الزعبي تكتب: اطمئنوا ؛ فسوف ننجو اكرام الزعبي

حينما يضغط على الناس القَهر والبؤس ‘ يصبح العنف ضرورة سيكولوجية" .
من أقوال كولِن وِلسون

الخوف المُسيطر على الناس طبيعي جداً مع قوافل الموت التي نراها كل يوم . ومع التهويل الإعلامي العالمي ، ونداء التحذير غير المصحوب بالتوعية من أطبّاء النفس الذين يتقاضون كشفيات باهضة ولا نسمعهم في الأزمات إلا قليلاً، ومن وسائل الإعلام التي تُغطي الحدث كأولوية دون تحليله غالباً ، دخلت الناس في حالة ذعر . ومع الخوف على الرزق الذي كان – بالوضع الطبيعي – مصدر قلق وعصبية للأردنيين ، صار سلوك بعض الناس مُخالفاً حتى لتوقعاتهم عن أنفسهم .

الخوف من (المجهول )أيضاً وهو الحالة العالقة بنفس كل البشر اليوم، يجعل الناس تتخبّط وتُعبّر عن ذلك بما نسمعه من تعصيب الأزواج والأولاد . وما حالة انفتاح شهيتنا للطعام وبخاصة أولادنا ، سوى تعبير عن (غريزة البقاء) ؛ صديقة لي تقول أولادي تحولوا إلى جّراد ! ( أكلوا الدنيا )، فالإنسان إذا تم تهديد حياته يلجأ لما يُبقي على حياته وهو (أولاً) الطعام .
هذه النقطة بالذات أتمنى أن تصل لكل أهل بلدنا الطيبين : نحنُ نأكُل خوفاً لا جوعاً ! وأتمنى أن يشرح الآباء ذلك لأولادهم ليرحموهم من كثرة الإستهلاك ؛ فمعظم الناس قد استنفذت بسرعة عجيبة كل ما اشترته من الأسواق .
فالقصّة بتقديري ليست في أننا شعب (فجعان) كما آذانا البعض بكلامه ، لكننا بشر نخاف فنأكل ، ونتوه فنُعصّب . الآن هذه دعوة لضبط النفس والتمسّك بالأخلاق أولاً، ولتطبيق فحوى الدين من صبر وتراحم وتكافل ؛ وتمثُّل تراثنا الإجتماعي كشعب الفزعة و(العونة )عبر تاريخنا الطويل ، وأراهن بأننا سنستمر كذلك . وأراهن أيضاً أن ( كارما ) وفضيلة العطاء الذي قدّمناه لكل مَن طَرق أبوابنا ، ستعود على بلدنا وناسنا الشرفاء الكرماء بالخير والوّفرة .
إهدأ يا شعبنا الأردني العظيم الذي ليس لأخلاقه مثيل . تنفسّوا وابتسموا وصلوا على النبي، ونظّموا أنفسكم ، وساعدوا الدولة التي –ما قصّرت بهذا الظرف – وكونوا قدوةً لكل العرب كما كنتم دائماً . واثقة بأن أثرياء البلد سيساعدون معسوري الحال ، ربما ليس الآن وإنّما بعد قليل ، فلا تستعجلوا .
دمّعت من شدة كرم( الفقراء )الذين دفع كثير منهم ديناراً لربطة خبز الجار ، ودمّعت لمن رفض أخذ باقي ثمن الدواء وطَلَبَ من الصيدليات أن :" خلوها للي مش قادر يدفع " . ودمّعت لمن بعث بسيارة الخبز الى جيرانه المُعدَمين ، ودمعت لمن (بًدّى ) وقدّم غيره على نفسه وخاصة في القُرى والأطراف .

اطمئنوا يا شعب الكرامة والإنتصارات ؛ فقد تطول هذه الجائحة بما هي إمتحانٌ إلهي للبشرية جمعاء – وهذا مقالي القادم – اطمئنوا ؛ فبتراحُمنا وتكافلنا ولُطف الله بنا ، سوف ننجوا .