في ظل تحديات وجودية ... هل نحن جاهزون؟

بعد مئة يوم من الحرب على غزة ضمن إقليم تشهد ساحاته معارك -على صفيح ساخن- حساباتُ خصومها وجودية و نفوذية تنذر إما بانفجار معركة اقليمية أو لربما تكتيكات حربية لخدمة أهداف معلنة و غير معلنة، وعلى أعتاب استحقاقات لن تكون فيها حسابات اليوم التالي للحرب على غزة وما يرافقه من غليان في المنطقة بمنئى عن تحديات إقليم هو جزء من عالم تحدياته غير قابلة للتجزئة ولا مجال فيها للنأي بمصالح أحادية الجانب بمعزل عن ما يحدث في المنطقة، فسواء أنتحدث عن التحديات السياسية أو الأمنية أو الإقتصادية أو الإنسانية المتسارعة والتي تتطلب منا التعامل معها بوعي سياسي لما يحيط بنا من تحديات وجود ونفوذ ستفرض علينا أعباء واستحقاقات دون أي ترحيل أو تجميل. بذل الاردن وما يزال جهوداً سياسية ودبلوماسية و إنسانية متقدمة تجاه القضية الفلسطينية و أحداث غزة و المنطقة بأسرها وصمام أمان تجاه آفة المخدرات، وندرك تماماً أنّنا لن نكون سنداً إلا إذا كنّا أقوياء بجبهتنا الداخلية، بمجتمعنا المتعلم الواعي الذي تتنافس فيه القوى السياسية الوطنية على تنوعها على إعلاء المصلحة الوطنية وخدمة المواطن ضمن مشروعات وطنية سياسية و اقتصادية ذات رؤية بعيدة المدى تضمن ترجمة المشاركة الشعبية في صنع وتوجيه القرارات والسياسات الحكومية ليكون كل واحد منا في موقعه لبنة بناء في صرح الوطن لا حجر عثرة وسط تحديات إقليمية متسارعة ما عاد يجدي معها ترحيل مواجهتها بالحلول والاساليب التقليدية، بل بعمل حقيقي جاد يأخذ بعين الإعتبار المصلحة الوطنية العليا والثوابت الوطنية كضرورة وحاجة وطنية ملحة لا تحتمل اي تردد أو تأخير، ليحتفظ الاردن وفق منهجية مؤسسية مستدامة بميزته التنافسية و دوره الأساسي في الإقليم والعالم. جولة سمو ولي العهد الأخيرة الى سنغافورة -أحد أسرع اقتصادات العالم نمواً- تضعنا على أعتاب نهج حداثي مهم وضروري يطرق فرص التنمية بعيداً عن ديباجة شُح الموارد وينبه لدروب فرص وخيارات متعددة لشراكات استراتيجية حقيقية متاحة, فالاردن بحكم موقعه الجيوسياسي الذي يؤهله لأن يكون مركزا اقليميا أو شريكاً أساسياً في التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي و التنمية الخضراء و في استدامة موارد الطاقة النظيفة وفي تعزيز الفرص في حصص المياه الدافئة و المدن الاستثمارية من حولنا، واسعاف القطاع السياحي بالتركيز على السياحة الداخلية و الدينية و العلاجية و تعزيز الاعتماد على الذات و تجويد المنتجات الوطنية و ترويجها معززاً ذلك كله ببيئة استثمارية و إدارة عامة تُعلي مصلحة الوطن العليا و ترسخ تطبيق الادارة الحصيفة والخدمة العامة للمواطنين وتنبذ أشكال إساءة استخدام السلطة، بشكل يفضي الى إحداث تغيير حقيقي وملموس في حياة المواطن الاردني، ذلك قبل أن تفرض تلك التحديات مساراتها و التزاماتها و تتضاءل الخيارات المتاحة. اعتدت التفاؤل المستنير و المستند لإيماني بشواهد تاريخيّة يخرج منها الأردن دائما أقوى، وأتيقن أيضاً أن العالم الجديد سيلفظ كل ضعيف . فهل سنقبل الجلوس على قارعة الطريق في عالم باتت حساباته الإنسانية مُذَيَّله و تحدياتُه متسارعة، تفرض شروطَ بقاءٍ ونفوذ في عالم تخبرنا آخر أحداثه و مستجداته أن البقاء للأقوى؟، فلنعمل نحن ليومنا التالي معززين جهود الأردن السياسية والدبلوماسية بقيادة جلالة الملك عملاً لا قولاً.