كيف تحولت لعبة "إشعال السلكة" إلى جريمة تستوجب الضبط؟

 بعدما أعلنت مديرية الأمن العام، منع اللعب بالخريس "سلكة الجلي" في الشوارع والأماكن العامة، نتيجة الحرائق والإصابات الخطيرة التي تعرّض لها مواطنون في الأيام الماضية، إلا أن هذه اللعبة تُعتبر تراثًا رمضانيًا يتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل.

يعود أصل فكرة اللعب بالخريس في رمضان إلى بعض العادات الشعبية والتقاليد التي تُمارَس في بعض الدول العربية ومنها الأردن، خصوصًا في الأحياء القديمة والمناطق الريفية. إذ كان الأطفال قديمًا يستخدمونها خلال شهر رمضان وبعد وقت الإفطار للهو واللعب.

وكانت الخريس في الأصل عبارة عن لعبة شعبية تُصنع من مواد متاحة محليًا، وغالبًا ما كانت تتكوّن من أجزاء خشبية صغيرة أو كرات صغيرة يتم إشعالها.

ونظرًا لأن اللعبة نشأت في البيئة التقليدية البسيطة، حيث كان الأطفال يبتكرون ألعابهم باستخدام الأشياء المتاحة لهم في البيئة المحيطة، كانت الخريس تُعتبر لعبة ترفيهية تُمارَس بعد الإفطار في رمضان.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشار مجموعة من الفيديوهات لتحديات بين الشباب، أو مقاطع فيديو تقدم اللعبة بشكل عصري ومضحك، ما جعلها تصبح "تريندًا" عبر التواصل الاجتماعي.

وباعتبار أن اللعبة أصبحت أداة تشجّع على السلوك العدواني بين الأطفال، حيث قد تحدث منافسات تؤدي إلى تصرفات عدائية بينهم، ينتج عنها إصابات في العين أو اليدين أو أجزاء أخرى من الجسم بسبب النيران المتطايرة، عممت مديرية الأمن العام بضبط كل من يقوم باستخدام السلكة للعب في الشوارع نتيجة الحوادث والإصابات الخطيرة التي تعرّض لها مواطنون.

أستاذ علم الاجتماع البروفيسور حسين الخزاعي، قال لـ عمون، إن منع اللعبة جاء نتيجة الاستخدام الخطر من قبل الشباب، كما أن مفهوم اللعبة تغيّر بعد انتشارها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأضاف الخزاعي أن اللعبة شهدت تغيرًا في الفئة العمرية، والطبيعة الجغرافية والسكانية، مضيفًا أنها أصبحت لعبة تُروّع المواطنين، وتثير الفوضى في المجتمع.

وأكد أن وسائل التواصل الاجتماعي أخذت اللعبة إلى منحى العنف المجتمعي، لافتًا إلى ضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم من المحتوى الذي يتعرضون له عبر منصات التواصل الاجتماعي، والألعاب الخطرة التي يقومون باللعب بها.

الثلاثيني علي وهو من سكان محافظة العاصمة عمّان، قال لـ عمون، إنه لم يتخيل يوما أن تصبح لعبة الطفولة "السلكة" سببا في ضبط الشبان او الاطفال الذين يقومون بها، لكنه استهجن في الوقت ذاته التطويرات التي احدثت عليها.

يقول علي إن في طفولته لم تكن العديد من الألعاب متاحة بين ايدي الاطفال، فكانوت يبحثون عما يساعدهم في اللهو، ومنها لعبة اشعال الخريس في الساحات الفارغة وامام المنازل وعلى الاسطح، وهي لعبة تعلمها من والده كما بقية الاطفال آنذاك الذين تعلموها من آبائهم..

لكن الأمر اختلف اليوم، بحسب ما قال، فصار الأمر أكثر خطورة، إذ بثت مقاطع فيديو اظهرت استخدام اللعبة بشكل لم يكن متوقعا أيضا، منها تركيب "السلكة" على "درل" لتدور أكثر ما يدفع إلى عدم السيطرة على الشرار والنيران الصادرة عن السلكة، إضافة إلى عجلات المركبات والاستعراض غير المنطقي.

وكذلك يرى الشاب الثلاثيني خالد، أن قرار مديرية الأمن العام بضبط من يقوم بهذه اللعبة مبررا، وذلك لأن الخطورة الناتجة عنها قد تؤدي إلى كوارث وحرائق وهو ما شوهد في مقاطع الفيديو التي بثت، موضحا أنه وإن كانت اللعبة مرتبطة بطفولة جيل كامل، إلا أنه لا يمكن الدفاع عنها في ما تسببه من مخاطر.