هل لدينا حكومة إلكترونية؟

لما جمال العبسه

اعلنت منظمة الامم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية امس تقرير الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية للعام 2020، الذي يقيس مستوى التطور في تنمية الحكومة الإلكترونية لـ 193 دولة عضو عبر ثلاثة مؤشرات رئيسية هي مؤشر الخدمات الحكومية الالكترونية، مؤشر البنية التحتية للاتصالات، ومؤشر رأس المال البشري، في هذا التقرير لم يتقدم الاردن سوى في مؤشر البنية التحتية، وكان التراجع في المؤشرين الباقيين عربيا وعالميا واضحا.

منذ نحو عقدين ونحن نسمع عن مشاريع الحكومة الالكترونية واتمتة الخدمات والآن تجاوزنا الامر لنتحدث كثيرا عن الاقتصاد الرقمي والحكومة الرقمية، ليظهر هذا التقرير الذي يصدر كل عامين ويعطي الدول فرصة 24 شهرا لتطوير خدماتها الكترونيا، ولتحقيق تقدم ملحوظ في هذا الجانب، الا اننا وعلى مدار ثلاث حكومات تمكنا من تعداد الخدمات والاعلان عن جاهزيتها بشكل مكثف، وفي واقع الامر لم يتحقق شئ ملموس ولم يعط هذا التعداد قيمة مضافة للحكومة الالكترونية وليس هناك مؤشرات حقيقية لحكومة رقمية.

وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بررت التراجع عالميا بمقدار 19 مرتبة عن التقرير السابق بانخفاض سنوات القياس الى 10 سنوات بدلا من 13 سنة، عدا عن تراجع نسبة ملتحقي التعليم وعدم وجود برامج لمحو الامية الرقمية، لكن بنظرة عامة على واقع الخدمات الالكترونية في المملكة فإنها اقل بكثير مما يُشاع، فمعظم الدوائر الحكومية مازالت تعتمد الاوراق والحضور والصور عن هذه الاوراق وغيرها من الاجراءات، فيضيع مال وجهد ووقت على كافة الاطراف سواء مستفيدين او مقدمين للخدمة، فيما تبقى البيروقراطية سيدة الموقف في احيان كثيرة، لكن وللحق فان هناك دوائر حكومية اختصرت المسافة على نفسها بجهد ذاتي وقبلت تقديم الاوراق الرسمية الكترونيا دون الحاجة لمراجعة مقرها الا للضرورة.

ان الوصول الى حكومة الكترونية بالمعنى الحقيقي للكلمة لا يحتاج الى برامج لمحو الامية الرقمية ولا يحتاج الى مبالغة لتوصيف جهود بداية الطريق على اساس اننا وصلنا الى الغاية، الامر بكل بساطة يحتاج لخطة منظمة عابرة للحكومات، يسند تنفيذها للقطاع الخاص باستغلال البنية التحتية المشهود لها عالميا لقطاع الاتصالات المحلي (المؤشر الوحيد الذي حقق تقدما في التقرير)، بل وقبل وضع هذه الخطة يجب اعادة تقييم الخدمات التي اُدرجت على انها الكترونية واعادة العمل عليها بحيث يكون مقدم الخدمة في اي دائرة حكومية لديه المعرفة الكافية لشرحها وتفصيلها للمواطن حتى يتمكن من الاستفادة منها.

هنا نذكر بأن الحكومة ومنذ سنوات اطلقت بطاقة الاحوال المدنية الالكترونية المزودة بشريحة يفترض ان تحتوي على معلومات كاملة عن المواطنين، والاكثر ان لا جهة حكومية او خاصة تقبل غيرها كبطاقة تعريفية، الا ان هذه الشريحة وحتى الآن لم تفعل، والامثال كثيرة والحالات المشابهة من الخدمات اكثر، ولا اسباب مقنعة وراء تأخر هذه المشاريع.

ان العالم سبقنا بمراحل في هذا الشأن، وليس من المنطق ان نبقى نحصي الخدمات ارقاما، ومازلنا نعتمد الاوراق والاحبار لتقديم الخدمات للمواطنين، وان الانجاز الحقيقي يأتي من خلال تقدير محكم بوصف معتمد على واقع حال ويحدد الاهداف وآليات العمل ضمن خطة زمنية محدودة للوصول للغاية