نتشار جديد لفيروس الكورونا يُدخل الرعب والخوف الى قلوب الناس وجعل الحكومات تبدأ في اتخاذ إجراءات وقائية جديدة وصلت في بعض الدول الى معاودة الاغلاق التام وفي دول أخرى يتم التعامل بإغلاق محدود لما يضمن السيطرة على الوضع الوبائي والمحافظة على الاقتصاد وسير الأمور الحياتية بشكل قريب من المعتاد ومحاولة إيجاد سبل للتعايش مع الفيروس.التكاثر الفيروسي في خلايا الجسم يعني استنساخ الفيروس لمئات المليارات من المرات مما قد يُحدث تغيرات في التركيبة الوراثية وهي أخطاء في التركيبة الجينية للفيروس وحروفها البالغ عددها 30 الف حرف والتي تدعى طفرة وهذا يؤدي الى تغيير طرق التعامل مع الامراض الفيروسية ، فعلى سبيل المثال تعرف هذه التغيرات لدى فيروسات الانفلونزا وهذا ما يدفع الى تعديل اللقاح المقاوم للمرض كل عام ، ولكن ليس كل تغيُّر جيني للفيروس يعني انه سيصبح اكثر خطورة وأشد قوة بل ان معظم التغيرات قد تؤدي الى ضعف الفيروس ، ولكن في بعض الأحيان يكتسب الفيروس مناعة للأدوية واللقاحات بحيث يصبح أكثر خبثاً وفتكاً بالإنسان وهذا ما يدعوا الى التخوف من الطفرات التي قد تحدث للفيروس .يمتلك فيروس كورونا نتوءات بروتينية سطحية على جداره تدعى Spike-proteins تساعده على الالتصاق بخلايا الانسان، وقد لوحظ في شهر نيسان من عام 2020 حدوث تغيُّر طرأ على بروتين النتوءات الشوكية « D614G « الموجود على سطح الفيروس وقد أطلق على هذه الطفرة والسلالة الجديدة من الفيروس اسم «سبايك D614G» والتي تتميز بتركيبتها المختلفة عن السلالة القديمة للفيروس حيث جعلته أكثر عدوى وفتكاً من قبل ، والسبب في ذلك ان هذا التغيّر الذي طرأ منح الفيروس مزيداً من النتوءات على سطحه والتي تساعده على زيادة إمكانية الالتصاق بالخلايا واختراقها وبالتالي سهولة انتشار الفيروس . ومن المحتمل ان تكون هذه الطفرة قد حدثت في شهر شباط وانتشرت في أوروبا وشمال أمريكا وهذا ما يعلل سبب العدوى السريع للمرض في بعض الدول الأوروبية وامريكا ويعود ذلك الى قدرة هذه النتوءات الجديدة الارتباط السريع مع المستقبلات في الخلية ACE2 .الكثير من العلماء يؤكدون ان معظم الطفرات الفيروسية لا تزيد من اضرار الفيروس وهذا يعود الى سببين الأول ان الفيروس يقوم بإصلاح الطفرة بنفسه، والسبب الآخر ان التغيُّر الجديد يقلل إمكانية ارتباط الفيروس مع الخلية في أكثر الأحيان وبذلك يقلل من ضرر هذه الفيروسات.الكثير من الفيروسات تنشأ عند الحيوانات ولا تنتقل الى الانسان الا بعد عشرات السنين و يعود ذلك الى التغيرات الوراثية التي يكتسبها الفيروس للانتقال من الحيوان الى الانسان ، وهذه الصفات موجودة لدى الفيروسات التاجية فخلال 20 عاماً تم انتقال ثلاثة أنواع منها الى الانسان وهي : المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة - سارس ( SARS-CoV ) ، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV ) و الكوفيد 19 ( SARS-CoV2 ) والسر في ذلك هو امتلاك هذه الفيروسات نتوءات بروتينية تساعدها على الارتباط بالخلية وهذه البروتينات لديها مرونة كبيرة في تغيير وظائفها بما يتناسب مع مستقبلات الخلايا والقدرة المناعية للإنسان ولهذا ايضاً تأثير على مدة الإصابة وحدتها ، فحدوث الطفرات الجينية وظهور سلالات مختلفة ونشطة للفيروسات وتغيُّر حدة تأثيرها بشكل مستمر يعمل على إرباك النظام المناعي ويُظلل خلايا T المناعية مما يُصعّب مهمة تطوير اللقاح او انتاج اجسام مضادة لهذا الفيروس في الجسم.