ملتقى النخبة يناقش تحول العادات الاجتماعية إلى عبء اقتصادي

ضمن جلسات ملتقى النخبة - Elite ،الثلاثاء، عُقدت ندوة حوارية بعنوان:"حفلات على مدار السنة.. وتكاليف بلا حدود، العادات الاجتماعية إلى أين؟"، ناقش المشاركون خلالها التغيّرات المتسارعة في العادات الاجتماعية، والتحول الملحوظ من البساطة والتكافل إلى المبالغة في المناسبات والاحتفالات، بما أصبح يشكل عبئًا ماليًا ونفسيًا على الكثير من الأسر.

وتناول الحوار بجرأة وشفافية كيفية الموازنة بين الحفاظ على جوهر العادات والتقاليد الأصيلة، وبين الحد من المظاهر المبالغ فيها التي باتت ترهق الناس في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

كما دعا المتحدثون إلى ضرورة إعادة النظر في بعض السلوكيات المجتمعية الحديثة، والعودة إلى البساطة والنية الطيبة التي كانت تسود العلاقات في الماضي.


وتاليا نص الحوارية وأبرز مداخلات المشاركين فيها:

إخواني وأخواتي، نحن اليوم أمام قضية تلامس بيوتنا جميعاً، فالعادات الاجتماعية التي كبرنا عليها كانت دوماً سبباً في الألفة والتراحم، وكانت عنواناً للمحبة والتواصل.

زمان، كان الواحد يزور قريبه أو جاره ويكتفي بفنجان قهوة أو كأس شاي، وكانت الهدايا بسيطة لكنها مليئة بالمعنى، ولم يكن هناك حسابات أو تكاليف تثقل أحداً.

لكن اليوم، اختلفت الأمور، صارت المناسبات تتكاثر والطقوس تتعدد، فالأعراس مثلاً لم تعد تقتصر على ليلة واحدة، بل أصبحت سلسلة طويلة تبدأ بجاهة كبيرة، مروراً بالخطوبة والحنة، ثم الزفاف الضخم، والتوجيهي الذي كان حفلاً واحداً، صار الآن يُحتفى به لسنتين، وحفلات أعياد الميلاد التي انتشرت وصارت تقليداً دائماً. ومع ذلك كله ارتفعت تكاليف الضيافة والهدايا، حتى صار بعض الناس يخفون مرض مريضهم عن الآخرين لئلا يرهقهم استقبال الزائرين، وصار آخرون يتجنبون العيادة والزيارة، او حتى الاتصال، خشية الحرج والعجز عن مجاراة التكاليف.

لهذا نحن هنا اليوم، لنفتح حواراً مجتمعياً صريحاً وجريئاً، نسأل فيه أنفسنا، كيف يمكن أن نحافظ على معنى العادات الاجتماعية الجميل، دون أن تتحول إلى عبء يرهق الناس؟، كيف نعيد البساطة التي عرفها أهلنا وأجدادنا، ونخفف على بعضنا في زمن ضاقت فيه الحال واشتدت فيه الظروف الاقتصادية؟!

- كيف نوازن بين الحفاظ على العادات الاجتماعية كقيمة إنسانية، وبين الحد من التكاليف الباهظة التي باتت تثقل كاهل جميع الأطراف؟
- هل يمكن إحياء البساطة القديمة في الضيافة والهدايا، أم أن المجتمع تجاوز تلك المرحلة وصار من الصعب العودة إليها؟
- ما دور الإعلام ورجال الدين والوجهاء في تصحيح هذه الظاهرة، والدعوة إلى تقليل المظاهر المبالغ فيها، وبكونوا قدوة في ذلك؟
- هل يمكن للمجتمع أن يتفق على أعراف جديدة في المناسبات، بحيث تصبح أكثر بساطة وأقل تكلفة؟
- ما أثر هذه العادات المرهقة على العلاقات الاجتماعية، وهل تؤدي فعلاً إلى مزيد من القطيعة بدلاً من زيادة الصلة؟
- كيف يمكن تحويل الحوار إلى مبادرات عملية على الأرض، تترجم في شكل التزام جماعي أو ميثاق مجتمعي يخفف عن الناس؟
- ما انعكاس هذه التكاليف المتزايدة على الاقتصاد الوطني، وهل هي استنزاف غير مجدٍ للموارد أم يمكن أن توظف بشكل أفضل لخدمة المجتمع؟





*الاستاذة منى الفاعوري.. كانت مداخلتها كما يلي:

منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية ونحن نعيش مشهد من التحولات الاجتماعية والثقافية تزايدت فيه التحديات الاقتصادية وأصبحت الاحتفالات هما ماليا على الأفراد والمجتمع مما وجب إعادة النظر في كيفية الاحتفال بالمناسبات المختلفة فنحن لا نمنع الفرح في المناسبات بل علينا أن نرسم مسارا أكثر انسجاما مع واقعنا الاقتصادي والشعور بالسعادة الحقيقية ليست بالتكاليف الباهضة بل بمشاركة مع من نحب بجمال بساطتها وتعطي للفرح قيمته .

ولنذكر في عام1981 عندما صدرت وثيقة السلط الشعبية التي تهدف إلى يقظة شعبية عبرت عن معاناة المواطن الاجتماعيه عندما ابتعدنا عن تراثنا الأصيل وعاداتنا الحميدة الموروثة عن الآباء والأجداد والاستهلاك الذي ساد مجتمعنا وساد الاسراف المفرط والمبالغة المتهورة في الإنفاق والتي لم تكن خسائر للجيوب بل الزيف والرياء والنفاق الاجتماعي بتقليد اصحاب المال والذوات، واليوم ارتأت مجموعة من المواطنين المفكرين في مدينة السلط بمبادرة الحوار نحو حياة فضلى "على قد لحافك" وتهدف بالعودة بعاداتنا وتقاليدنا إلى صورتها النقية وإعادة الصدق في العلاقات التي تشد أواصر الأردنيين وغسلها من الرياء والنفاق في الممارسات الاجتماعية، ففي بيوت العزاء تحديد مدة العزاء بيومين الى ثلاثة بعد العصر وتقديم الطعام لاهل المتوفى فقط .

ومن جانب آخر حفلات الجاهة والخطوبة تختصر على الاهل وفي بيت العروس أو في مكان ضمن الأصول بعيدا عن الصالات والفنادق وحفلات التخرج والنجاح تختصر على الأهل والأصدقاء وليس في الصالات والمزارع والاسراف المفرط في النفقات وجميع هذه السلوكيات غير المريحة والتي أثقلت كاهل المواطن ولا يمكن علاجه الا بإعادة النظر في عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة واليقظة الشعبية بسلوكياتنا نحو حياة فضلى وبما يتناسب مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وان لا نكون رهن القروض والديون التي تؤدي إلى السجون.






*العميد المتقاعد هاشم المجالي.. أوضح وجهة نظره كما يلي:

 الحفلات والعادات والتكاليف في هذا الزمن بالفعل تشكّل انعكاسًا لحالة التحولات الكبرى التي تمر بها المجتمعات، سواء من ناحية الغزو الثقافي والإعلامي أو من ناحية التغير في منظومة القيم.

لو عدنا للعصور التي ذكرتَها (الأموي، العباسي، المملوكي، الفاطمي، العثماني) سنجد أنّها رغم ما كان فيها من صراعات وأخطاء، إلا أنّها بقيت ضمن إطار المرجعية الإسلامية، حيث كانت الهوية والمرجعية الفكرية واضحة. أما اليوم، بعد نهاية الحقبة العثمانية، أصبحنا أمام عصر جديد تحكمه قوى خارجية، أبرزها المشروع الصهيوني الذي يعمل عبر أدواته على:

تشويه الهوية الثقافية عبر نشر أنماط حياة غريبة عن مجتمعاتنا.

تفكيك الأسرة من خلال المظاهر الاستهلاكية المبالغ فيها في الحفلات والزواجات وإغراق الشباب في التقليد الأعمى، والابتعاد عن الأصالة.

استبدال القدوة من العلماء والمصلحين بالمشاهير والفنانين.

ولذلك نجد أن العادات اليوم أصبحت باهظة التكاليف بلا معنى، مثل حفلات الزفاف أو المناسبات الاجتماعية التي تحولت إلى مظاهر استعراضية، بينما في الأصل كانت مناسبات دينية واجتماعية تعزز صلة الرحم والتكافل. ولهذا فأن الحلول لهذه المشكلة يجب البحث عنها وترسيخها لأننا
لسنا مجرد "شاهدين" على هذا التحول، بل يمكن أن نكون "فاعلين" في مواجهته عبر:

-إحياء القيم الصحيحة في حياتنا اليومية.

-التمسك بالهوية ومقاومة التقليد الأعمى.

-التربية الواعية للأبناء على المعايير الإسلامية الأصيلة.

-تبسيط العادات في الأفراح والمناسبات لتعود إلى جوهرها الحقيقي.






*اللواء المتقاعد كمال الملكاوي.. كانت مداخلته تحت عنوان "إحياء البساطة" الموروثة في عاداتنا الاجتماعية، وإعادة تعريف مفاهيم "الضيافة والكرم والاحتفال":

حثّ الدين الاسلامي الحنيف على الترشيد وعدم الإسراف، كما حرص المجتمع الأردني في الحفاظ على القيم الاجتماعية الأصيلة والعادات، انطلاقاً من حق الجميع أن يفرح ويحتفل بالمناسبات ومن واجب أهله ومحبيه مشاركته الفرح وتهنئته.


أصبحت "البساطة الاجتماعية الطوعية" اتجاهاً عالمياً، فهناك حركة عالمية تُعرف بالـ "مينيماليزم" كمدرسة تنموية تدعو للتوفير وتبسيط حياة الإنسان، كي يعيش ويمارس حياته بالضرورات لا الكماليات، فيخفف عن كاهله أعباءاً اجتماعية ويشارك النشاطات الاجتماعية بانسيابية، ما ينعكس إيجاباً بالحرص على مشاركة أفراح الآخرين.


حال توفر القناعة والإرادة في سبيل تحقيق تكافل اجتماعي اقتصادي بين فئات المجتمع، يمكن "إحياء البساطة" الموروثة في عاداتنا، ومنها مفاهيم الضيافة والكرم والاحتفال، وبالتالي فإن التغيير وارد وممكن، بحيث يختار الأردنيون بوعي وأهمية إعادة تعريف هذه المفاهيم، بعيداً عن التباهي بالمادية والبذخ، وهذا يتطلب تغييراً في الممارسات، فالمجتمع لم يتجاوز بعد المرحلة لدرجة اللاعودة، ويمكن تحقيق هذه العودة من خلال القدوة الاجتماعية كرجال الدين والقدوات الاجتماعية والأشخاص المؤثرون في المجتمع؛ باتباع نمط أكثر بساطة، من خلال حملات إعلامية، خطب رجال الدين، ووضع ميثاق اجتماعي من قبل العشيرة، وهكذا حتى يصبح عرفاً سائداً.


يمكن تبنِّي نماذج احتفالية بديلة تركز على القيم بدلاً من المظاهر، بتحويل الهدايا من قيمتها المادية إلى رمزيتها، وتعد الضيافة البسيطة بالعودة إلى مفهوم "الجود من الموجود" بدلاً من البذخ في الطعام والشراب، وتغيير "ثقافة التوقعات في المشاركة" بتخفيف الضغوط الاجتماعية المتعلقة بمستوى الاحتفالات والهدايا.


من هذه النماذج إقامة حفلات الزفاف البسيطة في المنازل أو بالتوجّه نحو الطبيعة كالحدائق باستخدام ديكور بسيط، والاعتماد على المواد المتاحة محليًا والديكور القابل لإعادة التدوير والاستخدام، مما يقلل التكاليف مع الحفاظ على الجمالية بإضافة لمسة شخصية في تبادل الهدايا الرمزية من الصناعات اليدوية المنزلية وذات المعنى مثل الكتب المُلهمة أو الأدوات الكتابية وبطاقات التهنئة كبديل عن الهدايا التجارية من "الماركات باهظة الثمن"، كما أن يمكن تعزيز اتجاهات مجتمعية داعمة للبساطة كالتوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحملات التثقيف لفكرة "الزواج البسيط" و"حفل تخرّج بلا ديون"، مما يشجع الشباب على تبني نمط حياة أقل تكلفة، مثل مبادرات محلية بتنظيم ورش عمل لتعليم صناعة الهدايا المنزلية، وتبادل الأقلام المحفور عليها اسماء الزملاء بين الخريجين من الطلاب أو الكتب الثرية بالفكر والمعرفة.





*فيما كان رأي السيد محمود الملكاوي في هذه النقاط:

- يواجه مجتمعنا الأردني مشكلة التكاليف المرهقة المرتبطة بالعادات الإجتماعية ، الأمر الذي يُثقل كاهل أفراد هذا المجتمع واغراقهم بالديون والضغوطات المتزايدة ، خاصةً الطبقات الوسطى والفقيرة التي تسعى لتقليد الطبقة العليا التي تمتلك المال والنفوذ!.


