جلسات المناقشة العامة

قرر مجلس النواب يوم أمس تأجيل جلسته الرقابية التي طلبتها الأغلبية المطلقة من أعضائه لمناقشة اتفاق النوايا الذي وقعته الحكومة - ممثلة بوزير المياه - مع كل من دولة الإمارات الشقيقة والكيان الإسرائيلي وموضوعه البحث في جدوى إنشاء مشروع مشترك للطاقة والمياه، حيث يعتبر البعض جلسات المناقشة العامة من أشكال الرقابة البرلمانية التي تثبت لمجلس النواب بموجب نظامه الداخلي.

 

لقد عرّفت المادة (131) من النظام الداخلي لمجلس النواب "المناقشة العامة" بأنها تبادل الرأي والمشورة بين المجلس والحكومة، حيث تجيز المادة (132) من النظام ذاته لكل كتلة أو ائتلاف نيابي أو ما مجموعه (15%) من النواب أن يتقدموا إلى المجلس بطلب عقد جلسة نيابية لمناقشة أي أمر من الأمور والقضايا العامة. كما يثبت للحكومة الحق في أن تطلب عقد مثل هذه الجلسة مع مجلس النواب للغايات ذاتها.

وفي كلتا الحالتين، فإن طلب المناقشة العامة يجب أن يقدم خطيا إلى رئيس مجلس النواب الذي عليه أن يدرجه في جدول أعمال أول جلسة برلمانية تالية، ومن ثم يقوم المجلس بتحديد موعد جلسة المناقشة العامة في موعد لا يتجاوز أربعة عشر يوما من تاريخ الإدراج، ما لم يقرر المجلس نفسه أن موضوع جلسة المناقشة العامة غير صالح للنقاش، فيقرر استبعاد الطلب.

ومن خلال استعراض نصوص النظام الداخلي لمجلس النواب ذات الصلة بالمناقشة العامة، نجد بأنها لم تبين الآثار الدستورية التي قد تترتب على عقد هذه جلسات وتبعاتها، في حال عدم اقتناع مجلس النواب بما جرى مناقشته في الجلسة، وفيما قدمته الحكومة من مبررات تتعلق بواقعة أو مسألة معينة. فقد اكتفت المادة (134) من النظام الداخلي لمجلس النواب بالإشارة إلى حق مجلس النواب بطرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها بعد انتهاء المناقشة العامة، وهو الحق الدستوري المكرس للمجلس المنتخب الذي يتماشى مع أركان نظام الحكم النيابي البرلماني الكامل الذي تبنته المادة الأولى من الدستور.

ولم تختلف أحكام جلسة المناقشة العامة في مجلس الأعيان عنها في المجلس المنتخب، حيث أورد النظام الداخلي للمجلس الأعلى الأحكام القانونية ذاتها الواردة في النظام الداخلي لمجلس النواب، وذلك فيما يخص حق الأعيان والحكومة في طلب جلسة المناقشة العامة، ووجوب تحديد موعدها خلال أربعة عشر يوما ما لم يقرر المجلس رفض الطلب كون الموضوع لا يصلح للنقاش.

وقد أوردت المادة (102) من النظام الداخلي لمجلس الأعيان حكما مفاده أنه يتعين على رئيس المجلس أن يبلغ رئيس الوزراء عند الانتهاء من جلسة المناقشة العامة بنتائجها. إن رئيس الوزراء يفترض به أن يكون حاضرا لجلسة المناقشة العامة ومشاركا فيها، وأنه في حال عدم حضوره سيمثله نائب رئيس الوزراء الذي يتعين عليه أن يقوم بإعلام الرئيس بمخرجات هذه الجلسة التي عُقدت مع السادة الأعيان.

إن جلسة المناقشة العامة بأحكامها الحالية لا ترقى إلى اعتبارها من وسائل الرقابة النيابية لعدة أسباب، أهمها أنه ليس بالضرورة أن كل طلب لعقد هذه الجلسة يتم الموافقة عليه من قبل المجلس المعني، إذ يمكن اعتبار الموضوع غير صالح للمناقشة واستبعاده. كما أن النظام الداخلي لمجلس النواب لم يرتب أي آثار قانونية ودستورية على عدم اقتناع الأعضاء المنتخبين بمخرجات هذه الجلسة، باستثناء الإحالة إلى الأحكام الدستورية العامة المتعلقة بثبوت الحق لمجلس النواب في طرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها.

 

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية