كشفت دراسة حديثة أجراها علماء بريطانيون أن الأشخاص ذوي القدرات المعرفية العالية قد يكونون أقل تمسكًا بالمبادئ الأخلاقية، وهو ما قد يعود إلى تطور تفكيرهم التحليلي الذي يجعلهم أقل اعتمادًا على العاطفة والحدس في اتخاذ القرارات الأخلاقية.
ووفقًا لما نشرته مجلة Intelligence، لا تزال العلاقة بين الذكاء والمواقف الأخلاقية محل جدل، إذ أن الدراسات السابقة قدمت نتائج متباينة. لكن فريقًا من الباحثين بقيادة البروفيسور تيموثي بيتس، أستاذ علم نفس الفروق الفردية بجامعة إدنبرة، أجرى دراستين حديثتين قد تغير هذا الفهم التقليدي.
في الدراسة الأولى، شارك 463 شخصًا من المملكة المتحدة، بمتوسط أعمار بلغ نحو 43 عامًا، وأُجريت على مرحلتين: الأولى تضمنت استبيانًا لقياس المبادئ الأخلاقية، تلتها بعد أسبوعين اختبارات للقدرات المعرفية، مع الحفاظ على سرية المشاركين من خلال استخدام رموز مجهولة.
وجاءت النتائج مفاجئة للباحثين، حيث أظهرت وجود علاقة عكسية بين الذكاء والمبادئ الأخلاقية، بمتوسط ارتباط بلغ -0.16، ما يشير إلى أن الأفراد الأكثر ذكاءً كانوا أقل التزامًا بالقيم الأخلاقية التقليدية.
لتأكيد هذه النتائج، أُجريت دراسة ثانية على عينة أكبر ضمت 857 مشاركًا، باستخدام نفس المنهجية. وبيّنت النتائج مجددًا أن الأشخاص ذوي الذكاء المرتفع أبدوا استجابات أخلاقية أقل عاطفية وأكثر تحليلية، مما انعكس في دعم أضعف للقواعد الأخلاقية المتعارف عليها.
وقال البروفيسور بيتس: "تمنحنا هذه النتائج دليلاً أكثر قوة بفضل استخدامنا لعينات كبيرة وأدوات تقييم دقيقة، ما يضعف من مصداقية النماذج التي تفترض وجود علاقة إيجابية بين الذكاء والأخلاق".
لكنه شدد على أن النتائج لا تعني بالضرورة أن الأذكياء أقل أخلاقًا، بل إنهم ببساطة أكثر ميلًا للتفكير النقدي والتشكيك في الدوافع العاطفية التي غالبًا ما تشكل أساس السلوك الأخلاقي.