  • يجب العمل على توعية المجتمع بكل طبقاته بضرورة التمسك بالبساطة في شتى المناسبات ، والفَرح الحقيقيّ بدلاً من المظاهر الباهظة والمُكلفة ، مع ضرورة إعادة صياغة العلاقات الإجتماعية لتكون أكثرَ صدقاً وتعكس الشعور الحقيقيّ والمشاركة بدلاً من مجرد الدَّعوات للصَّالات والحَفلات والمآدب ، ويقع على عاتق مختلف المؤسسات ووسائل الإعلام وخُطباء المساجد التركيز على هذه المشكلة.
    - بعض الأُسُر للأسف تتّجه لتقليد الطبقات الغنية في إقامة حفلات باذخة ، خوفًا من نظرة المجتمع ، وتقليل شأن المناسبة من زواجٍ أو نجاحٍ أو تخرُّجٍ أو تولي مَنْصِب أو عَزاء...الخ.
    - هناك دور للباحثين الإجتماعيين والناشطين للقيام به لتوعية المجتمع بضرورة التَّمسُّك بالعادات الأصيلة التي تحمل معاني الحبّ والفرح ، وليس المظاهر الباذخة !.
    - الدعوة إلى تبنِّي البَساطة والفرَح الحقيقي في حفلات الزفاف والتخرج والنجاح ، بعيدًا عن البذخ والتصنُّع والمبالغة ، لخلق ذكريات جميلة وواقعية.
    - ضرورة تفعيل المبادرات الشعبية المجتمعية -والتي تنسجم مع تعاليم العقيدة الإسلامية السَّمِحة والسُّنة النبوية الشريفة- وانطلقت في عدة محافظات أردنية ، وتُعالج ظاهرةَ المُبالغة في الاحتفالات والعادات الاجتماعية الدَّخيلة.
    - ضرورة التَّوقُّف عن إطلاق العيارات النارية في مناسبات الأفراح ومواكب الخرِّيجين ، والتوقف عن إقامة الولائم من قِبَل أهْل المُتًوفَّى ، وفى حالات الأفراح ، بالإضافة إلى أنْ تكون مواعيد التَّعزية محدًّدة بوقت ويُكتفى عند المقبرة بعد الدَّفن ، تخفيفاً على أهل المُتوفَّى من الإرهاق والتَّعب والتَّعطيل عن أعمالهم ، وقيام وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية تكثيف الدور التّوْعوي للحدّ من جميع الظواهر السلبية الدَّخيلة على العادات والتقاليد الأردنية.





    *النائب السابق واستاذ العلوم السياسية الدكتور هايل ودعان الدعجة.. كانت مداخلته كما يلي:

    بدأنا نلحظ في الاونة الاخيرة وجود دعوات وحملات شعبية تستهدف اعادة النظر ببعض المظاهر والعادات الاجتماعية المكلفة والتي لا تستقيم مع الاوضاع والاحوال الحالية للكثير من الناس ، كولائم العزاء والجاهات والاحتفالات المبالغ بها عند اي او اقل مناسبة اجتماعية خاصة النجاح . وان هذه الاخيرة هي التي باتت لافتة وذلك من حيث حجمها وسرعة انتشارها وتوقيتها الذي يأتي في الوقت الذي يطالب به نسبة كبيرة من الناس بالغاء الكثير من السلوكيات والعادات الاجتماعية . وان الملاحظ على هذا المظهر تحديدا شموليته تقريبا حتى بات يمارس من كافة الشرائح الاجتماعية تقريبا ، بما يمكن وصفه بالعدوى التي يحاول من خلالها البعض ركوب الموجة ولو من باب مجاراة غيره وعدم الشعور بالنقص او العجز ، وربما حتى لا يشعر ابنه او ابنته بانها اقل من غيرها .. وان المناسبة الاجتماعية التي حفزته على ذلك انما هي مجرد فرصة .. قام باستغلالها للدخول في هذا المعترك الذي ربما اراد من خلالها اثبات وجوده .. !!! .
    ومن الامور اللافتة في هذه المسألة الاجتماعية الكلف الزائدة التي باتت تترتب على الناس على شكل هدايا ونقوط .. وبشكل متكرر .. وذلك بغض النظر عن امكاناته المادية .. التي وان لم تكن متوفرة فقد توقع صاحبها بالحرج لانه سيجد نفسه عاجزا عن مشاركة الاخرين افراحهم .. دون ان يغيب عن بالنا ان هذه النقوط هي بمثابة ديون عليه تسديدها وذلك بغض النظر ايضا عن وضعه المالي .. الامر الذي يتطلب تكثيف الحملات والدعوات المطالبة باعادة النظر بهذه المناسبات الاجتماعية المرهقة والمكلفة والمحرجة عبر وسائل الاعلام المختلفة ودور العبادة خاصة في خطب الجمعة وفي تخصيص ندوات ولقاءات لخلق حالة من الوعي بضرورة العمل على الغائها ..
    وكما هو ملاحظ فان مجتمعنا بدأ يشهد طرح ما يسمى بالوثائق الاجتماعية ( العشائرية ) للحد من مثل هذه المظاهر .. والتي اخذت تلقى تجاوبا بصورة خففت منها ومن الاكلاف المترتبة عليها ..
    وعلينا ان نأخذ باعتبارنا التفاوت بين الفئات الاجتماعية ماليا واجتماعيا ومعيشيا .. فاذا ما كان هناك فئة اجتماعية تقوى على التعاطي مع المناسبات الاجتماعية ، فان هناك اخرى تعاني من العوز والفقر وضيق ذات اليد ، فلا نجبرها على حمل ما لا تقوى على حمله..





    *العميد المتقاعد الدكتور عديل الشرمان كانت وجهة نظره كالآتي:

    لقد أفرغ بعضنا هذه العادات من مضمونها، وصارت بالنسبة للبعض همّا يحتكم للبروتوكولات، وما أن تنتهي المناسبة حتى ينجلي همها.

    نجلس مع بعض في زيارات عائلية والمعزب كل همه ماذا يقدّم من واجبات الضيافة حتى لا يتهم بالتقصير، وصار النظر إلى الساعة وعد الدقائق مهما، وأصبح الواحد منا محاسب على كلمة تخرج منه، وصارت مناسباتنا الاجتماعية شكلية وكأنها عبئا ودينا لا بد من سداده.

    يخرج البعض من الضيوف بعد جلسة ناقدة مترقبة يشوبها الحذر من الجانبين بدلا من العفوية والبساطة ليدور الحديث عن ماذا قدّم المضيف، وهل قام بالواجب كما ينبغي، وكأن الواجب بالنسبة للبعض في كم ما يقدم المضيف للضيف، وكأن الكرم والسخاء لا يتحقق إلا بالإسراف والتبذير في المأكل والمشرب.

