جابوا الذيب من ذيله ابراهيم عبدالمجيد القيسي

قرأت كغيري؛ كلاما معادا للمرة المليون حول المال العام والرواتب والمكافآت،  لكنني لا أقرأ مثل هذا الكلام المعاد كغيري، باعتباري (غايب فيلة أو فاقد للذاكرة)، بل إنني من الصحفيين أعني اعضاء نقابة الصحفيين الذين كتبوا وما زالوا بمهنية حول مثل هذه القضايا، وتقتضي منا المهنية والوطنية ايضا والتوازن واحترامنا لعقول الناس..كلها تتطلب منا ان لا نثير الناس بأكاذيب وكلام معاد محسوم، وسبق تبريره مليون مرة.
قبل أيام كتبت مقالة تناولت فيها موضوع استقالة أمين عام وزارة التعليم العالي، الذي انطلقت حولها أكاذيب واستعراضات من قبل متسلقي المهنة، وقالوا بأنها استقالة وذهب بعضهم الى المال العام المهدور وسواليف (طرما)، بينما الحقيقة هي ان أمين عام التعليم العالي استقال ورفض التراجع عن استقالته لأنه خسر امتيازات مالية وغيرها، ولو استمر في الموقع لفقدها تماما وبلا رجعة باعتباره استاذا جامعيا، وقلنا وما زلنا نقول: حين تحتاج المؤسسات الحكومية لخبرات وكفاءات في مجالات معينة، فهي تلجأ لاستقطابها ومنحها رواتب معقولة ولا أقول تساوي او تكافىء ما يمكنهم الحصول عليه في القطاع الخاص.
امس قرأت مثل هذه الاحاديث ثانية، استعراض ممقوت من البعض لأنه ينبىء عن عدم احاطة من يكتب او ينشر مثل هذه ال(تعاليل) بفكرة كاملة، فالحديث يتناول مكافآت رئيس ديوان المحاسبة وأمينه العام، ولأنني من بين الكتاب الصحفيين المتابعين عن كثب لهذه المؤسسة الرقابية ومعجب تماما بإجراءاتها وتقاريرها وصرامتها (أكثر من غيرها) في تعاملها مع المال العام، شعرت بأن البعض ممن يكتب (طاب على الشغلة طبّة)، ويتغافل عن كثير من البديهيات والمنطق والعدالة.
اولا مكافأة أمين عام ديوان المحاسبة هي الف دينار شهريا، وهو مبلغ ضئيل جدا مقارنة مع جهوده وجهود ومكافآت زملائه في مؤسسة اصبحت بيت خبرة ويتولى موظفوها مهام ومسؤوليات تفوق ما يتولاه 100 ضعف من أقرانهم في المؤسسات الأخرى، علما بأنها مكافأة قديمة وتم اقرارها قبل تعيين الأمين العام الحالي.
أما بالنسبة لمكافأة او راتب رئيس الديوان الحالي، فهو يتقاضى 4 آلاف دينار شهريا، علما أنه موظف بنك كبير ومعروف وكان راتبه وحوافزه ومكافآته في البنك حوالي 8 آلاف دينار شهريا، ولأن الحكومة تعاني وتحسب مليون حساب حين تحدد مكافآت للذين تستقطبهم من القطاع الخاص، فهي تماطل وتراوح وتحاول التفلت من هذه الاستحقاقات، وأحينا تعجز فعلا عن جرأة اتخاذ قرار فتخسر كثيرين ممن استقطبتهم، ولعل امين عام وزارة التعليم العالي مثال واضح، وكذلك نقول عن رئيس ديوان المحاسبة الحالي الذي كان يتقاضى الفي دينار شهريا وأصبحت 4 آلاف شهريا بخسارة 4 آلاف مقارنة مع وضعه قبل ان يقبل بهذه الوظيفة، التي أصبح بسببها عرضة لمزايدات المستعرضين وغيرهم.
اكتب هذه المقالة وانا أجلس في مكتب مدير فرع صغير لأحد البنوك (ناوي على قرض كمان)، وحين اقارن ما يقوم به هذا المدير وما يتقاضاه من رواتب وحوافز(اكثر من 60 الف سنوي) مع جهود ومسؤوليات مسؤولي بيت خبرة كديوان المحاسبة أقول (الله يستر ع الحكومة والدولة وعلى كل أردني يتنازل عن حقوقه من أجل الدولة والوطن) ..