ستيف ويتكوف يهودي من اصل بلغاري ،وهو محامي ومستثمر عقارات،وملياردير امريكي ،ومقرب جدا من الرئيس الامريكي دونالد ترمب منذ فترة رئاسته الاولى،وقد اشترى منه مئات الشقق والعقارات،ولذلك اختاره مبعوثا خاصا له للشرق الاوسط.
لأول مرة منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة،قبل اكثر من واحد وعشرين شهرا،يزور مسؤول امريكي من ادارة ترمب قطاع غزة، بعد ان فتك الجوع بمليونين واربعمائة الف فلسطيني في القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي،واتخاذ التجويع وسيلة اخرى لحرب الابادة الجماعية التي تقوم بها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
تأتي الزيارة بعد ان اغلق نتنياهو جميع الطرق المؤدية الى اتفاق صفقة التبادل ووقف العدوان،حيث كانت اقلام التوقيع على الاتفاق بأيدي المتفاوضين،لكن نتنياهو كعادته افشل الاتفاق في اللحظة الاخيرة،وتراجع كما فعل في المرات السابقة ،ولم تفعل الادارة الامريكية شيئا.
الاهداف المعلنة لزيارة ويتكوف لغزة ،البحث عن ممرات انسانية آمنة لايصال المساعدات لسكان القطاع ،وايصالها وتوزيعها بشكل عادل ومناسب.
لكن اهداف الزيارة الحقيقية مختلفة تماما ،وهي البحث عن وسائل اكثر قوة وحدة وتأثير على سكان القطاع ،ووضعهم تحت ضغوطات اقوى واعنف واشد فتكا، لاجبارهم على الرحيل والهجرة ،ووتفتيت المجتمع الغزاوي وتقسيمه الى فئات متناحرة متخاصمة متصارعة، هدفها رغيف الخبز وكيس الطحين وحبة االدواء وكاس المياه،وتجاهل جرائم الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه،وفرض واقع احتلالي امني عسكري يخدم الاهداف الاسرائيلية،ويلغي كافة الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها السياسية والوجودية.
ويتكوف زار مراكز الاعدام ومصائد الموت ومواقع الاغتيالات، التي انشأتها الادارة الامريكية بالتعاون مع الجيش الاحتلال لتوزيع المساعدات، بهدف استدراج المجوعين الغزيين وقتلهم حولها، في الوقت الذي كان يتوجب عليه ان يزور مئات آلاف الخيم المنتشرة في مختلف المواقع،والاطلاع على الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون.
قام جيش الاحتلال بالتحضير للزيارة، واظهر صورة فيها نظام وانتظام وأمن وهدوء، اثناء توزيع المساعدات على المجوعين بوجود ويتكوف، وهي صورة مخالفة تماما للواقع المرير الذي يواجهه سكان القطاع.
الدافع الرئيسي لزيارة ويتكوف لقطاع غزة،هو البحث عن بدائل لكل ما تم تجريبه حتى الان ضد القطاع،من اجل تحرير الاسرى الاسرائيليين، والقضاء على المقاومة، وبعد فشلهم في تحقيق اهداف العدوان، بدأوا يتحدثون عن صفقات شاملة، اساسها استعادة جميع الاسرى الاحياء والاموات، لكن هل سيستجيبون لمطالب الجانب الفلسطيني بوقف الحرب بشكل دائم، والافراج عن اسرى فلسطينيين، والانسحاب الاسرائيلي الكامل من القطاع وانهاء الحصار وادخال المساعدات واعادة الاعمار، وتسوية سياسية في القطاع يفترض ان تقود الى تسوية شاملة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
بالنسبة لنتنياهو وحكومته، هذه الصفقة وان كانت شاملة،لا تحقق الا هدفا واحدا من اهداف النصر المطلق الاسرائيلية، وهو استعادة الاسرى،فيما تبقى الاهداف الاخرى دون تحقيق،وهي القضاء على المقاومة ،وتهجير الفلسطينيين من القطاع واحتلاله بالكامل وعودة المستوطنات والمستوطنين اليه بشكل مكثف،وغيرها.
عند بدء العدوان تحدثوا عن ازالة قطاع غزة من الوجود،ثم عن اجتثاث المقاومة بشكل كامل،ثم عن شراء قطاع غزة وجعله ريفيرا المنطقة ،ثم تهجير الفلسطينيين وبحثوا مع دول عديدة امكانية استقبالهم،والان يتحدثون عن صفقة شاملة وعن احتلال كامل القطاع وضمه للكيان،المهم في الموضوع ان خيارا واحدا من هذه الخيارات لم يتحقق ولن ينجح،وكلما تعددت الخيارات كلما تأكد فشل العدوان، ودل على توهان المعتدي وعدم قدرته على التركيز ،وغرقه في وحل غزة الذي يحاول الخروج منه دون جدوى ،والفشل في الوصول الى اي نتيجة تحفظ له ماء الوجه ،وفي النهاية خيبة محققة.
جيش الاحتلال يتلاعب بالمساعدات الانسانية ،التي تصل غزة برا وجوا،ويجعل منها اداة لتعذيب المجوعين الفلسطينيين وقتلهم،وسببا للمشاجرات والصدامات بين المواطنين،فهو يوجهها نحو تجار جشعين احيانا،ونحو متعاونين معه احيانا اخرى،ليحتكروها ،ويمنعوا وصولها لمستحقيها،لذا لا بد من تسليم تلك المساعدات للاونروا التي لها خبرات طويلة جدا في هذا المجال،وتوزيعها على المجوعين وايصالها لهم.
زيارة ويتكوف لغزة،بداية رسم مخطط ومشروع جديد امريكي اسرائيلي مشترك،قد يحقق لهم بعض الاهداف،ولا يمكن ان تكون الزيارة لصالح الفلسطينيين ولو بنسبة واحد بالمليون.