    وهل كان اكرام الضيف إلا قيمة جميلة وأخلاق راسخة تتحقق ببشاشة الوجه وبحسن الاستقبال والترحاب، والدفء في الحديث والمعاملة، لكن التكلف الزائد والمبالغة في غير محلها أفسدت المودة والمحبة بين الناس.

    أعتقد أن العولمة واختلاط الثقافات أسهم إلى حد كبير في تحول عاداتنا لتصبح مزيجا من ثقافات اجنبية باتت تهيمن علينا، وهذا له بعد سلبي خطير حيث يؤدي ذلك إلى تهميش عاداتنا الاصيلة وتفريغها من مضمونها، وطمس هويتنا ومسخها داخل الثقافة المهيمنة.

    لذا فالأمر يتطلب التوعية والتثقيف، ووضع عاداتنا في اطارها الصحيح، وهنا لا بد من اطلاق المبادرات، واطلاق الحوار المجتمعي لمناقشة هذه العادات، وقيام الجهات المعنية بدورها كالمسجد ووسائل الاعلام وغيرهما للقيام بحركة تصحيح لما انحرف من عاداتنا وقيمنا الاجتماعية عن مساره السليم.






    *السيد جميل خالد القماز كانت مداخلته تحت عنوان "افراح مرهقة":

    الفرح زائر تحبه القلوب، وتهفو إليه الأرواح. فما أجمل أن يجتمع الناس في بيت واحد، يتشاركوا الفرح،،، ويعطّرونه بدعاء صادق،،، العادات والتقاليد هي زينة الشعوب، تحفظ ذاكرتها وتروي حكايتها، حتى وإن بدت أحيانا غريبة أو مبالغا فيها.

    غير أن ما نراه اليوم في مناسباتنا يشبه سباقا محموم لا ينتهي، مظاهر جديدة، وتكاليف تتضاعف، وكأن الفرح صار امتحانا لا بد من اجتيازه بالمال والشكليات...

    نستعد للأيام قبل موعدها بوقت طويل، نُرهق الجيوب ونثقل الكواهل، لا لشيء إلا لنواكب موجة المظاهر.

    أما الضيف، فغالبا لا يطرق الباب فارغ اليدين، يحمل هدية أو مبلغا نقديا، فاصبح يحسب حساب المناسبة الف مرة وتراودة فكرة عدم الحضور والاعتذار والتحجج باي سبب ،،، ولكن السبب الحقيقي الجهد والمال، وربما يرهقه أكثر مما يفرحه. وهكذا يتحول الاحتفال، من مساحة دفء ومشاركة، إلى عبء متبادل بين الضيف والمضيف.

    لسنا ضد الفرح، ولا ضد أن نُدخل السرور على القلوب، لكننا ضد تلك الصغائر الكثيرة التي صعدت وطفت على السطح،،، احتفالات أعياد الميلاد التي تجاوزت جدران البيوت، حفلات التخرج التي أصبحت استعراضا لا حدثا، ومناسبات أخرى تكبر يوما بعد يوم حتى لا نكاد نحصيها.

    قد يقول قائل: هذه موجودة منذ زمن بعيد، نعم… لكنها كانت بسيطة، نقية، بلا بهرجة ولا تنافس. الفرق بين الأمس واليوم تلك المظاهر الجديدة التي صحبت المناسبة،،
    لتسحب البساطة المعهودة ، ليحل محلها صخب يرهق الجيب ويتعب الروح.

    وماذا بعد هذا الجهد من وقت ومشقة ،
    و نهر المال الذي لا يتوقف من طرفي المعادلة،
    الم يحن الوقت العود للبساطة او انهاء هذا الهدر الغير محسوب؟.






    *السيد فيصل تايه "كاتب وباحث خبير تربوي وناشط سياسي واجتماعي" كانت مداخلته كما يلي:

    ان موضوع الحفلات والمناسبات الاجتماعية يلامس همًّا حقيقيًّا في حياتنا، إذ إنّ الحفلات الممتدة على مدار العام وتكاليفها الباهظة بلا حدود باتت ترهق كاهل الناس ، فبدل أن تكون هذه المناسبات فرصة للودّ وصلة الرحم، تحوّلت عند الكثيرين إلى سباق في المظاهر والمباهاة، حتى أصبح بعضهم يستدين ليؤكد حضوره الاجتماعي، أو يحمّل نفسه ما لا يطيق.

    اليوم، نجد أن حفلات الخطوبة والزفاف تمتد لأيام وتتطلب نفقات هائلة، وكذلك مناسبات النجاح في التوجيهي أو التخرج من الجامعة لم تعد أقل كلفة من الأعراس ، بل حتى أعياد الميلاد، التي من المفترض أن تبقى لحظات عائلية بسيطة، صارت تُعامَل على أنها "واجب اجتماعي" مكلف.

    هذه المبالغات ليست مشكلة اقتصادية فحسب، بل تمسّ النسيج الاجتماعي برمّته ، إذ تعني انحراف العادات عن مسارها، وتحولها إلى عبء يحجب المعنى الإنساني الأصيل.

    ويبقى السؤال: من يُقنع مجتمعنا اليوم؟ ومن يملك الجرأة للمطالبة بإعادة الاعتبار لقيمة البساطة؟ نحن بحاجة إلى أعراف جديدة تضبط هذه الظاهرة: حفلات مختصرة، ضيافة رمزية، وهدايا معنوية قبل أن تكون مادية. وهنا يأتي دور الإعلام ورجال الدين والوجهاء، فهم قادرون على كسر هذه الحلقة إن التزموا هم أولاً بالقدوة.

    إنّ الدعوة إلى الاعتدال لا تعني حرمان الناس من التعبير عن فرحهم، بل هي حفاظ على جوهر العادات الجميلة وصون لكرامة الإنسان في زمن ضاقت فيه سبل العيش وتراجعت الدخول ، فإذا ما نجحنا في تحويل هذه الدعوات إلى ميثاق اجتماعي يلتزم به الجميع، سنعيد التوازن بين الفرح والبساطة، وبين التراحم والقدرة، وبذلك نصون الأهم: صفاء القلوب ونقاء العلاقات.

    إنها ليست دعوة إلى التقشّف، بل دعوة إلى استعادة المعنى الحقيقي للمناسبة، حيث الفرح أبقى وأصدق من المظاهر.






    *الدكتور معتصم الدباس أوجز رأيه في هذه المداخلة تحت عنوان: "المواءمة بين العادات الاجتماعية المرهقة وفوائد التواصل الاجتماعي هو الاساس"

    تُعَدّ العادات الاجتماعية جزءًا أصيلًا من ثقافة المجتمعات، فهي تعبّر عن القيم والتقاليد، وتُجسّد روابط المحبة والتكافل بين الناس. إلا أنّ بعض هذه العادات قد تتحوّل إلى عبءٍ مُرهق، خاصةً حين ترتبط بالمبالغة في الإنفاق، أو الإكثار من المناسبات، أو الالتزامات التي تتجاوز طاقة الأفراد. وهنا تبرز الحاجة إلى إيجاد مواءمة متوازنة بين الحفاظ على روح هذه العادات وبين تجنّب آثارها السلبية.
    من ناحية أخرى، يوفّر التواصل الاجتماعي – سواء عبر اللقاءات المباشرة أو من خلال المنصّات الرقمية – فوائد عديدة، إذ يعزّز الترابط الأسري، ويقوّي روح التعاون، ويفتح آفاقًا للتبادل المعرفي والدعم النفسي. ولعلّ أكثر ما يميّزه هو قدرته على تقليص المسافات، وتسهيل تواصل الناس بعيدًا عن مظاهر التكلّف المادي.
    المواءمة المنشودة تكمن في إعادة صياغة هذه العادات بما يحافظ على معناها الإنساني العميق دون أن تتحوّل إلى أعباء مالية أو نفسية. فبدلًا من التمسك بالشكل الخارجي المرهق، يمكن التركيز على الجوهر: الزيارة بقصد الاطمئنان، التهنئة بالكلمة الطيبة، والتواصل عبر الوسائل المتاحة والبسيطة. وبهذا، يمكن أن يجتمع خيرُ العادات الاجتماعية مع فوائد التواصل الحديث، ليُبنى مجتمع أكثر وعيًا وتراحمًا.






    *المهندس محمد زكي السعودي اختصر رأيه بالآتي:

    يا ترى هل يستطيع خطيب الجمعة في خطبته توجيه الناس لتغيير سلوكياتهم المجتمعية وعاداتهم المكتسبة ان لم يكن هو القدوة؟

    هل فعلاً نحن قادرون عندما تكون المناسبه في بيوتنا ان نغيير بسلوكياتنا ونترك عاداتنا ونقبل ان نسمع الانتقادات؟

    ان السلوك المجتمعي يتجه نحو البذخ والاسراف حسب الوضع المادي العام فإن كان المجتمع في حالة رفاه عامة تكون سلوكيات البذخ ظاهره وهذا ما نراه في الفنادق الخمس نجوم او الصالات الفخمة والعادية حسب الامكانات كذلك نراه بوضوح تام سواء في المخيمات او الدواوين او القرى من اماكن بها برج مضاء وساحة كبيرة ويا هلا بالجميع والمناسف شغالة لاتدري كم بلغت كلفتها وكيف تم تغطيتها ببيع قطعة ارض او قرض ربوي يثقل كاهل اصحاب المناسبة.

    وكلنا يتذكر وثيقة ابناء السلط للحد من الغلو في المناسبات، يا ترى هل يوجد من درس مدى الاثر لها ام نحن لانزال نعاني.
    ان الحالة الاقتصادية الحالية تعكس بظلالها على الجميع منا جعلنا في هذا الملتقى الطيب نتدارس الحالة ولنا توصيات بحاجة الى حامل حقيقي يؤثر في عملية التغيير كأن يقوم كبير قوم او شيخ قبيله واصحاب الوجاهة في المجتمعات بالاعلان وتطبيق القول بالغاء المناسف في العزوات لفقيد لهم وتحول الكلفه المقدرة للمناسف الى عمل خيري للمرحوم في بلده اليس لهذا التصرف فائده عامه يرتفع قدر الشيخ اكثر وكذلك في حفلات ولائم. الزواج الا يحرك هذا التصرف المجتمع ويغيبره اكثر من نصائح خطباء المساجد وينشر الوعي بشكل حقيقي ، (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغييروا ما في انفسهم).





    *الدكتور علي المر أوضح وجهة نظره تحت عنوان: "حفلات على مدار السنة وتكاليف بلا حدود ومجتمع يئن تحت وطأت الديون":

    أحسن ملتقى النخبة في اختيار هذا العنوان للحديث فيه لهذا الأسبوع. وهي قضية حقيقة مرهقة للدولة والمجتمع معًا ولكن تمر دون أن يلقي لها المخطط والمهتم بالشأن العام بالًا لأن كلفها موزعة على المجتمع كله وعلى الأسر والأفراد. ولا تشعر الدولة بها لأنها لا تستدين مباشرة أي مبلغ قل أو كثر للوفاء بها. ولكنها تدفعها في النهاية من الخزينة العامة ويدفها الفرد والمجتمع من وفوراتهم التي يفترض أن يكنزوها ليحولوها لمشاريع وأعمال إنتاجية مثل تعليم الأبناء ورفع مستوى المعيشة والمصالح المختلفة التي تدر دخلوا إضافيًا للأسرة.

    إن نظرة سريعة لأنواع المناسبات والاحتفالات التي تندرج تحت عنوان هذا الحوار وسببت أعباء متزايدة على المجتمع والدولة كثيرة وتزيدة كثرة باستمرار. ولو جئنا نستحضر بعضها لوجدنا أن الاحتفالات بإعلان نتائج التوجيهي أصبحت واحدة من الاحتفالات التي ترهق الأسر. ولنتصور أن عدد طلاب التوجيهي يبلغ ٢٠٠ ألف طالب تقريبًا. وأصبحت النتائج تعلن كل نصف سنة وعلى مدى عامين. أي ٤ احتفالات لكل طالب. ولو كلف الاحتفال مع الهدايا وكلفة الصالات والفرق والطلات والهدايا وكلفة الانتقال ٥٠٠ دينار فقط. معنى ذلك أن هذه الاحتفالات تكلف المجتمع والدولة في النهاية حوالي ١٠٠ مليون دينار. كثير منها يذهب للخارج بالعملة الصعبة. وكذلك الحال بدأت تنتشر عادة الاحتفال بعيد الميلاد فلو احتفل مليون أردني بعيد ميلاده وبكلفة رمزية ١٠٠ دينار فإن الكلفة الإجمالية على المجتمع والدولة هي ١٠٠ مليون. ومن الاحتفالات التي لا لزوم لها وتكلف كثيرًا هي إقامة حفلات الخطوبة في الصالات والفنادق. ولو كلفت كل خطبة ١٠٠٠ دينار في المعدل فإن الكلفة الإجمالية لنحو ٦٠ ألف حالة زواج في السنة هي ٦٠ مليون دينار.

    وبالإجمال وتقديرات أولية تناهز كلفة الاحتفالات غير المبررة نحو مليار دينار في كل سنة. ونصيب كل أسرة أردنية منها غنية أو فقيرة هو ٥٠٠ دينار في السنة في المعدل. وقد يزيد للضعف باعتبار الملف غير المباشرة. وعلى اعتبار ٢ مليون أسرة. وهذه كلف مرهقة وباهظة جدًا في ضوء معدلات الفقر والدخل السنوي للأسر.

    ولا يقتصر الأمر على الكلف المباشرة كما أسلفنا ولكن هنالك كلف غير مباشرة مثل كلفة الوقت والتنقل والهدايا والطلات والفرق الغنائية وغيرها وربما لا تقل عن سابقتها.

    إننا لا نستطيع أن نلغي المناسبات الاجتماعية ولكن يجب علينا أن نحارب البذخ والتكاثر والعادات السيئة في الإحتفال والانفاق. فلا داعي للاحتفال بالتوجيهي مثلًا في الصالات والصواوين واستدعاء الفرق وإقامة السهرات الباذخة.
    ويمكن الاحتفال في البيت ومع الأسرة فقط إذا لزم.
    ويخفف من غلواء هذه العادات إقامة القيم والأخلاق. فلا يحتفل على سبيل المثال بيت وفي البيت المجاور عزاء ولا يكلف من يخطب فتاة باستئجار صالة ويدفع كل ما يترتب عليها من أجل ساعتين بعدة آلاف دنانير. بل إن هذه العادة كما وصفها أحد المهتمين بالشأن العام تتنافى كسابقتها مع القيم الإسلامية والمروءة العربية فهي في الأصل واجب على والد الفتاة وعليه أن يقيمها على حسابه إن أصر عليها أو في بيته بأقل كلفة لتجنب الخسارات ولتعزير قيم التراحم والترابط الاجتماعي. فكم من مريض يعجز أعز الناس عليه من زيارته لعدم قدرته على حمل هدية معه له بدنانير قليلة.






    *الشيخ عبدالله المناجعه شيخ عشائر المناجعه الحويطات كانت مداخلته تحت عنوان: "الحفلات العامة والخاصة والموائد الدوارة":

    لم تعد المناسبات تعكس صدق مشاعر الناس بل هي انعكاس لمادرج عليه المجتمع من عادات وتقاليد كانت وسيلة ترابط وتراحم وفرح تراه في كل الاتجاهات او ترح يخيم على الجميع لكن مع الأسف اليوم تغير وتبدل كل شيء لان الإجتهادات النسائية غلبت على تصميم الرجال وثباتهم شئنا ام أبينا حقيقة صارت واضحة لكل عيان انا في اعتقادي الخطبة الحالية هي نفاق اكثر منه بناء بيت الزوجية كيف اقنع رئيس وزراء ليخطب لي من فلان وكيف لي في المقابل اقنع رئيس وزراء أن يعطي ملكة بنتي لفلان أليس هذا الفعل من المهازل التي نعيشها ونضحك عليها ونستهزىء بها عندما تكون عند الآخرين لكننا نرضخ لها أن كنا نحن المعنيين هذا جزء يسير مما يجري وهو مكلف فوق قدرة الناس لكن احيان مجبرين عليه ورغم هذا يقف الراشدون في المجتمع موقفا سلبيا تجاه ما يدمر البيوت وافراغ الجيوب وتراكم الديون والادهى أن من تحسبه قدوة يصبح تابع ذليل يدافع عما كان بالأمس ينتقده .. نعم نحن بحاجة الي وقفة جادة تتعاضد فيها الجهود للخلاص من الشوائب التي غطت على حقائق لابد من جلائها لتتكامل منظومة العادات والتقاليد في رفعة المجتمع وليس انحداره كل الاحترام.





    *العقيد المتقاعد موسى محمد مشاعرة اختصر وجهة نظره كالآتي:

    موضوع هام يلامس كل مواطن اردني ..فقد تعددت مناسبات الافراح سواء النجاح في مراحل الدراسة المختلفة او اعياد الميلاد والاعياد الدينية ..كلنا يحب الفرح ولكن بحدود وبحيث لاتؤدي الافراح الى تحميل الاخرين أعباء ثقيلة سواء بالهدايا او استخدام السيارات في الفاردات المختلفة الى الازعاج باغلاق الطرق واطلاق النار والزوامير الى غير ذلك ..ساتطرق الى حفلات الزفاف في مجتمعنا لانه من أهم المناسبات الاجتماعية التي تحمل طابعًا احتفاليًا وجماليًا، لكنها في الوقت نفسه أصبحت تشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على العرسان وأسرهم. فالتكاليف الباهظة للقاعات، وخدمات التصوير، وتنسيق الأزهار، والمأدبة الفاخرة، غالبًا ما تدفع العائلات إلى الديون أو استنزاف مدخراتهم، مما يجعل بداية الحياة الزوجية محملة بضغوطات مالية لا مبرر لها.
    ​التركيز المفرط على المظاهر الاجتماعية والتقليد الأعمى قد يكون هو السبب الرئيسي وراء هذه التكاليف المتصاعدة. حيث أصبح العرس يُقاس بمدى فخامته وبذخه بدلًا من أن يُنظر إليه كاحتفال بالحب وبداية لحياة جديدة. هذه الثقافة تدفع اهل العريس إلى التنافس على تنظيم حفلات خيالية في صالات او فنادق او ختى مزارع فارهة واقامة حفلات غداء او عشاء او بوفيه مفتوح لا تتناسب مع إمكانياتهم المادية، مما يتركهم في نهاية المطاف في وضع مالي صعب ويغرقوا العريس بالديون .
    ​لعل الوقت قد حان لإعادة النظر في هذه العادات، والتركيز على جوهر الزواج بدلًا من مظهره الخارجي. يمكن للعائلات أن تتبنى حلولًا أكثر بساطة وواقعية، مثل الاحتفال في أماكن أقل تكلفة أو الاكتفاء بحفل صغير يجمع الأهل والأصدقاء المقربين فقط. فجمال المناسبة لا يكمن في حجم الميزانية، بل في صدق المشاعر وفرحة المشاركة...






    *الدكتور خالد الجايح أوجز رأيه بالآتي:

    حقيقة ان هذا الأمر أجده من الأمور التي تؤكد ان العرب تحديدا لا يمكن ان ينقادوا إلى قانون او منطق طواعية اذا كان ذلك القانون او المنطق مخالف لما هو سائد في المجتمع.

