منذ البدء: لا شرف في الجريمة. سيما جرائم قتل الأخوات والبنات والقريبات. بل ومن العار أن نسمّي الجرائم التي تقع على النساء في مجتمعنا بجرائم الشرف. فهذه تسمية جائرة ظالمة تلبس ثوباً ليس ثوبها. هي تسمية خائرة الإحساس، منزوعة المعاني. قاسية الظلال. الجريمة جريمة. في ما مضى، كان من يقدم على قتل أخته أو ابنته ذبحاً أو طعناً أو صلياً برشقات رشاش أو هرسا للرأس بطوبة بداعي الشرف أو من أجل تبييض صفحة العائلة وغسل العار. كان هذا المجرم يختبئ خلف مقولة قذرة: (إصبعي بوجعني وقطعته)، وكان يتباهى ويفتخر بأنه بيّض شرفه، وأعاد له ألقه، بأن حمّر المكان بدماء ضحيته. هي ليست اصبعاً لكَ لتقطعه متى تريد. هي إنسان بحياة كاملها مكملة. وأنت لست مسؤولا عن حقها بالحياة. أنتَ لست قاضباً وجلاداً في آن واحد؛ كي تحكم بالموت عليها، وتنفذ حكمك بيدك، لشبهة في رأسك، أو حتى لفعل قامت به. وقد أحسن القانون العقوبات لدينا، بوقف التوسع بالعذر المخفف في العقوبة؛ كي لا يستفيد منه هؤلاء المجرمون. فكثير من هذه الجرائم لا تقع تحت سور الغضب بل تحدث بتخطيط وبكامل النية القصدية. مجتمعنا يتحمل مسؤولية كبيرة عن هذه الجرائم. فهو يشجع عليها حين يصمت عن شجبها وعن التنديد بها، أو حين يبحث في مناقشة مبررات لها ومسوغات. أو حين يطلق أوصاف بطولية على القاتل، وينال من سمعة القتيلة. مجتمعنا هو الشريك الاستراتيجي لجرائم العار هذه. في الأشهر الماضية قتل أخ اخته لأجل حساب على فيس بوك. ونتذكر اكتشاف جريمة نفذت بحق امرأة، وأخفيت جثتها في واحد من وديان مادبا. وتبين أن المجرم أخ الضحية ايضا. والحبل على الجرار. الجرائم لن تتوقف بحق النساء، قبل أن تتغير عقلية مجتمعنا. هذه الجرائم يجب أن ينزع عنها اسم الشرف كليا. ويجب أن ينظر فيها كجرائم عادية، بل أكثر وحشية؛ لأنها تنافي لحمة الأخوة ورابطة الدم. ثم أن القانون هو من يعاقب من يخطئ، ولا يحق للأب أو الأخ أو العائلة ان يعاقب بالموت بعد أن يحكم به. هؤلاء يمكن أن يربوا بناتهم ويعلموهن، ولكن ليس من حقهم أن يسلبوا حياتهن.