الالتزام الصحي واجب وطني ومسؤولية انسانية نيفين عبدالهادي

متأخّرا يتعلّم البعض ما هو المهم والأهم، متأخّرا يدركون خطورة إجراءات يقومون بها على مجتمع بأكمله، ووطن، وجهود تتشارك بها مؤسسات دولة ومواطنون وقطاع خاص، وصولا لبرّ الأمان من أزمة إن لم يتنبّه الجميع لخطورتها سوف تفتك بالجميع.

التعامل مع أزمة الكورونا لا يحتمل تغييب المهم والأهم، ولا تناسي أو الإستهتار بأي إجراء حكومي يفترض على جميع المواطنين الإلتزام به، كون الاجراءات بمجملها تصب في المصلحة الوطنية، والسلامة العامة للجميع، ويجعل من الإلتزام مسؤولية وطنية والإستهتار جريمة بحق صاحبه وبحق وطن بأكمله.

عندما وضعت الحكومة محددات واضحة للتعامل مع فيروس كورونا، وجعلت منها مسلمات واضحة يجب الالتزام بتطبيقها، لم تتوقع للحظة أن يستهتر البعض بها وأن لا يلتزم بالتفاصيل الهامة بل الأكثر أهمية، وأن يصل الأمر بأن لا يتحدث المخالطون أنهم خالطوا مصابين بالكورونا، أو أن ينهي الحجر بقرار ذاتي ويذهب لإحتضان زملائه في العمل، علما بأن الإحتضان أو التجمعات حتى للأصحاء أو لغير المخالطين ممنوعة خلال الفترة الحالية كإجراء احترازي لعدم انتشار الفيروس والعمل بجدية لحسره.

للأسف، رغم كل رسائل الحكومة التي تستهدف أولا وآخرا سلامة المواطنين، ما يزال هناك من لا يلتزم بالحظر بعد الساعة السادسة مساء، وما تزال بعض المؤسسات تلتزم بشروط السلامة العامة، وبعض المواطنين يرفض التقيّد بالإصطفاف عند دخوله لمؤسسة أو محل تجاري، وكثيرة هي الممارسات السلبية التي تضرب اجراءات الحكومة للأسف بعرض الحائط، دون مراعاة لخطورة ما يقومون به.

نحن أمام أزمة تتوالى فصولها، تفرض علينا أن نتحمل جميعا مسؤولياتنا، فمن غير المنطق أن تلجأ الحكومة لإجراءات رسمية ضد من يستهتر بصحة الآخر، ذلك أن الإلتزام واجب وطني ومسؤولية انسانية، ولا يستدعي الأمر لرسائل تذكير بين الحين والآخر، أو إجراءات رسمية من قبل الحكومة أو المؤسسات، فلا مساحة في هذه الأزمة «للأنا» بالمطلق، فيجب أن نكون جميعا «أنا وأنت والوطن» دون ذلك الأزمة ستتسع دائرتها، ولن يتمكن أحد من السيطرة على تبعاتها السلبية.

في حبّ الوطن لا خسارة، بل على العكس انتصارات متتالية، والإنتصار اليوم على الكورونا لن يأتي ولن نحققه فرادى، إن لم يجتمع المواطنون كافة بيد واحدة لمواجهته، من خلال الإلتزام بالإجراءات الحكومية بشكل أمين ودقيق، سنبقى على حافة الإنتصار.