    الانسان عموما والعربي خاصة مجبول على اتباع الأكثرية حتى لو لم تكن مقنعة او حتى لو تعارضت مع بعض مصالحه ( يعني كلفته او تخسره )،

    وتتركز تبعية العربي أكثر وتتأكد عندما يعيش بين عشيرته او في قرية محدودة المجتمع.

    ويشذ او يخرج عن هذه القاعدة أصحاب المال او الجاه في قومهم وأصحاب العقل الراجح جدا جدا، وهم في كل قوم قليلون.
    وقال عمرو بن ام كلثوم: "الا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين".

    فمع اعترافه وتقييمه لما فعله منازعهم بأنه جهل، ومع انه انسان عاقل، فقد استعد ان يجهل ما هو أجهل منه.

    وطبعا يتبعه حينها العقلاء والجهال من قومه، من اقتنع ومن هو غير مقتنع.
    الأمر الوحيد الذي ضبط العرب وصحى العقل وأنار البصيرة هو دين الله الإسلام، واسألوا التاريخ.
    فلا التزام كامل بأي قانون او حتى فكرة منطقية عند العربي الا ان كان الموجه له فيها دينيا ربانيا،
    وهذا يعني ان أردتم اي شعب عربي ملتزم القانون خلوق السلوك، فاعيدوه إلى الإسلام الصحيح الكامل التزاما، وحينها ترتاحون مع توفير عدد كبير من قوات الشرطة والأمن.






    *نقيب المهندسين الاسبق المهندس عبدالله عبيدات أوضح وجهة نظره بالآتي:

    لو تتبعنا اصل العادات والتقاليد الاجتماعية نجد انها تطورت من سلوك اجتماعي مبني على التراحم والتكافل الاجتماعي المبني على القيم الدينية والمجتمعية والتي تدلل على الاصالة والنخوة وحب المساعدة، ولكن مع مرور الزمن تعقدت وتوسعت هذه العادات لتكون عقدا اجتماعيا ثقيلا لا يمكن الانعتاق منه بل أصبحت بمثابة شبكة التزامات تثقل كاهن الأفراد وخاصة رب الاسرة.
    ممكن تقسيم إقامة حفلات الفرح والمشاركة بها من حيث اثرها الى:
    اولا: عادات وتقاليد هدفها المساعدة من خلال تقديم نقوط للمتزوجين او لمن بنى بيتا جديدا وهذا بمثابة قرض حسن.
    ثانيا: عادات وتقاليد إظهار الرياء والبطر مثل المبالغه في حفلات الاعراس والنجاح واعياد الميلاد
    ثالثا: عادات وتقاليد مفروضة مثل تقديم الطعام بسبب الوفاة والمبالغة فيها.
    ان الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به معظم المواطنين قد يدفع إلى حالتين الأولى مزيد من تحميل رب الاسرة أعباء مادية لا يمكن تحملها، والثانية الإبتعاد عن المشاركة في المناسبات للهروب من التبعات المادية وهذا قد يسبب توترات وحزازات اجتماعية.
    ان هذا الموضوع بحاجة الى اعادة نظر من خلال حوار اجتماعي تقوده النخب والمؤثرين ومن خلال نماذج عملية تكون قدوات مجتمعية.
    واختم بأن قوم ابراهيم عليه السلام قادتهم المجاملات الاجتماعية الى عبادة الاصنام حيث خاطبهم بالآية في القرآن: (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا).






    *النائب السابق الدكتور علي خلف الحجاحجة اختصر وجهة نظره كما يلي:

    بداية الفرح مشروع بل ومستحب فهو يدخل البهجة على النفوس، ولهذا كان فرح اهلنا عفوي فطري، لحكمة نبيلة وكانت مشاركاتهم نبيلة وهداياهم هادفةوقلوبهم على بعضهم بنوايا خالصة، فكان الناس يصنعون الفرح لصاحب المناسبة، بمبادرتهم وتحفيزهم، ووقوفهم الى جانبه فكان الفرح عفوي مجاني يتم بالتعاون والتعاضد فيفرح الجميع، فتبدلت الأحوال فصار الفرح شكليا للمشاركين وعبء على صاحب المناسبة، واليوم أيضا قليل من يبادر بالتهنئة الا من قبيل سداد الدين أو رفع العتب، وينشغل الكثيرون بالنقد والسخرية، والادهى أن هناك فهم لم يدرك معناه الكثيرون الا وهو قيام أصحاب النجاحات على وجه الخصوص بدعوة الناس لتهنئتهم بدلا من ان يبادر الناس من ذواتهم تحت مسمى (تحلاية).
    وعلاج هذه الظواهر والفقاعات الشكلية يحتاج لا إلى وثيقة ولا الى تعهد..
    ولكن يحتاج:
    * حملة إعلانية توعوية للعودة لمنظومة القيم.
    * البدء بالتزام المجموعات والجروبات والاسر
    * القيام بجهود جماعية على مستوى المدرسة الجامعة وخاصة الطلبة الخريجين، الجمعيات الخيرية المنتديات الثقافية النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات النسائية وغيرها.
    * ضوابط من مديرية الأمن العام للمسيرات والاغلاقات ومخالفات للاصطفاف المزدوج وغيره
    وغير ذلك الكثير






    *العميد المتقاعد محمد الحبيس أوجز رأيه بهذه المداخلة:

    نعمل اشياء كثيرة وبدون رغبة منا وقناعات وايضا بدون رضانا ونعلم انها مرهقة لنا ولأسباب احيانا التقليد الاجتماعي والضغوط التي تمارس بسبب ممارسات التي تستحدث أو تستورد وتصبح تقليد بلا تفكير...

    المجتمعات التي استوردنا منها بعضا من ممارساتنا اقلعت عنها وإن وجدت فهي موجودة في فئات وطبقات معينه في تلك المجتمعات ولكن بشكل أقل لأن المدعويين محدودين وبتنظيم ولايسبب احراج او كلفه أكثر من المخطط له...

    عاداتنا الاجتماعية تزداد ضغوطها لسبب الزيادة المضطردة في السكان وهذا يزيد الاعباء ..

    نحتاج الى معجزة لضبط عاداتنا وتنظيمها بشكل ميسر..






