اقتصاديون: الإعفاء الضريبي على مدخلات الإنتاج يعزز التنافسية والنمو الاقتصادي

أكد اقتصاديون وممثلون عن القطاع الخاص، أن قرار الحكومة الأردنية الأخير بإخضاع عدد من مدخلات الإنتاج ومستلزمات القطاعات الحيوية لضريبة مبيعات بنسبة صفر، يمثل خطوة استراتيجية لتحفيز الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسية المملكة على المستوى الإقليمي في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتحقيق النمو.

ويأتي القرار ضمن حزمة إجراءات حكومية تهدف إلى تهيئة بيئة أعمال مواتية، تخفف من الأعباء التشغيلية على القطاعات المنتجة، وتزيد من جاذبية السوق الأردني أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة في ظل ما يواجهه الاقتصاد من تحديات مرتبطة بارتفاع التكاليف وتباطؤ النمو.

وأوضحوا في حديثهم لوكالة الأنباء الأردية (بترا)، أن هذا الإجراء يعد جزءا من سياسة مالية أوسع تهدف إلى تقوية القاعدة الإنتاجية وتعزيز مناخ الاستثمار وضبط التضخم، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي

وقال نقيب المقاولين الأردنيين، المهندس فؤاد الدويري، إن القرار يعد رافعة حقيقية لقطاع المقاولات والإنشاءات الذي يعد من أبرز القطاعات المحركة لعجلة التنمية وتوفير فرص العمل في المملكة.

وأكد الدويري أن إدراج مستلزمات ومواد البناء وقطع الغيار ضمن السلع الخاضعة لضريبة بنسبة صفر، من شأنه أن يخفض الكلف التشغيلية للمشاريع الهندسية ويزيد من قدرة المقاولين على الالتزام بالمواصفات الفنية والبرامج الزمنية للتنفيذ، لا سيما في المشاريع الحكومية الكبرى ومشاريع البنية التحتية.

وأشار إلى أن القرار ينسجم مع قانون البيئة الاستثمارية رقم 21 لسنة 2022، ويمثل تطبيقا عمليا لتوجهات الدولة نحو خلق بيئة تنافسية جاذبة ومشجعة للنمو، مطالبا باستمرار مراجعة قوائم الإعفاءات بالتنسيق مع النقابات والقطاع الخاص، لتوسيعها بما يعزز استدامة النمو وديمومة المشاريع التنموية.

من جهته، بين أستاذ المالية في جامعة آل البيت الدكتور عمر الغرايبة، أن القرار يشكل أداة اقتصادية فاعلة في خفض كلفة الإنتاج بنسبة تصل إلى 4 بالمئة في بعض القطاعات، ما يعزز من هوامش الربح ويشجع على التوسع في المشاريع القائمة واستقطاب مستثمرين جدد إلى السوق الأردني.

وأضاف، إن القرار سيترك أثرا مباشرا على قطاعات استراتيجية مثل الصناعة، والنقل والإنشاءات، حيث تشكل المستلزمات وقطع الغيار جزءا كبيرا من الكلفة التشغيلية، خاصة في الصناعات الثقيلة والمشاريع الكبرى.

وأشار إلى أن هذه الحوافز قد تسهم في رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تصل إلى 8 بالمئة سنويا، خاصة إذا ترافق القرار مع الاستقرار في التشريعات الاقتصادية، وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالتسجيل والترخيص.

وفيما يتعلق بالأثر على الأسعار في السوق المحلي، رجح الغرايبة عدم انعكاس فوري على أسعار السلع للمستهلك النهائي، لافتا إلى أن الشركات غالبا ما تحتفظ بجزء من الوفورات لتعزيز ربحيتها أو إعادة استثمارها، إلا أن الأثر الأوضح سيكون في كبح جماح التضخم ومنع زيادات سعرية إضافية، وهو ما يمثل إنجازا مهما في بيئة تعاني من ضغوط معيشية متزايدة.

وقال إن الاستفادة الحقيقية من القرار ستكون على مستوى الاستدامة الاقتصادية، من خلال رفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة قد تصل إلى 1 بالمئة سنويا وزيادة فرص التصدير وتعزيز تنافسية المنتجات الأردنية في الأسواق الإقليمية والدولية، مؤكدا أن التوسع في الإنتاج نتيجة خفض الكلفة التشغيلية سينعكس إيجابيا على سوق العمل من خلال خلق فرص عمل مباشرة في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والإنشاءات وغير مباشرة في الخدمات اللوجستية والمساندة.

وتقدر الزيادة المحتملة في فرص التوظيف بنسبة 1–2 بالمئة سنويا، مع إمكانية خفض معدلات البطالة بمقدار 0.5–1 بالمئة، في حال تم توجيه الوفورات الضريبية نحو التوسع الإنتاجي لا نحو زيادة الأرباح فقط.

بدوره، قال استاذ المالية في جامعة البلقاء ساهر العدوس، إن هذا الإجراء يعد توجها حكوميا حازما نحو دعم القاعدة الإنتاجية وتخفيف الأعباء التشغيلية على القطاعات الحيوية، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والضغوط التضخمية.

ولفت الى أن القرار يعكس الوعي الحكومي بأهمية توفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة تواكب متطلبات السوق المحلي والإقليمي وتضع الأردن في موقع تنافسي أفضل مقارنة بالدول المجاورة التي تفرض معدلات ضرائب أعلى على مدخلات الإنتاج.