المحامية اسراء ضويع المحادين
يعتبر انكار وجود العنف ضد المرأة بكافة اشكاله من اهم أسباب عدم نجاعة الاليات الموضوعة لمحاربته - اذ ما زال هناك انكار لكل ما يتعلق بالمرأة ٫ في كل مرة نتحدث عن العنف نجد من يقول (ما عنا عنف) وهناك من يقول اننا نبتدع هذه القصص لأسباب عدة لن اذكرها هنا.
وفي سبيل توضيح بعض الأرقام الواردة من جهات رسميه عن العنف ضد المرأة ابين ما يلي وحسب احصائيات التقرير السنوي للفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف، بأن عدد حالات العنف الأسري المسجلة عام 2023، والتي قدمت للفريق من الجهات المعنية، قد بلغت (58064) حالة في الأردن متوزعة بين مختلف أنواع العنف الجسدي والجنسي والنفسي والإهمال، ويمثل الفريق، بحسب التقرير 30 عضوا يمثلون 33 جهة حكومية وغير حكومية، حيث يعمل الفريق وفق نظام رقم 33 لسنة 2016. ويكشف التقرير، أن غالبية ضحايا حالات العنف الأسري المسجلة أيضا وفق المعلومات المرصودة، هن من الإناث وبنسبة 80 % من الحالات المسجلة خلال 2023.
اتوقف هنا فيما يتعلق في عدد قضايا العنف الاسري والتي يتوجب التوضيح ان هذه الاعداد ليست دقيقه وانما تعتبر مؤشرا فقط إذا ان الكثير من حالات العنف لا تطلب المساعدة ولا تتقدم بالشكوى لأسباب ثقافيه اجتماعيه اقتصاديه وغيرها.
ولكن اعتقد ان وجود هذه الاعداد الموثقة يبين على الأقل جزء من حجم المشكلة والتي ليست حكرا على الاردن بالمناسبة وانما هي قضيه على مستوى العالم ٫ ان الفارق ان بعض مواطني الدول الأخرى يوفرون جهودهم في البحث عن حلول بدلا من الانكار.
ومن منطلق العنف بشكل عام نذهب الى الاشكال الأخرى للعنف ومنها العنف الالكتروني الذي سمح للعنف ان يتنقل من المواجهة المباشرة الى الفضاء الالكتروني والذي اعطى المجال لكل من يعتقد بأحقيته بالانتقاد والإساءة بأن يقوم بذلك بمنتهى السهولة ضاربا بعرض الحائط ما قد يترتب على ما كتب من اثار نفسيه وجسديه واجتماعيه في كثير من الأحيان.
كان من الضروري كتابة هذه المقدمة للوصول الى موضوع العنف الانتخابي ضد المرأة وهو ان شئنا ام ابينا انعكاس لثقافة العنف ابتداء وكما نقول دائما لا يمكن الحكم على العنف الجامعي او العنف الالكتروني او العنف السياسي بمعزل عن ثقافة العنف والتي تأتي من سلطة قوة يمنحها المعنف لنفسه ليمارسها على المعنفه.
وقبل ان يبادرني احدهم بأن العنف يقع علي الذكور والاناث اجيب نعم ولكن حجم التأثير علي المرأة مختلف تماما وأيضا ثقافة المجتمع تعرف ذلك.
وفي موضوع العنف الانتخابي وعلى الرغم من انها قضية موجودة في كل دول العالم ولا تقتصر علي الاردن فقط ويحدث العنف الانتخابي طوال الدورة الانتخابية الا ان ما سأورده من ارقام هنا هي ارقام من الاردن - من مسح ميداني شمل محافظاتنا العزيزة كاملة ببواديها وحضرها ومدنها وقراها وليست نقتصره على منطقه معينه.
ففي تقرير نشره مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب في شهر تموز عام ٢٠٢٠ وردت بعض النتائج على النحو التالي:
-أبلغت المرشحات السابقات وعددهن ٨٨ مرشحة عن ١٥٣ حالة عنف انتخابي واجهنها خلال تجربتهن في الترشح٫ حيث عرفت معظم المستجيبات ان العنف كان يهدف الى اجبارهن على سحب الترشيح لإفساح المجال لمرشح ذكر في الغالب – كما أفادت العديد منهن عن تلقي عروض ماليه للانسحاب واذا لم يفلح الابتزاز المالي يتحول الامر الى هجوم ضدهن والذي يشكلك في اهليتهن للترشح للانتخابات.
-كما صنفت المرشحات السابقات اشكال العنف الانتخابي الى كل من – ابتزاز مالي – تعليقات حول الحياة الشخصية – او لغة سلبيه او مهينه – اعتداء جسدي – التشهير والافتراء والتهديدات الإلكترونية والتي غالبا لا تطال المرشحة فقط بل يطال افراد اسرتها أيضا (التقرير موجود كاملا باللغتين على موقع مركز قلعة الكرك Www.karakcastle.org.
-وفي تقرير مراقبة العنف الانتخابي خلال الانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٠ جاءت بعض الارقام كالتالي:
-في تفاعل الناخبين مع الحملات الالكترونية للمرشحات (حيث كانت الحملات إلكترونية بسبب جائحة كورونا) أفادت ٣٨.٥٪ من المرشحات بأن التعامل مع حملاتهن كان سيئا الى سيئا جدا
-كما أفادت ٣٠.٦٪ من المرشحات بأن تفاعل وسائل الاعلام مع حملاتهن كان سيئا الى سيئا جدا
-أفادت ٤٣.٢٪ من المرشحات بأنهن تعرضن لضغوطات تهدف الى اجبارهن على الانسحاب من الانتخابات أكثر من ٧٠٪ من هذه الضغوطات كانت ضغوطات عشائرية وعائلية
-أفادت ٤٤.١٪ من المرشحات الى التعرض للإساءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما يوازي ٢٥ ألف تعليق مسيئ / كامل التقرير منشور باللغتين على موقع مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب www.karakcastle.org
-وهذه عينه فقط من مخرجات التقارير المتخصصة والشكاوى التي كانت تصل مباشرة للهيئة المستقلة للانتخاب والتقارير الأخرى عن واقع العنف ضد المرأة والتي جميعها وجدت طريقها الى اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي وجدت الامر من الأهمية بمكان لإدراج حماية المرأة من كافة اشكال العنف في التعديلات الدستورية الأخيرة حيث ورد في الفقرة السادسة من المادة السادسة من الدستور : تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز.
وفي الختام يجب ان نقدر التفات الهيئة المستقلة للانتخاب الى محاربة العنف الانتخابي وإصدار تعريف له سيعمل على وضع التعليمات والتشريعات الرادعة له الامر الذي يؤدي بالنتيجة الى زيادة نسبة مشاركة المرأة السياسية والتي يسعي الاردن كبلد يواجه مشاركة سياسية متواضعة نسبيا حيث بلغت نسبة مشاركة المرشحات النساء في الانتخابات النيابية الماضية ٢٢٪ فقط ونسبة المقترعات الاناث كانت ١٢.١٢٪ من اجمالي المقترعين فقط ٬ وهذه تعتبر سابقة جديدة اردنية على مستوى المنطقة لإصدار مثل هذا التعريف والذي يعتبر خطوة مهمه في الاتجاه الصحيح لمحاربة العنف الانتخابي وتنفيذ العملية الانتخابية بالشكل اللائق