لمواطن هو المسؤول عن استهلاكه» اسم لحن جماعي تظافرت جهود جهات حكومية ذات العلاقة وشركات توزيع الكهرباء عليه لتفسر ظاهرة الارتفاع الملفت على فاتورة الكهرباء الشهرية وتضخمها، وكون هذه الاطراف تحدثت جميعها ضمن معطيات قررتها وفرضتها بان المسؤولية تقع على المواطن فقد كان اللحن جميلا ممتعا، فيما مثل للمواطن نشازا مؤذيا.
بالامس ساقت وزيرة الطاقة والثروة المعدينة العديد من الاسباب وراء ارتفاع فاتورة الكهرباء الشهرية على المواطن، فاما استسهاله لـ»كبسة الزر» او عدم مراعاته ان تكلفة حصوله على الدفء سيرفعه من شريحة الى اخرى هي الاعلى، عدا عن ان فصل الشتاء مكلف بطبيعته ومستنزف لجيب المواطن، كما قامت بضحد فرض ضرائب على استهلاك الكهرباء .
فاذا ما قمنا بتفنيد رد الوزارة على ظاهرة ارتفاع فاتورة الكهرباء التي من المتوقع ان يتسع نطاقها وتطال الشهر الحالي من سلم منها الشهرين الماضيين، فان الحصول على الدفء تحول الى قضية حقوقية مع هذا التصريح فمن حق اي مواطن ان ينعم بالدفء في بيته، لكن أليس دور الحكومة ان تستمع للاراء والاصوات التي تناشدها بان تعيد النظر في شرائح الكهرباء المُقرة منذ العام 2015، والتي تتسبب طوال ايام السنة بمعاناة المواطن في حال ارتفع استهلاكه للكهرباء ولو بكيلو واط واحد، علما بان الاردن من الدول القلائل في العالم التي تتبع نظام الشرائح على فاتورة الكهرباء وبالطبع ما يتبع الانتقال من واحدة الى الاخرى.
من جانب اخر، فقد اكدت الوزارة على ان المواطن لا يدفع ضرائب على فاتورة الكهرباء، فماذا عن الستة بنود على الفاتوة منها بند فرق اسعار المحروقات المتغير من شريحة الى الاخرى، بالاضافة الى بند فلس الريف التصاعدي، والنفايات والتلفزيون و اجرة العداد، أليست هذه البنود شكل من اشكال الضرائب على اختلاف مسمياتها.
اما ان هيئة تنظيم قطاع الكهرباء لا علاقة لها بشركات التوزيع وآلية التحصيل ومن جانب آخر هي منظم للسوق، فهذان امران لا يستقيمان مع كلمة «تنظيم» الذي يضاف الى عمله مراقبة الاداء ومحاسبة المتجاوز، فهي مسؤولة بشدة عن اخطاء الفواتير او تجاوزات شركات التحصيل المُتعاقد معها.
اما تحميل المواطن ذنب سرقة الكهرباء، فهذا ما لم يكن متوقعا ان يصدر من جهة رسمية، فهل من المنطق معاقبة البرئ على ذنب لم يقترفه، فعلى كل شركة توزيع ان تقوم بحماية ممتلكاتها وان تعمل على ايجاد آلية لضمان حقها، علما بان «سرقة الكهرباء» ليست بالامر الجديد، فلماذا تثار الآن وفي قضية ارتفاع فاتورة الكهرباء.
ان الخطأ لا يصبح على وجه حق بسبب تضاعف الانتشار، ولا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها، وان على الحكومة ان ترى فيما يحدث في هذا الملف انه ظاهرة تستحق التوقف عندها ودراستها وحلها على وجه السرعة.