكل مخرجات التعليم العام مدخلات للتعليم العالي الجامعي لينطلق الطلبة لمرحلة مفصلية وجديدة في حياتهم لغايات ولوج عالم التخصصات الجامعية المتواءمة مع سوق العمل أم غير ذلك؛ والخيار بالطبع للطالب وذويه مبنياً على القدرة والرغبة والمعدل ورسوم الساعات وجغرافية الجامعة موقعها وحاجات سوق العمل وغير ذلك من النقاط؛ والمهم هنا الحديث عن الجامعات الوطنية التي نعتز بها سواء حكومية أم خاصة؛ وكلاهما مؤسسات وطنية نعتز بها ونفخر ولذلك مطلوب أن تتساوى المعايير الرقابية المطبقة عليها في كل الجوانب سواء في المدخلات أو العمليات أو المخرجات؛ ومطلوب تساوي الفرص بينها لتشكل إستثماراً حقيقياً في القوى البشرية؛ ومن حُسن حظي شخصياً أنني إبن جامعة حكومية هي العلوم والتكنولوجيا الأردنية وأرأس حالياً جامعة خاصة هي جدارا مما يعطيني الفرصة بأن أتفهّم حاجات وإمكانيات ومخرجات وتحديات وفرص وعناصر قوة وضعف جامعات الوطن كافة. الجامعات الخاصة شريك للجامعات الرسمية في ضخ الكفاءات الوطنية لسوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي وفق الرؤية الملكية السامية ليكون الأردن محجاً للسياحة التعليمية ورافداً لسوق العمل بالكفاءات الوطنية المدربة والمتميزة ومشغلاً لأبناء الوطن ومساهمة في القضاء على البطالة والفقر كمؤسسات وطنية منتجة وداعمة للإقتصاد الوطني. الجامعات الخاصة مؤسسات وطنية فيها إستثمارات على الأرض تقدّر بمئات الملايين من الدنانير وتشغّل آلاف الأردنيين وبعض الشخوص من الدول الشقيقة والصديقة وتضخ الكفاءات من الخريجين لسوق العمل أثبتوا نجاحهم وكثير منهم شكّل قصص نجاح حقيقية لإستثمارات نوعية على الأرض سواء في القوى البشرية أو الخدمات أو القطاعات المختلفة. الجامعات الخاصة لديها كثير من التحديات والتطلعات والهموم ويتطلع رؤساؤها للقاء دولة رئيس الوزراء ومعالي رئيس مجلس التعليم العالي لغايات وضعهم بالصورة الكاملة لتطلعاتهم ورؤيتهم المستقبلية حول أسس القبول الموحد والالتزام بتطبيق معايير الاعتماد على الجامعات كافة والعمل على رفع جودة التعليم العالي والبحث العلمي خدمة للمصلحة الوطنية الأردنية من خلال ورقة متكاملة تتضمن المطالَب والمعوقات والحلول الواقعية.  الجامعات الخاصة قدّمت ورقة متكاملة لتعديلات جوهرية على ملف تشريعات هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها بناء على إجتماع مع رئيس الهيئة المتعاون والمتفهّم لضرورة وجود هذه التعديلات تحقيقاً للعدالة وللمضي قُدماً في تجويد مخرجات التعليم العالي وتحقيق الفرص المتساوية في تطبيق معايير الإعتماد على الجامعات وبنفس السويّة. الجامعات الخاصة لديها شعور بأن التقسيمات والمحاصصة بشأن الحدود الدنيا للعلامات لمدخلات القبول الموحد الجامعي لا تخدمهم من حيث الأعداد ونوعية الطلبة ولا تتواءم مع حجم إستثماراتهم؛ ولهذا لديهم تصورات وسيناريوهات عده بهذا الشأن كنتيجة لتضخّم علامات التوجيهي لهذا العام تتباين بين رفع الحد الأدنى للعلامات للجامعات الحكومية لزيادة أعداد الطلبة المتبقّين للجامعات الخاصة؛ وبعضها يصل لإشراكهم في عملية القبول الموحد أو حتى إلغاء القبول الموحد للجميع وترك القبول مباشرة للجامعات وتغيير أسس القبول؛ وغيرها من السيناريوهات القابلة للتطبيق. الجامعات الخاصة تعلم بأن الحكومة ممثلة بدولة رئيس الوزراء ومعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي يسعون جهدهم دونما تقصير لدعم الجامعات وتحقيق أهداف نوعية في الجودة ومخرجات التعليم؛ لكنها في ذات الوقت تتطلع لمضاعفة هذا الدعم صوب المواءمة بين نوعية مدخلات  التعليم وأعدادها من جهة ومخرجاته وجودته من جهة أخرى لتستطيع الجامعات الخاصة الوقوف على رجليها وتساهم في تحقيق رسالتها السامية دونما إبطاء. الجامعات الخاصة تتطلع إستباقياً ومع ظهور نتائج الثانوية العامة بأن يتم في هذا العام وقفة مراجعة حقيقية لأسس القبول الجامعي وليتم تطبيق معايير الإعتماد بإنصاف على الشقيقات الجامعات الحكومية والخاصة ليؤول ذلك لتغذية الجامعات بحاجاتها من الطلبة المقبولين وفق معايير الإعتماد دونما شكوى أو تذمّر من أي جامعة؛ وهذا بالطبع سيجعل من هذه الجامعات مؤسسات تعليم عالي منافسة على غرار الجامعات الخاصة الأمريكية. وأخيراً؛ تطالب الجامعات الخاصة بالتطلع لها كمؤسسات وطنية تساهم في الإستثمار بالقوى البشرية الكفؤة وليس كمؤسسات تسعى للربحية على حساب الجودة؛ والإيمان المطلق بذلك لا يتم سوى من خلال تطبيق معايير الإعتماد بصرامة على الجميع لينعكس على جودة المخرجات. *وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا