الذين يحوزون مكانةً جميلةً في قلوب ِ الآخرين ، ليسوا بالضرورة أصحابَ سطوة أو يملكون مكانةً علميّة عالية أو أصحابَ أموال ٍ طائلة أو مبدعين في مجالات محدّدة أو وجوها ً معروفة بلغت مجدا ً ووصلت ذروة في المناصب والمواقع .
ليسوا بالضرورة كذلك ، لكنّهم ، أيّ الذين يحوزن حبّا ً وارتياحاً لدى الناس ، عفويّون طيّبون صادقون مقبلون على الدنيا في نقاء و صدق وبساطة شديدة وقناعة و يحترمون الآخر !
قلنا : يحترمون الآخر .
الناس لا يبتهجون بمن يكتفي بمدّ يد ِ العون والمساعدة و إظهار بهرجة الأعطيات ، ولا يفرحون بمن يبدي وقارا ً زائدا ً ويجعل المسافة عميقة بينه وبين الناس ، والناس كذلك يضيقون ذرعا ً بمن يأخذ الوقت كلّه في « التنظير و سرد مآثر يعرفونها « ، بل يحبّون المبتهجَ قليلَ البهرجةِ سريعَ البديهة ناصعَ الوجه واضحَ الملاح .
الذين يحوزن مكانة كبرى أو مهمّة في أذهان الناس وقلوبهم هم الذين :
لا يلوكون أسرار الآخر في حلّهم وترحالهم ولا يستخدمون قصص وعثرات الآخرين لتسويق أنفسهم ولا يقتربون ممّا يؤذي الروح .
ولا يكتفون بالفرجة عند « تخاصم طرفين « وبخاصة حين يكون بالإمكان فض ّ الخصام أو رأب الصدع أو حتى تقليل خسائر التصادم .
و لا ينتظرون حتى تغرق الشوارع بالمياه الوسخة ثم يفكرون بالبحث عن مصدرها ، بل يسرعون في وقف جريان الماء و غلق منافذها لكي يقلّلوا الضرر .
الذين يحوزون مكانة لائقة في قلوب الناس ، و يحصدون حبا ً و قبولا ً و وردا ُ هم أولئك الذين :
لا يقفون متفرجين في الحزن ، بل يحاولون إقصاء أسبابه ،
لا يبتعدون عن البائس حين حاجة ، بل يحاولون خفضَ منسوب حزنه وبؤسه ،
لا يغلقون نوافذهم وأبوابهم في وجوه أصحاب الحاجة ، بل يشرعونها حتى لو لم يكن بالإمكان أن يقدموا لهم شيئا ً !
..
الذين يحوزون حظوة و مساحة في قلوب الناس ، مساحة طيّبة ، هم أولئك الذين لا يتبدّلون سوى إلى الأجمل .
ذلك و إلاّ !