عدي صافي
هل ستنتهي هذه الحرب مثل سابقاتها؟
أدّعي ومعي الكثيرون أنَّ معركة طوفان الأقصى لن تنتهي بهدنة مفتوحة؛ فالمقاومة لقنت "اسرائيل" درساً لن تنساه وتركت جرحاً لن يضمد، و"اسرائيل" منَحت نفسها ضوءاً أحضراً ودعمتها عواصم الإستعمار في ذلك، لبدء حرب ابادة على القطاع؛ تسعى من خلاله لهدفين، أولاهما التخلص من المقاومة التي ارقتها منذ عقود، وثانيهما احتلال القطاع والمضي قدماً في مشروعها الإقليمي.
أظنّ ووفقاً لما يجرى أنَّ خطط اسرائيل بعد انهيار صورتها العظمى أمام العالم تتمحور حول الإستمرار في عمليات قصفٍ عشوائي لكافة مناطق القطاع؛ بهدف تدمير البنية التحتية أولاً، ومحاولة طمر أنفاق المقاومة ثانياً تحت الأنقاض؛ علَّ ذلك يضعف المقاومة ويشتت خططها.
ومن ثمَّ قد تبدأ "اسرائيل" حرباً برية واسعة على القطاع تهجّر على اثرها نصف سكان القطاع على الأقل والذي يفوق تعدادهم الـ٢ مليون، إضافة إلى محاولة التخلص من المقاومة الفلسطينية أو تعطيل قدراتها.
لماذا تسعى "اسرائيل" إلى ذلك؟
بات مؤكداً وفق التقارير الغربية أنَّ "اسرائيل" كانت تنوي بدء عملية عسكرية في غزة بعد انتهاء أعيادهم، إلى أن المقاومة باغتتهم في هجومها المنظم والكاسح، لكن لماذا كانت تعد اسرائيل لعمليتها؟
ببساطة فإن اسرائيل تسعى لإنشاء قناة "بن غوريون" والتي ستمر من البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى البحر الأحمر؛ لتسحب البساط من مصر وتنهي أهمية قناة السويس، اضافة إلى أن القناة ستقلل من اهمية طريق الحرير الذي بدأت مشروعه الصين ليربط بين أسيا وأوروبا.
هل ستشتعل المنطقة؟
من المتوقع أن تشتعل المنطقة وأن تدخل في حرب اقليمية في حال الإستمرار بتطبيق المخطط الإسرائيلي، وهذا ما دعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحريك ناقلة طائراتها جيرالد فورد إلى المنطقة، وتحمل على متنها أكثر من ٥ الاف جندي وأكثر من ٩٠ طائرةً حربية؛ في رسالة سياسية للدول أو المنظمات التي قد تقدم على التدخل لتعطيل المشروع الإسرائيلي.
ولكن رغم التهديد الغربي إلا أنَّ ذلك قد لا يمنع من نشوب حرب اقليمية لا سيما من الجبهة الشمالية من خلال حزب الله ذراع ايران، وقد شاهدنا تطوراً ملحوظاً في العمليات العسكرية يوماً بعد يوم منذ بدء المعركة قوبل بانخفاض حدة التصريحات الغربية تجاه دعم اسرائيل.
ما مخاطر المخطط الإسرائيلي؟
لن يشكل المخطط مخاطر على الوجود الفلسطيني في غزة فقط، إنما ينذر في حال نجاحه بدعم غربي بانهاء القضية الفلسطينية؛ فالقضاء على قوة المقاومة وتهجير مئات الآلاف إلى صحراء سيناء سينهي عملية السلام الموؤدة وسيعبد الطريق لإسرائيل للمضي قدماً في مخططاتها.
كما وينذر المخطط بوجود مخاطر على المملكة الأردنية الهاشمية؛ حيث ستتوجه انظار اسرائيل في حال نجاحها باجتياح غزة إلى الضفة الغربية والعرب المقيمين في الأراصي المحتلة؛ لتقوم بعملية شبيهة بتهجير سكان الضفة إلى الأردن، وانتزاع الجنسية الإسرائيلية من عرب اراضي عام ٤٨؛بحجة يهودية الدولة.
هل سينجح المخطط؟
من المؤكد أن الدول العربية وقبلهم الفلسطينيين سيرفضون الخطوة الإسرائيلية الغربية، وهو ما قد يشعل فتيل الحرب الإقليمية بين اطرافٍ مختلفة؛ فقد رفضت مصر سابقاً حلّ النزاع على حساب تهجير أهل غزة، كما أكدت الأردن اليوم على لسان وزير الخارجية أنها لن تقبل تكرار نكبة جديدة للشعب الفلسطيني،كما وهددت حزب الله بدخول الحرب في حال قررت اسرائيل خوض هجوم بري على غزة.
وقبل حسابات الدول لا زالت المقاومة الفلسطينية تملك الكثير في جعبتها والتي لن تفصح عنه إلا في حال قرر الإسرائيليين المضي قدماً نحو مقبرة واسعة لجنودها المترددين.
*ماذا سيفعل الحراك الدبلوماسي؟
رغم أن المواقف العربية كانت خجولة في بداية المعركة وتواجهت مع تصريحات غربية دعمت اسرائيل بوضوح، إلا أنَّ الخطاب السياسي العالمي انخفضت حدته نسبياً.
وسهد الموقف الأردني تطوراً لافتاً وصارماً، للعالم واسرائيل، حيث بدأ الملك عبدالله الثاني جولة أوروبية يلتقي خلالها رؤساء أكبر العواصم الداعمة لإسرائيل، ليؤكد على ضرورة الوقف الفوري للعدوان، وادخال المساعدات الانسانية للقطاع من خلال ممرات أمنية.
حراكات الملك على الصعيد الدولي اقترنت بحراك دبلوماسي لوزير الخارجية على الصعيد الإقليمي والعالمي يؤكد رفض تهجير الفلسطينيبن ويدعوا اسرائيل إلى احترام القانون الدولي ووقف العدوان بشكل فوري، فيما شدد الموقف الحكومي في تصريحات لرئيس الوزراء - وزير الدفاع، ووزير الاتصال الحكومي اقترنت بتصريحات لأعضاء مجلس الأمة، أعيان ونواب، على وحدة الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي تجاه الإبادة التي ترتكبها اسرائيل على قطاع غزة منذ نحو ١٠ أيام.
كما وشهد الموقف المصري- السعودي تطوراً لافتاً حيث شدد ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقائهما بشكل منفصل لوزير الخارجية الأمريكي على ضرورة الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها وادخال المساعدات لأبناء القطاع، اضافة إلى اتخاذ الجانب المصري لقرار يقضي برفض خروج اي اجنبي من القطاع قبل السماح بدخول المساعدات.
واستطاعات الحشود العربية والغربية المتظاهرة في مختلف عواصم العالم أن تضغط على قادة بعض الدول الغربية لإتخاذ موقف حازم من العدوان الإسرائيلي على المدنيين، مما يدلل على أن الحراك الدبلوماسي قد يوقف كل شيء ويمنع المنطقة من الإنجرار إلى حرب اقليمية قد لا يحمد عقباها.