    *الدكتور عيد ابو دلبوح اختصر وجهة نظره بالآتي:

    الاحتفالات غير الطبيعية وبكافو اشكالها واختلاف أنواعها والذي يظهر جليا الان ناتج عن سبب واحد فقط وهو (عقده النقص) ،وبدا من الذي يختار ليقود جاهه عرمرميه،فهو يختال لذلك ومن نزعه انه كبير قوم من نفسه بسسب منصب مظلي ويريد ان يبقى على الساحه ،فلوكان على قدر قياده الجاهه لكان عرف متطلباتها ومنها مثلا إذا حصل خلاف ما بين العرسان،،، فمثل هذا المثال إذا كان كبير الجاهه لا يعرف العريس او العروس وحتى لا يعرف ابيه او اباه فكيف يقبل لنفسه ان يقود الجاه لا يعرف اهلها ومن هنا نجد ان سببها عقده النقص.
    والكلام ينطبق على والدي العرسان واشقائه وامتداد العائله، وعقده النقص انه معروف بالفرح لا يحتاج اعداد مهوله والسبب لانه فرحان ومبسوط فاذا نفسه مبسوط فاذن يختلف عن حاله العزاء او المصايب وهنا يظهر سبب كثره العدد للمواساه من اجل تخفيف المصاب.
    ولكن الاحتفالات لا يجوز ان تتعدى على مشاعر الناس وبدا من مخالفه القوانين،،وبكافه اشكالها من اغلاق طرق وأصوات موسيقى صاخبه .
    واكبر تاكيد على عقده النقص عندما نجد أفراح وفي غزه تذبح الناس مثل الخراف،،،فهذا لا يجوز.
    وعقده النقص فلا يجوز وبالذات من هو او هي في موقع النسؤوليه تجاه الناس والوطن ان يتعدى هذا النسؤول على مشاعر الناس هو عدم احترام مشاعرهم ومشاعر الامه.
    فلا بد من ان يكون الانسان واثق بنفسه وليعمل على قدر استطاعته فقط فعندها فسوف نتخلص من النفوس والتي لديها امراض عقد النقص.






    *النائب السابق الدكتور عيد النعيمات اختتم الحوار بهذه المداخلة والتفصيل تحت عنوان: "الاقتصاد العائلي بين الواجب والراتب":

    تُعد المناسبات الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، سواء كانت أعراسًا، أو عزاءً، أو مناسبات دينية، أو تجمعات عائلية، ومع ذلك، تُشكل التكاليف الباهظة لهذه المناسبات عبئًا ماليًا كبيرًا على الأفراد والعائلات مضافة إلى الأعباء الحياتية الأخرى التي تضاعفت وتعددت في السنوات اللاحقة وتحولت بها الكماليات إلى ضروريات مقابل محدودية الدخل وضآلته أمام الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات الأساسية .
    ولعل المبالغة في الضيافة والإفراط بها أحد أسبابها، فغالبًا ما يُعتبر تقديم الطعام والشراب بكميات كبيرة جزءًا من الضيافة والكرم التي اعتادت عليها مجتمعاتنا مما يؤدي إلى زيادة التكاليف، فالذبيحة التي تزن أكثر من ٢٠ كم غراما ويصل سعرها إلى حوالي ٢٥٠ دينارا قد تقدم لشخص أو عدة أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وهي بالأصل قد تطعم حيا بأكمله، أو أن سعرها قد يدفع ثمن كهرباء لمدة عام لبعض العائلات المستورة، مثلا .

    فمسألة التفاخر والتظاهر موروثة في مجتمعنا وتوظف في المناسبات الاجتماعية كفرصة للتفاخر والتظاهر بالثراء، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف بشكل غير ضروري( شو يقولوا عنا ؟).

    والأمر الآخر هو الالتزام بسيف العادات والتقاليد الصارم الذي يؤدي إلى زيادة التكاليف، خاصة إذا كانت هذه العادات تتطلب تجهيزات أو طقوسًا معينة، فلا يجرؤ أحد أن يخالف ما درج عليه الناس في الوسط الذي يعيش فيه بصرف النظر عن التفاوت في الدخول ( ما حدا أحسن من حدا) .

    والثالث، هو كثرة المناسبات المبتدعة التي ظهرت على السطح وجلها يعود إلى النساء اللواتي يصنعن من أي موقف مناسبة اجتماعية وقد كفتنا وسائل التواصل مؤونة من تقديم العذر بعدم معرفة المناسبة والإحاطة بها، ولم يكن أمامنا سوى التنفيذ، والأمر لا يتعدى أن يكون نوعا من المنافسة المبطنة والمباهاة المضمنة بين العائلات؛ ولأجل ذلك تُفْتَعَل كثيرا من المناسبات وتُسْتَحَدَث، ابتداء من الحمل وانتهاء بزواج المحمول، وقد يزيد تعدادها عن عشرين احتفالية سنوية وعرضية ومرضية، وهكذا …
    ومما يزيد الأمر صعوبة هو تضارب مواعيد تلك المناسبات وازدحامها وخصوصا الأعراس التي تتركز في نهاية الأسبوع .

    هناك عدة طرق يمكن اتباعها للحد من التكاليف الباهظة في المناسبات الاجتماعية، منها:
    - أولا: يمكن أن يساعد التخطيط المسبق في تحديد الميزانية وتقليل التكاليف غير الضرورية.
    - ثانيا : يمكن تقليل عدد الضيوف المدعوين إلى المناسبات، مما يقلل من تكاليف الطعام والشراب والمكان، والتضييق يقتصر مثلا على الأقارب والأصدقاء والجيران، وأن نلتزم بحدود المكان إلى حد ما، ويمكن أيضا ألا نتوسع بالمعارف والأصدقاء وألا نعد كثرتهم دليل عزٍّ وجاه.
    - ثالثا : يمكن البحث عن بدائل أقل تكلفة للاحتفال بالمناسبات، مثل تقليل أنواع الطعام المقدمة أو استخدام أماكن أقل تكلفة.
    - رابعا: يمكن أن تتشارك العائلات والمجتمعات في تقديم الطعام والخدمات للمناسبات الاجتماعية، مما يقلل من العبء المالي على الأفراد.
    - خامسا: يمكن التركيز على الجوانب الروحية والمعنوية للمناسبات، مثل التعبير عن الامتنان والاحترام والمودة، بدلاً من التركيز على الجوانب المادية.
    - سادسا : يجب أن ندرك أهمية التوعية والتثقيف حول كيفية الحد من التكاليف الباهظة في المناسبات الاجتماعية ويمكن أن تساعد الحملات التوعوية في تغيير السلوكيات والعادات، وتشجيع الأفراد على اتباع طرق أكثر كفاءة في الاحتفال بالمناسبات.

     وختاما، يمكن الحد من التكاليف الباهظة دون المساس بالجوهر الثقافي والاجتماعي لهذه المناسبات، كما أنه يتوجب علينا أن نجد طرقًا لتحقيق التوازن بين الحفاظ على العادات والتقاليد وبين النفقات المتعلقة بها لضمان استمرار هذه المناسبات كجزء من حياتنا الاجتماعية.