العموش يكتب: دموع ودماء وسماء د. بسام العموش

لا يمكن أن نسمع نشرة أخبار في هذه الأيام إلا ونرى فيها الفظائع التي تدمر النفوس وتحول الحياة في نظرنا إلى غابة فيها الافتراس والتربص والنهش والأنانية والمادية . غابة يأكل فيها القويُ الضعيفَ ولا تخرج حياتنا فيها عن برامج ناشونال جيوغرافي حين نشاهد الأسدَ المتوحشَ يفتك بالغزال الجميل !! مع أن جمال الغابة لم يكن إلا بالتنوع والثمار والطبيعة الحلوة . عالمنا اليوم غابة تفتك فيها الدول القوية بالضحية هي الشعوب الضعيفة التي تحولت إلى قطعان يذبحها راعيها أو أُسُود الظلم الذين يحملون حق الفيتو . أقاموا حربا" عالمية أولى وثانية وقتلوا الملايين من البشر من كل الأعراق والديانات والألوان .
أكتب هذه الكلمات الموجعة لي وأنا أشاهد دموع الأطفال والأمهات والعجزة بل والآباء الذين ليس لهم حيلة فيما يجري . لقد ضاقت عليهم الأرض والبحر . فإما القتل في المذبح المحلي والقهر والإذلال ونهب المال واستئصال الحناجر وقطع الألسنة وتوليد اللهثان وراء لقمة العيش أو القتل الجماعي بالبراميل والطائرات المفخخات بيد بني جلدتنا أو بيد حماة الأمن في العالم : الدول الخمس !!! دموع الرجال في الأصل غالية لكنها اليوم معتادة نراها في وجه الأب الذي يبحث عن لحم ابنه تحت الركام ، نراها في المرأة التي انتهكها العلوج الذين لا دين لهم ولا شرف ولا كرامة ، نرى الدموع في عيون الأب العاجز ، والشاب الذي لا يجد وظيفة يقتات منها ، نرى الدموع على خدود النساء الزوجات والأمهات في دلهي حيث قتل الحقدُ الطائفي عمودَ بيتهم الرجلَ الذي خرج ليجلب لهم الطعام.
كل العالم يكذب حين يتحدث عن حقوق الإنسان في الفنادق والندوات لكنه الممارس للقتل في الساحات !!
إنها مقدمات حرب عالمية ثالثة أو الساعة والساعة أدهى وأمر .
هناك حديث نبوي شريف يقول :
لا تقوم الساعة حتى يمر الرجلُ بقبر الرجل ويقول يا ليتني مكانه . لقد صار الموت العادي أمنية حيث يجد الإنسان من يصلي عليه ويدفنه بتكريم إنساني ، أما عالم القتل الجماعي فلا يدري المقتول من قتله ؟ ولا لماذا قتله ؟ لقد سجل القرآن جريمة فعلها بعض العرب فقال " وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت " لكن كم من موءود في هذا الزمن ؟ كم من عائلة قضت كلها؟ كم من شعب شرد؟ ولماذا ؟ إنها جرائم لا يمكن أن تكون لها محاكم عادلة في الدنيا ولكن عند قاضي السماء الذي يسأل عن كل شيء ولا مجال هناك للتزوير ولا الرشوة ولا تسجيل الفعلة ضد مجهول لأن الجاني سيعترف حيث الأدلة أكثر من أن تحصى " فاعترفوا بذنبهم فسحقا" لأصحاب السعير " والى أن يكون ذلك فالموت بعزة المقاومة خير من موت النعاج .