حال العِلم

أيام زمان.. قال النقي «عرار»:
(وأنّ للجهل فضلا لست صاحبه
بالعلم، والعلم في عمّان أزياء)..
حين سمعنا هذا البيت المنسوب لمصطفى وهبي التل، الشاعر الأردني النابض بالأصالة، والصدق، والفلسفة البديوية الطاهرة.. اختلفت بل قل استيقظت فينا حالة من المقاربة، والمقارنة.. والشك، ولم تغادرني هذه النظرة كلما خطر في بالي تفكير حول المستقبل ومطاردة الشهادات العلمية.. من المدارس للجامعات بكل مستوياتها، كنا دوما وما زلنا نبحث في مستوى توفر العلم للجميع، وتوزيع مكاسبه على الجميع.. ومع كل «موسم» للحديث عن تطوير العلم، وتدشين البنية التحتية الأفضل للمؤسسة التعليمية الأردنية .. أتذكر تلك الجملة العبقرية التي قالها عرار.
 بالنسبة لي على الأقل «تاهت المعايير والغايات»، بعد كل هذا العدد من طلاب وخريجي الجامعات والكليات المتوسطة والمعاهد.. الخ، وأصبح أمل إصلاح وتطوير أساليب التعليم ومؤسساته وكوادره، في القطاع العام، غارقا بالموازنات، وحائرا بين الجهات الداعمة، وحاجة سوق العمل المحلية والدولية، ومحتكرا محسوبا «على قد القروش»، بالنسبة للقطاع الخاص.. و»الرتق يتسع بالنسبة للراتق».
قبل أيام انتشر فيديو، يجسد توحش المال، وقصور التشريع والإدارة معا، حيث يظهر في الفيديو ما قالوا عنه بأنه «طالب» في إحدى الجامعات، يتسلق جدران بناية ما، ثم يدخل من أحد الشبابيك المفتوحة، وكأنه ينقذ أحدا، او يهرب من خطر، او يبحث عما يسرقه... لكن مضمون الخبر يقول بأنه طالب يدرس في جامعة، ولم يكمل أقساط دراسته لمادة دراسية، ومنعه «حراس الجامعة» من الدخول لقاعة الامتحان النهائي لتلك المادة، بسب عدم إكماله رسوم تلك المادة، ففعل فعلته، وتسلق عمارة، ليتمكن من تقديم الامتحان.. ولا أعلم إن تمكن من تقديم الامتحان، وهل ستقوم الجامعة بفصله او حرمانه!.
وفي الوقت نفسه من ظهور ذلك الفيديو المعبر، ظهرت أخبار وحوارات واعتراضات وردود رسمية وغيرها، حول امتحانات التوجيهي، وقبلها أخبار وقرارات رسمية «حاسمة للمرة الألف»، حول شهادات مدرسية لثانوية غير أردنية، وأخرى عن معادلة شهادات جامعية من جامعات خارجية، وأخبار مثيرة عن تزييف وتزوير نتائج امتحانات دولية.. والحال يزداد سوريالية وفانتازيا، و»معابطة».
يحدث كل هذا، ونحن ربما نعلم او لا نعلم، أن لا فرصة لحل مشاكلنا وازماتنا المقيمة، حلا حقيقيا، سوى بتطوير التعليم، وبذل جهود جبارة في هذا المجال، لنتمكن فعلا من حماية وبناء وطننا، وأن نتوقف عن «الترقيع» وترحيل الأزمات والمشاكل، وإغراق البلاد بخريجين، ونحن نعلم بأنهم لن يعملوا في الأردن بشهاداتهم، مهما تكاثرت وتفردت بالاختصاص.
لماذا لا نواجه الحقيقة ونشرع في مشوار التطوير، لتحقيق الهدف الكبير، وهو «النجاة بالأردن ومستقبله»؟!.