كورونا وجراد: احتكار وإيثار!! محمد داودية

عندما وقعت هزيمة حزيران 1967 قال الرئيس جمال عبدالناصر: «لا يغني حذر عن قدر». والصحيح أن الدمار والهزيمة وقعت بسبب عدم وجود الحذر!!
يخبرنا صيتان السرحان مدير الوقاية في وزارة الزراعة أن دخول اسراب الجراد إلى بلادنا لا يزال قائما.
ومن جانب آخر فان حدودنا ليست حصينة أمام غزوة فيروس كورونا ولا توجد اية ضمانة ببقائه بعيدا.
يطير الجراد من القرن الافريقي إلى الجزيرة العربية، قاطعا 350 كم فوق البحر الأحمر.
يشكل الجراد سربه الانتحاري الأول الذي يُقلع في تشكيل انتحاري «هاريكاري» مذهل. فيطير الى المسافة التي تحمله اليها اجنحته، ثم يخرّ ميتا في الماء، مشكلا طوف نجاة واسعا ضخما يصبح مهيأ لاستقبال السرب الانتحاري الثاني الذي يحطّ على جثث السرب الانتحاري الاول ويستريح عليها.
يحلّق السرب الثاني الى نقطة جديدة في البحر الأحمر في اتجاه اليابسة والنجاة. ولما تخذله اجنحته، يخرّ ميتا هو الآخر مشكلا طوفَ نجاة ثانيًا، يستقبل السرب الانتحاري الجديد الثالث الذي يحط على الطوف الأول ويستريح عليه ثم يطير الى الطوف الثاني ويحط مستريحا عليه. ليواصل طيرانه الانتحاري الى نقطة جديدة حيث يخر صريعا مشكلا طوف نجاة ثالثا.
تتكرر جدلية التضحية والنجاة وتترابط الى ان يصبح في وسع أفواج الجراد المليارية، الوصول الى اليابسة الآسيوية، ارض البقاء وحفظ النوع.
تصل اسراب الجراد الى اليابسة في نسق وتكوين ونظام، محققة معجزة التضحية والنجاة الغريزية البدهية.
تُقلِع اسرابُ الجراد فوق البحر الأحمر وهي بين احد احتمالين:
انها ستبلغ اليابسة وتنجو وتحفظ النوع. أو انها لن تتمكن من بلوغ اليابسة، فتصبح جسرا لبني نوعها تحفظه من الفناء.
هذا الفعل الاستشهادي الأسطوري، من أجل البقاء، يتم في عالم بهيمي بدائي، اين منه عالمنا العربي الذي يتقاتل فيه الإخوة ويتصارعون حتى الموت، في فلسطين واليمن وسوريا وليبيا والعراق، بلا توقف او محرمات.
في حالة الجراد ايثار وتضحية عظيمة بالنفس. وفي حالة الكورونا احتكار وتضحية إجرامية بالآخرين.