د. محمد حسين المومني
حادث أليم مفجع عايشه الأردنيون على مدى الأيام الماضية من انهيار عمارة على سكانها في واحد من أقدم وأعرق أحياء عمان. الأردنيون غير معتادين على هكذا حوادث، يشاهدون حدوثها في دول مجاورة، ويحمدون الله انهم في دولة فيها من المؤسسية والرقابة ما يمنع حدوثها عندهم.
لكن الأخطاء تحدث وهي الآن في طور التحقيق منظورة أمام القضاء، والمعلومات الأولية تشير أن الحادث نتيجة خطأ فردي سينال مرتكبه عقوبته بموجب أحكام القانون، ولا تشكل الحادثة ظاهرة أو تؤشر على خلل عميق في الإجراءات أو المعايير كما يحلو للبعض ان يصوره. كثيرون صاروا خبراء إنشاء وأبنية يقدمون الفتاوى ويطلقون الأحكام عن انتشار ظاهرة ما حدث وهذا أبعد ما يكون عن المنطق والحقيقة.
حدثت الفاجعة وبسرعة انطلقت الكوادر المختصة للميدان لتقوم بواجباتها التي هي مدربة عليها. رئيس الوزراء وأمين عمان والوزراء المعنيون في الميدان، والأجهزة الأمنية تحكم السيطرة وتتعامل مع الحادث بكل احترافية. نائب جلالة الملك في مركز الأزمات وهو المركز الذي شيد لهذه الأحداث وغيرها، يتابع ما يحدث من خلال آلية عمل مركز الأزمات المتواجد به مندوبون من كل الأجهزة المعنية. جلالة الملك وسمو ولي العهد يتابعان من زيارة عمل رسمية مجريات الأحداث، ويهاتف الملك المدير الجديد للأمن العام متأكدا أن جميع الطاقات قد تم استنفارها للتعامل مع هذا الحدث. جلالة الملكة تغرد داعية الله الرحمة ورفع الشدة والبلاء لمن قضوا والصبر لأهليهم والسداد للمنقذين والمسعفين كبار البلد. تواصل الكوادر الميدانية عملها بالبحث والانقاذ، يتابع عملهم الأردنيون ويلتفون حولهم، اسموهم كبار البلد لانهم فعلا كبار في عيوننا كما في عيون الملك، الذي وقف لتحية أحدهم وهو في طريق السفر، شرطي سير أردنية كريمة يقول لها الملك كم هي كبيرة رفعت معنوياته. يعود الملك من السفر وعلى الفور إلى مركز الأزمات يرافقه ولي العهد، يستمعان لاخر الجهود ويوجه الملك باستمرار تكاملية الجهود واستدامتها وتوعية الناس بما حدث حتى لا يتكرر، يترافق ذلك مع تعاطف شديد مع أسر الضحايا من الملك وولي العهد كما باقي الأردنيين الذين احزنهم مصاب أردنيين فقدوا أعزاء لهم في الحادث.
على فجاعة ما حدث، إلا أن التعامل المؤسسي الاحترافي معه كان محترما، يؤشر على احترافية ومؤسسية وقدرة على مواجهة التحديات. وبالرغم من ذلك، ترى البعض، وهم قلة والحمد لله، ارادوا استغلال ما حدث لبث الشر والسواد، ولتسجيل أهداف سياسية رخيصة ليس هذا وقتها ونحن نمر في شدة. عجيب أمر هؤلاء الذي يستغلون مصائبنا لتوجيه القدح السياسي وذلك عمل أقل ما يقال عنه انه غير اخلاقي. لسنا بلد بلا تحديات ولا نعيش في المدينة الافلاطونية الفاضلة ولا في الجنة، فالأخطاء تحدث، وبيننا كما كل مجتمعات العالم متجاوزون بل ومجرمون، لكن لدينا الكثير من الخير والصلاح والاستقامة ومؤسسات قادرة على التعامل مع أي تجاوز. معيب ولا أخلاقي استغلال جرحنا في اللويبدة لتسديد ضربات سياسية من تحت الحزام فهذا والله قمة السقوط الأخلاقي.
المصدر: صحيفة الغد