لا أعرف من هو ضيق الأفق الذي لا يستوعب حجم الأذى الذي أصاب فلسطين أولاً والأردن ثانياً من خطة ترامب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لحساب المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، على حساب فلسطين والأردن معاً مثلما سيصيب لبنان وسوريا كذلك، وقد دفعت سوريا الثمن باهظاً بدمارها وتشريد الملايين من شعبها الذي كان يتطلع إلى الديمقراطية والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ولكن المتطرفون ومعهم أدوات مأجورة عملوا على خطفها ولما فشلوا حولوها إلى خراب ودمار، وها هو لبنان يدفع الثمن، ونحن معه بالحصار والتجويع وثقل المديونية!!.
من أعطى الإذن والسماح لعقد مؤتمر «رؤية المتوسط 2030» على أرض الأردن حيث ينتفض شعبنا من أبناء الريف والبادية والمدن والمخيمات ضد برنامج العدو الإسرائيلي وخطة ترامب لتمرير التوطين والوطن البديل، متمسكون بحق العودة واستعادة الممتلكات في اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، وأن يبقى الأردن وطناً للأردنيين، كما هي فلسطين للفلسطينيين، وسوريا للسوريين ولبنان للبنانيين.
من يقف خلف هذا المؤتمر ومن يقبل مشاركة ممثلين للمستعمرة في مؤتمر تحت يافطة «شعوب البحر المتوسط» وهو مسمى تضليلي يستهدف تمرير مشاركة تابعين للمستعمرة باعتبارها حقيقة وجودية تستوجب التسليم، وهي حقيقة تستوجب التغيير والتبديل والشطب لأنها قائمة على الباطل والظلم واحتلال فلسطين وتشريد نصف شعبها؟؟.
يجب إعادة النظر بكل المؤسسات البرلمانية والحزبية والاجتماعية والنقابية التي تحمل عنوان «البحر المتوسط» والمؤتمرات «المتوسطية» واستبدالها بمؤتمرات عربية أوروبية تقتصر المشاركة على شعوب بلدان أوروبا والبلدان العربية، انعكاساً للضرورة والمصلحة والوضوح بهدف عدم مشاركة المستعمرة الإسرائيلية في أي من المؤتمرات التي تندرج تحت عنوان «المتوسطية» فالمتوسطية هدفها تسريب ودمج ممثلي المستعمرة في هذه المؤتمرات التي يجب مقاطعتها ورفضها، وخاصة من قبل البلدان التي تتحلى بنوع من الديمقراطية ومؤسساتها تعكس مواقف شعوبها مثل المغرب والجزائر وتونس ولبنان وفلسطين والأردن، حتى السودان والكويت، وكل من يقف ضد التطبيع مع العدو الوطني والقومي والديني والإنساني: العدو الإسرائيلي ومؤسساته.
مؤتمر «رؤية المتوسط 2030» يجب إلغاء عقده في عمان، ويجب على الشركاء الأردنيين والعرب كل من جانبه إن كان مدعواً أو شريكاً بهذه الدعوة أن يعلن رفض فعالياته ومقاطعته طالما هناك مشاركة إسرائيلية في عضويته.
لقد سقط الرهان الرسمي والشعبي لأن يكون طريق كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو بوابات استعادة الفلسطينيين لحقوقهم: حق المساواة وحق الاستقلال وحق العودة، وباتت هذه العناوين أدوات للتسريب الإسرائيلي وعنوناً لمنح المستعمرة شرعية احتلالها، بل تحولت إلى غطاء نحو توسعها الاستعماري في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان.
لقد استنفدت عناوين المعاهدات الثلاثة من قبل مصر والأردن وفلسطين أغراضها وأهدافها وغدت عنواناً واحداً لمصلحة المستعمرة ولهذا تم اغتيال السادات ورابين وعرفات وفشل شمعون بيرس وأبو مازن من تحقيق التوازن والمعالجات الواقعية وتحولت إلى التوسع والاستيطان والتطاول على الدور الأردني النقي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية، وضم القدس والمستوطنات والغور والجولان وجنوب لبنان، فمن ذا الذي يملك شجاعة قبول هذه النتائج لصالح العدو العنصري الاستعماري المتطرف؟؟.