التربية والتعليم العالي وزارة واحدة.. هل ذلك ممكن؟

 رؤى قديمة جديدة، ومساع لم تتوقف منذ سنين، بشأن هيكلة قطاع التعليم لجهة التحديث والتطوير، والتمكين، وحتى الإصلاح، وصولا لمنظومة تعليمية تترجم توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني بهذا الشأن، ومتابعات سمو الأمير الحسين ولي العهد، وبذلت لهذه الغاية جهود ضخمة من الحكومة ورئاسة الوزراء ووزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، ووزيرة الدولة لشؤون تطوير القطاع العام وهيئة الخدمة والإدارة العامة وهيئة الاعتماد وضمان الجودة ووزارة العمل.

ورافق الحديث عن هيكلة قطاع التعليم خطة لدمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، ووضعت لذلك صيغ واضحة تنظيمية وتشريعية، وخاصة بالموارد البشرية، علاوة على آلية عمل المؤسسات التابعة لكليهما، فتم فصل بعضها تماما عن جسم وزارته فيما تم وضع آليات للتعامل مع باقي المؤسسات، وبين جدليات ولقاءات وورش عمل، وإشراك العديد من الخبراء المحليين والدوليين وعقد مقابلات واجتماعات مكثفة مع جميع أصحاب العلاقة في القطاع التعليمي، تم التوصل لاعتماد التصميم والرؤية من خلال لجنة وزارية شكلت لهذه الغاية، لتصبح الصورة مكتملة اليوم، بوجود وزارة واحدة تعدّ مظلة لوزارتي التربية والتعليم العالي، توحّد القرار التعليمي بشقيه المدرسي والجامعي وحتى المهني، وتنظم هذا القطاع بشكل كامل.

ووسط هذا الحراك لإعادة هيكلة قطاع التعليم، برزت جدليات حول إذا كان دمج وزارتي التربية والتعليم العالي ممكنا؟، علما بأن الحقيبتين منذ سنين يحملهما وزير واحد، لكن فتحت هذه الجدليات مساحات من النقاش، التي حسمتها الحكومة، بأن الأمر ليس دمجا لوزارتين بقدر ما هو تنظيم وإعادة هيكلة للقطاع التعليمي، ليأتي إنشاء وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية ضمن خارطة طريق تحديث القطاع العام، ويهدف إلى تحديث منظومة التعليم، وإيجاد مرجعية واحدة لرسم السياسات التعليمية، ورافق ذلك إعلان حكومي أنها على وشك إطلاق الوزارة، والتي تعد أهم المبادرات ضمن هيكلة قطاع التعليم.

حسم حكومي بأن التفكير في تحديث وإعادة هيكلة التعليم، بإنشاء وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية ليس قائما على دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي؛ وإنما في سعي لوجود وزارة تعليم وتنمية موارد بشرية جديدة بنموذج تشغيلي جديد يقوم على تعزيز دور الوزارة كمنظّم وصانع للسياسات وتعزيز دور مديريات التعليم كجهة تدير التنفيذ في الميدان مع صلاحيات أوسع، بترتيبات تنظيمية وتشريعية هامة وعملية، حيث انتهت الحكومة مؤخرا من إعداد مسودة القانون الخاص بوزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية ومن المنتظر إرساله لمجلس النواب خلال الشهر المقبل، كذلك تم إعداد مسودة نظام التنظيم الإداري وجار العمل على مراجعة قانون الجامعات الخاصة لعكس بعض التعديلات الرئيسية التي تعزز استقلالية مؤسسات التعليم العالي.

كل ذلك، يقودنا بداية الى ان وجود وزارة واحدة للتربية والتعليم العالي ممكن، وتم وضع ضروريات هذا الأمر، بتفنيد وفقا لصانعي القرار التعليمي وكذلك التحديثي يجعل من القادم منظما، وعمليا، ويدفع باتجاه التحسين والتطوير، ومعالجة اختلالات سابقة وتوحيد مرجعية صناعة القرار التعليمي لجميع المراحل التعليمية بما فيها مرحلة تعليم الطفولة المبكرة والتعليم الأساسي والثانوي والتعليم العالي والتعليم والتدريب المهني والتقني، ووجود هيكل تنظيمي رشيق، وتفويض المزيد من الصلاحيات إلى مديريات التعليم، وتعزيز استقلالية الجامعات،  وهو ما أكدت الحكومة أنه سيتحقق بوجود الوزارة الجديدة، التي ستأخذ مقرا لها المبنى الرئيسي لوزارة التربية والتعليم الحالي.

كل جديد، معرّض للجدل، لكن حتما في وضع أطر عملية له سيكون متقبلا، بل يشكّل حلا للكثير من الأخطاء السابقة، وهو ما ستحققه الوزارة الجديدة وفقا لما تُعلن عنه الحكومة، في توحيد مرجعيات رسم السياسات التعليمية، وتحديث قطاع التعليم.